تنطلق غدا الأربعاء اجتماعات مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأفريقي تمهيدا لرفع توصياتهم إلى قمة رؤساء الدول والحكومات يومي 14 و 15 حزيران/يونيو الجاري. ومن المرجح أن تهيمن الصراعات فى بورونديوجنوب السودان والصومال ونيجيريا على أجندة مباحثات رؤساء 54 دولة أفريقية خلال قمة الإتحاد الأفريقي ال 25 المقررة يومي 14 و15 من يونيو الجاري بمدينة جوهانسبيرج في جنوب أفريقيا. كما أنه من المتوقع أن تناقش القمة وضع مجموعة أهداف جديدة لتحقيق أهداف الألفية الإنمائية عام 2015 ومن المتوقع أن يتم أيضا مناقشة العلاقات مع المحكمة الجنائية الدولية؛ والانقلابات التي تشهدها القارة من حين لأخر. وتعقد القمة الأفريقية؛ في ظل تحديات سياسية واقتصادية كبيرة وتباينات بين القادة الأفارقة حول عدد من القضايا المحورية مثل مكافحة الارهاب ومنع التعديل الدستوري ورفض تمديد الفترة الرئاسية؛ ومواجهة محكمة الجنايات بموقف أفريقي موحد؛ والاتفاق على ممثل أفريقيا في مجلس الأمن الدولي. وتنتظر القمة التي تستضيفها جنوب افريقيا العديد من الملفات الساخنة ومن المرتقب أن تحدد مستقبل الاتحاد الأفريقي أهمها: ( تحديد فترة رئاسية أقصاها ولايتين رئاسيتين؛ ومنع تعديل الدساتير). وكشف مصدر دبلوماسي افريقي رفيع، رفض الكشف عن اسمه، عن مقترح تتبناه جنوب افريقيا بتحديد الفترة الزمنية للولاية الرئاسية. ونقلت وكالة الأناضول عنه قوله إن أكثر من 15 رئيسا افريقيا قاموا بتمديد فترة ولاية رئاستهم بتعديل دستوري وتحولت جمهوريات الى ملكية. وذكر المصدر أن زيمبابوي التي تتولى رئاسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي تقدمت بمقترح يدعو الدول الاعضاء في محكمة الجنايات الدولية للانسحاب من المحكمة. وملف النزاعات التي تعصف بعدد من الدول الأفريقية مثل جنوب السودان التي زادت فيه التباينات، وأخرها الاتحاد الأفريقي الذي عين ألفا (عمر كوناري ) رئيس مالي السابق ممثلا خاصا له بجنوب السودان. وسبق ذلك تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول استخدام القوة ضد المدنيين؛ وتأجيل تقرير اللجنة في القمة السابقة التي استضافتها أديس ابابا في 30/31 يناير الماضي، كل هذه القضايا ستشكل الحضور الماثل أمام الرؤساء في القمة. وجنوب أفريقيا وتنزانيا ودول الإيغاد التي ترعى المفاوضات بين طرفي الصراع منذ اندلاع الأزمة في ال 15 من ديسمبر 2013 والترويكا التي أبدت عن عدم رضاها؛ ولاسيما الاوضاع في بورندي كل هذا سيفتح المجال لمناقشة ملف النزاعات والصراعات والانقلابات التي تشكل التحدي الأكبر الذي سيواجه القادة الأفارقة في قمة (جوهانسبيرج). هذا بالإضافة إلى ملف الارهاب الذي تمثله جماعة بوكو حرام وحركة الشباب الصومالية، والتي كانت ابرز اجندة القمة السابقة وتم تحويلها لهذه القمة لتشكيل قوة مكافحة الارهاب للقضاء عليها. والأزمة الليبية هي الأخرى ستفرض نفسها على القمة بقوة خاصة في ظل الاستقطابات والتباينات الكبيرة بين دول الجوار الليبي وخاصة القاهرة والجزائر، اللتان تمثلان احد مراكز الصراع واتجاهان مختلفان؛ ولجنة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا وتضم 16 دولة أوروبية وعربية، إلى جانب الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي التي