بات سكان غزة، اليوم الأحد، في عزلة تامة عن العالم الخارجي، عقب إغلاق كافة المعابر الحدودية والمنافذ التجارية للقطاع. وأغلقت السلطات الإسرائيلية، صباح اليوم الأحد، معبري "كرم أبو سالم" - المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة، وبيت حانون "إيريز" - المخصص لعبور الأفراد، دون أن تحدد مدة إغلاقهما، لتصبح كافة معابر القطاع مغلقة بالتزامن مع استمرار إغلاق معبر رفح البري الواصل مع مصر. وجاء إغلاق الجيش الإسرائيلي للمعبرين الوحيدين بين قطاع غزة وإسرائيل ردًا على قيام فلسطينيين بإطلاق قذيفة صاروخية على جنوبي إسرائيل مساء أمس السبت. وقال أفيخاي ادرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، في تغريدة على "تويتر" إنه "في أعقاب إطلاق الصواريخ من قطاع غزة في الأيام الأخيرة قرر وزير الدفاع موشيه يعالون إغلاق معبري كيرم شالوم (كرم أبو سالم)، وإيريز (بيت حانون) باستثناء حالات إنسانية عاجلة". وبإغلاق المعبرين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية، بالتزامن مع إغلاق السلطات المصرية، لمعبر رفح البري الواصل بين مصر وقطاع غزة، يكون (1.9 مليون فلسطيني)، قد أصبحوا معزولين عن العالم بشكل كامل. وكان القطاع في السابق، يتمتع بسبعة معابر تخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل، فيما يخضع المعبر السابع، (رفح البري)، للسيطرة المصرية. لكن إسرائيل، أقدمت بعد سيطرة حركة حماس على القطاع في صيف عام 2007، على إغلاق 4 معابر والإبقاء على معبرين فقط، هما كرم أبو سالم، كمنفذ تجاري، وبيت حانون "إيريز" كمنفذ للأفراد. ويقول "منير الغلبان" مدير الجانب الفلسطيني في معبر كرم أبو سالم، لوكالة "الأناضول": "إنّ إغلاق المعبر، ولو ليوم واحد يعطل الحركة التجارية في قطاع غزة، وينعكس سلباً على توريد الوقود والغاز إليه". وأضاف أن "الإغلاق المتكرر للمعبر سواء في الأعياد اليهودية أو لحجج أمنية، ولو ليوم واحد يزيد من معاناة سكان قطاع غزة". ولفت الغلبان إلى أن معبر كرم أبو سالم بات المنفذ الرئيسي والوحيد أمام إدخال مستلزمات الحياة لسكان غزة، عقب شلل حركة الأنفاق الممتدة على طول الحدود المصرية الفلسطينية. ويغلق معبر كرم أبو سالم يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، عدا عن إغلاقه لأيام أخرى بسبب الأعياد اليهودية، أو لذرائع أمنية إسرائيلية. ولا يلبي معبر كرم أبو سالم كافة المتطلبات الاقتصادية والإنسانية لقطاع غزة، والذي يحتاج وفق لجنة إدخال البضائع في وزارة الاقتصاد الفلسطينية من 700 إلى 900 شاحنة يوميًا، ولا يتم إدخال سوى 300-400 شاحنة بما لا يتجاوز 30% من الاحتياجات اليومية لقرابة مليوني فلسطيني. ويتزامن إغلاق معبرّي "كرم أبو سالم" و"إيريز"، مع إغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح البري الذي يربط قطاع غزة بمصر، وهو مخصص لعبور الأفراد فقط. وذكرت وزارة الداخلية في قطاع غزة، في إحصائية سابقة أصدرتها في مايو/ أيار الماضي، إن "معبر رفح البري شهد أسوأ إحصائية للعمل منذ عام 2009، حيث تجاوزت فترة إغلاق المعبر منذ بداية العام الجاري(حتى تاريخ إصدار الإحصائية) ال130 يومًا، في حين عمل بشكل جزئي لمدة 5 أيام فقط". وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لعبور الحالات الإنسانية، وذلك منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013 وما أعقبه من هجمات استهدفت مقار أمنية وعسكرية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود. وفي سياق متصل، استنكرت اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن غزة(غير حكومية) إغلاق إسرائيل لمعابر قطاع غزة. وقالت اللجنة في بيان أصدرته اليوم الأحد، وتلقت وكالة "الأناضول" نسخة منه، إنه "لا يجوز إغلاق المعابر تحت أي مبرر سياسي أو أمني، وعلى المجتمع الدولي أن يتدخل لفتح كافة معابر القطاع". واعتبرت أن أي إغلاق للمعابر هو "استهداف واضح لأي إمكانية لاستقرار الأوضاع في غزة". وتابعت اللجنة بأن "ما تدخله المعابر إلى غزة يأتي في إطار الاحتياجات الإنسانية والمساس بها وإغلاقها يتناقض مع كل الاتفاقات ويستوجب عقوبات دولية على إسرائيل". وأوضحت أن قرار إسرائيل إغلاق معابر غزة يأتي في إطار ما وصفته ب" إغلاق المغلق وحصار المحاصر". ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية(حماس)، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي. واستمرت إسرائيل في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو/ حزيران 2014. وترصد بيانات البنك الدولي أن "سكان غزة يعانون من سوء الخدمات العامة الأساسية وتدني جودتها، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، ويحصل نحو 80% من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية المحدودة من منظمات دولية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر".