واشنطن: قال تقرير أمريكي جرى تصنيفه على أنه الخطة "ب" بالنسبة للرئيس باراك أوباما إن الحرب في أفغانستان قد أعطت نتائج عكسية وبالتالي يتعيَّن تقليص عدد القوات والأهداف في تلك البلاد. وأوضح التقرير الذي شاركت فيه حوالي 50 شخصية من العلماء وصناع السياسية في الولاياتالمتحدة أن واشنطن ليست بحاجة لهزيمة طالبان التي وُصفت كحركة ذات أهداف محليَّة، وليس من المحتمل أن تستعيد سيطرتها على أفغانستان. وبدل أن تواصل الولاياتالمتحدة تصعيد عملياتها الحربية في أفغانستان، رأى التقرير أن لواشنطن مصلحتين حيويتين اثنتين فقط في تلك المنطقة: منع أفغانستان من التقهقر كي لا تصبح ملاذا لمتطرفي القاعدة، وضمان سلامة الأسلحة النووية الباكستانية. وقال ماثيو هوه مدير المجموعة التي أعدت التقرير وأُطلق عليها اسم مجموعة دراسة أفغانستان: "ما دأبنا على فعله لسنوات عدة ليس فاشلا وحسب، بل قد أعطى نتائج عكسية". وأضاف هوه، الذي خدم في السابق في البحرية الأمريكية واستقال العام الماضي من موقع كان يشغله في وزارة الخارجية بسبب خلافات بشأن السياسة حيال أفغانستان، قائلا: "نحن بحاجة إلى تقديم بديل آخر إلى المكتب البيضاوي". ووصف معدّو التقرير بأنه دراسة تتجاوز حدود الأحزاب، وذلك على الرغم من أن العديد من المشاركين فيه هم من منتقدي الحرب. وقد امتدح مايك هوندا، وهو عضو كونجرس عن ولاية كاليفورنيا وليبرالي من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس أوباما، التقرير وطالب بإعداد نسخة منه تحصل على مصادقة البرلمان عليها على غرار التقرير الفعال عن حرب العراق، والذي نُشر عام 2006. وقال هوندا، الذي شارك مستشاره لشؤون السياسات، مايكل شانك، بإعداد الدراسة: "يقدِّم التقرير إعادة تفكير، نحن بأمس الحاجة إليها، بشأن الحرب في أفغانستان، وخصوصا إذا ما أخذنا بالحسبان موقف واشنطن الأقرب إلى الصمت حيال البدائل". يُشار إلى أن الولاياتالمتحدة كانت قد أطاحت بحركة طالبان من الحكم في أفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001. وذكر التقرير أن الحرب في أفغانستان تكلِّف دافعي الضراب الأمريكيين 100 مليار دولار أمريكي كل عام، أي أكثر بسبع مرات من قيمة الناتج القومي لأفغانستان. من جانبه، قال بول بيلار، وهو بروفيسور في جامعة جورج تاون ومحلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وأحد المساهمين في إعداد التقرير: "لقد فقدت سياسة الولاياتالمتحدة بالتأكيد رؤيتها على المقارنة الحذرة بين كلفة وفائدة خوض الحملة المتواصلة ضد المسلحين هناك". وقد دعت الدراسة أوباما إلى المضي قدما، أو حتى تسريع الموعد النهائي لبدء سحب بعض القوات من أفغانستان، وهو شهر يوليو/تموز المقبل. وجادل التقرير بأنه إن كان هنالك من أثر قد خلَّفه الجيش الأمريكي في أفغانستان فهو دفع البشتون إلى التطرف، إذ تحولوا إلى المسلحين كطريقة لطرد القوات الأجنبية من البلاد. وبهذا الصدد قال بيلار: "هدف إلحاق الهزيمة بطالبان وجلب الاستقرار لأفغانستان بات يُعامل كنوع من الهدف بحد ذاته، وهو ليس بذلك". إلاَّ أن التقرير لم يوصِ بالسحب الكامل للقوات من أفغانستان، إذ قال إنه يتعين على الولاياتالمتحدة أن تستعد لتدمير أي خلية من خلايا القاعدة تحاول إعادة ترتيب صفوفها في تلك البلاد. كما رأت الدراسة أيضا أن أي سحب فوري للقوات من أفغانستان قد يضر بوضع النساء الأفغانيات التي قُمعت حقوقهن في ظل حكم طالبان. وأقر معدو التقرير بأن دراستهم قد تلقى معارضة قوية من قبل بعض الأطراف، لكنهم قالوا أيضا إن هدفهم هو إثارة النقاش والجدل بشأن وضع الحرب في أفغانستان. ويأتي التقرير الأمريكي في الوقت الذي اعلن فيه الدبلوماسي البريطاني شيرارد کوبر-کولز استقالته من منصب الممثل الخاص لبلده لدى افغانستان وباکستان بسبب اختلافه مع مسؤولين من الولاياتالمتحدة بشأن السياسة المتبعة ازاء افغانستان. وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية ان شيرارد کوبر-کولز اصطدم مع کبار مسؤولي حلف شمال الاطلسي والولاياتالمتحدة بشأن الاصرار على أن الجهود العسکرية للغرب في افغانستان تتجِه الى الفشل، وأن الاولويةَ يجب أن تعطى للمحادثات مع طالبان. وقالت انه کان على خلاف ايضا مع مارك سيدويل وهو دبلوماسي بريطاني آخر هو الممثل المدني لحلف شمال الاطلسي في کابول. واكدت وزارة الخارجية البريطانية أن وزير الخارجية وليام هيج وافق على استقالة کوبر-کولز. وکان کوبر-کولز السفير البريطاني السابق لدى کابول في عطلة ممتدة منذ عدة أشهر.