ستعقد على هامش القمة اجتماعاتها بحضور مبعوث الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي، وستقوم بتقديم تقريرها رغم الخلافات التي ستظهر على السطح بين الدول العربية حول الازمة الليبية وستنقسم بين مؤيد لحكومة طبرق واخرى لطرابلس. وتقول الاوساط المراقبة ان هناك مجموعة تقودها القيادة الرشيدة في افريقيا وترى هذه المجموعة أن فكرة التوريث والجمهوريات الملكية يجب اسقاطها . وتجد هذه المجموعة دعما من جنوب افريقيا وبعض دول غرب افريقيا في الوقت الذي يحيط فيه الغموض بدول شرق ووسط وشمال افريقيا، متهمة بإحداث تعديلات في الدستور لتمديد الحكم وتمديد الولاية. وعملية التجديد الحزبية والديمقراطية المفتوحة خلقت جماعات العنف العابر للحدود. والقيادة الاصلاحية وانصار الحكم الرشيد يقولون هذا غير صحيح وهم يتجاوزون نصف رؤساء القارة. لكن الانتخابات التي جرت في نيجيريا وتنزانيا واثيوبيا وهي دول محورية يمكن ان يخلق نوعا من التوافق. ويمكن ان يصلوا الى حلول وسط وايجاد مخرج لمسألة تحريم تعديل الدستور. ويرى المراقبون ان طرح الموضوع في حد ذاته في قمة (جوهانسبرج) يعتبر تغيرا نوعيا لان قمة (ديربان) عام 2002 اقامت مراسم الدفن لمنظمة الوحدة الافريقية، وانشأ الاتحاد الافريقي على انقاضها، كما اقرت بعدم الاعتراف بالانقلاب العسكري . وبعتبر سقف التفاؤل مرتفعا في هذه القمة نظرا لمساحة الحريات التي تتمتع بها جنوب افريقيا والتي يمكن ان تحدث تغيرات كبرى خاصة فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية وتمثيل افريقيا في مجلس الامن الدولي. وهي قضايا يمكن ان تناقش بصوت عالٍ.وجنوب افريقيا من الدول الموقعة لميثاق المحكمة وهي في موقف صعب . وتتجه الانظار نحو الرئيس السوداني عمر البشير الذي تلاحقه المحكمة وهل قمة جنوب أفريقيا ستستضيف البشير أم لا ؟ هناك تضارب في الانباء حول مشاركة البشير في القمة في ظل تسريبات ان جنوب افريقيا لم تقدم له الدعوة. وكانت ملاوي قد رفضت استضافة البشير في القمة الافريقية وتم تحويل القمة الى اديس ابابا. وينتظر من القمة ان تحسم قضايا مهمة مثل توحيد المواقف الافريقية تجاه قضايا عديدة، مثل :انشاء قوات التدخل السريع وتوحيد مفهوم مكافحة الارهاب؛ واحداث العنف التي جرت في جنوب افريقيا ستمثل تحديا واحراجا لجنوب افريقيا. وطغت على القمة السابقة قضايا الامراض "ايبولا" ومكافحة الارهاب والتعاون الاقتصادي. ويشعر الافارقة بعدم الرضى وهذه تمثل واحدة من نقاط الضعف لجنوب افريقيا. واكبر الكاسبين ستكون القضية الفلسطينية ؛ وتعتبر جنوب افريقيا دولة منحازة لصف القضية الفلسطينية حيث تمثل قرارات التضامن الافريقي مع فلسطين .فهناك مقاطعة لمنتجات المستعمرات الاسرائيلية الى جانب المزيد من التنديدات. الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي لم تتأكد مشاركته سيواجه بمظاهرات من منظمات المجتمع المدني التي بدأت تجهز نفسها وتطالب بالإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي. والسؤال المحوري الذي سيفرض نفسه يقول: هل ستنجح قمة (جوهانسبيرج ) في احتواء الأزمات والتباينات وتخرج بمقررات قوية كما فعلت قمة "دربن"عام 2002 عندما نجحت في ولادة الاتحاد الإفريقي من رحم منظمة الوحدة الإفريقية التي قام بتأسيسها الآباء الأوائل!