اعتبر محللان أن الحادثة الإرهابية، التي حدثت أمس الجمعة، في أحد فنادق محافظة سوسة، شرق تونس، تعد ضربة مباشرة للإقتصاد التونسي عموماً، وللسياحة على وجه الخصوص، التي تشكو أزمات متتالية منذ الثّورة. وتسببت الحادثة بمقتل 28 شخصًا وجرح 36، من جنسيات بريطانية وألمانية وبلجيكية وتونسية. وبحسب المحللين الذّين تحدثا للأناضول فقد تفاقمت أزمة السياحة أكثر مع الهجوم الدّموي الذّي ضرب متحف باردو بالعاصمة تونس شهر مارس/آذار المنقضي والذّي أدّى إلى مقتل 21 سائحا، لتزيد حادثة سوسة القطاع السياحي انهيارا أكبر. وقال المحلل الاقتصادي صادق جبنون، للأناضول إن " هذه الحادثة، تعّد ضربة مباشرة للإقتصاد التّونسي وللسياحة التّي تعيش موسمًا متواضعًا جدّاً، وشهد تراجعا خاصة بعد حادثة باردو، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة انهيارًا للإقتصاد في تونس". وأضاف أنه "على الحكومة التّعامل بعقلية الطوارئ الاقتصادية، آي بمعني تسريع الإصلاحات الهيكلية المستوجبة، والانطلاق في الإصلاح الإداري وإصلاح القطاع البنكي ودعم قطاعي الفلاحة والصناعة". وشدد جبنون على أهمية "دعم دور الجالية التونسية في الخارج، التي فاقت تحويلاتها في 2014 عن 3.8 مليار دينار (1.96 مليار دولار)، وهي مرشحة لأن تصل (2.5 مليار دولار)، إذا ما توفرت لها التّشجيعات الضرورية، كتقليص كلفة تحويل العملة وتالقضاء على الممارسات الخاطئة مثل ظاهرة الرشوة والفساد المالي". و تابع أنه " يمكن كذلك لقطاع الفلاحة أن يؤدّي دورًا رئيسًا، في إنقاذ الاقتصاد التونسي، علماً بأن عائدات صادرات زيت الزيتون، حتى الآن ، بلغت 696 مليون دولار، مسجلة فائضا في الميزان التجاري الغذائي، ويمكنها أن تعطي أكثر إذا ما دعم هذا القطاع من خلال التمويل والتكنولوجيا". وأشار جبنون أن " هذه الحادثة سوف تؤثر في تدفق السياح على تونس، وسوف تختصر الموسم السياحي، ولكن لا بد من إعادة هيكلة هذا القطاع الذي يعاني من نسبة مديونية عالية تتجاوز 2.06 مليار دولار، وانطلاقه على أسس جديدة، ومنها التوجه إلى أسواق لا تتأثر كثيرا بعامل الإرهاب، كالسوق الأسيوية وخاصة الصين". وتعليقا على المخاوف المنتشرة لدى الرأي العام التونسي اعتبر أنه "لا يجوز القول بأن السياحة انتهت في تونس، فصحيح أن الضّربة قوية لكنها ليست أقل حدّة من تسونامي الذي ضربت قبل عشر سنوات تايلاند وهاهي الآن من أكبر الوجهات السياحية". وشدّد على أنه "لا بدّ من رفع جودة الخدمات، مع التوجه إلى أسواق جديدة لا تتأثر بالإرهاب مثل الصين والسوق الإفريقية." من جانبه قال المحلل الاقتصادي فتحي النوري، للأناضول غن "ما عرفته سوسة اليوم، عبارة عن رصاصات جديدة في جسم الاقتصاد التونسي، وهو جسم منهك ينهار يومًا بعد يوم وسنة بعد سنة." كما لفت أن "ما حدث اليوم لا يستهدف السياحة فقط، وإنما 18 بالمائة من حجم الاقتصاد التّونسي، خاصّة القطاعات التّي تنتعش من السياحة كالنقل". وأضاف أن "الحادثة تأتي في وقت يمر فيه الاقتصاد التّونسي حاليا بصعوبات يبحث عن عودة للنمو، ولكنّ هذه الضربة أفشلت ذلك، ومن المعلوم أن الأحداث الإرهابيّة تؤثر على المجتمع التّونسي، وهو ما يقلل من إنتاجيته وإقباله على العمل وبالتّالي يؤثر في الاقتصاد عموما". وتابع أن "الإرهابيين تلقوا ضربة موجعة في الجبال، وفي مجابهة الأمن لهم، ليغيروا من استراتيجيتهم ويتحوّلوا إلى أماكن ليس فيها وجود أمني مكثف، وكل ذلك يأتي في وقت تجندت فيه الحكومة أمنيًا، ولكن الإرهابي هو من يخطط وليست الدولة، فهو من يأخذ السبق وهو ما حصل اليوم في سوسة." وبلغت عائدات السياحة في الأشهر الخمسة الأخيرة 966.1 مليون دينار (497.6 مليون دولار) متراجعة 15.1 بالمائة مقارنة مع 2014 التي سجّلت 1.138 مليار دينار، بحسب آخر إحصاءات لوزارة السياحة. كما تراجع عدد السياح الوافدين على تونس إلى 1.935.343 وافدا بعد أن كان يقدّر في الفترة نفسها من السنة الماضية ب 2.324.906 مسجّلا تراجعاً بنسبة 16.8 في المائة.