نفى رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أسامة صالح ما تردد عن انسحاب استثمارات أجنبية من مصر عقب ثورة 25 يناير، مؤكدا أن مصر نجحت في جذب ما يزيد عن 5.2 مليار دولار تدفقات من استثمارية أجنبية جديدة، رغم الأوضاع التي عانتها على الصعيد الأمني والسياسي بعد الثورة. وأكد صالح - خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الثلاثاء مع رئيس البورصة المصرية على هامش توقيع اتفاقية تعاون بين هيئة الاستثمار والبورصة- أن الأموال الأجنبية التي خرجت تركزت فقط في قطاع البترول، وكانت عبارة عن أرباح نشاط لشركات أجنبية تم صرفها وليست استثمارات فعلية.
وأشار إلى أن الأرقام تؤكد ثقة المستثمر الأجنبي في مصر والاقتصاد المصري الذي أصبح واعدا وأكثر جاذبية بعد الثورة التي نجحت في التخلص من الفساد بالعديد من مؤسسات الدولة.
وكشف صالح عن أن مؤسسات عالمية تعتزم ضخ استثمارات جديدة في الفترة المقبلة على رأسها مؤسستا "أباتشي" للبترول و"كوكاكولا" الأمريكيتين اللتين أعلنتا عن خطط لضخ استثمارات تقدر بنحو 1.7 مليار دولار بداية من مطلع العام المقبل.
كما أعلنت شركة "جلاكسو" للأدوية العالمية عن ضخ استثمارات جديدة في مصر.
وأوضح أن مصر جذبت على مدار السنوات الخمسة الماضية ما يزيد عن 49 مليار دولار في صورة استثمارات ومشروعات، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة زيادة كبيرة في التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى مصر وبمعدلات أسرع.
ونوه صالح إلى أن الفترة الماضية شهدت تأسيس أكثر من 5 ألاف شركة باستثمارات تتجاوز 8 مليارات جنيه، شكلت نسبة الاستثمارات الأجنبية والعربية منها نحو 12 % بما يؤكد إقبال المستثمر غير المصري على تأسيس شركات جديدة والاستثمار في مصر.
وكشف رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أسامة صالح أن شركات عربية وخليجية تقدمت لهيئة الاستثمار في الأسابيع الماضية للحصول على تراخيص لتوسيع أنشطتها في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة منها "الفطيم" الإماراتية التي ستضخ أكثر من 350 مليون دولار استثمارات في نشاط مبيعات التجزئة بمصر.
وحول قيام بعض مؤسسات التقييم بتخفيض التنصيف الائتماني لمصر، قال صالح "إن هذا التخفيض جاء نتيجة أسباب سياسية وليست اقتصادية؛ مشيرا إلى أن الاستثمارات الأجنبية التي أعلنت عنها كبريات الشركات العالمية والتي سيتم ضخها في الفترة المقبلة تؤكد تجاهل المؤسسات الاستثمارية الدولية لهذه التقييمات والتي ستتغير بمرور الوقت، بعد استقرار الأوضاع السياسية.
وأشار إلى سياسة الحكومة المصرية في شرح الأوضاع الاقتصادية والفرص الاستثمارية أمام جموع المستثمرين من مختلف دول العالم، حيث يتم عقد لقاءات مستمرة مع سفراء الدول الأجنبية لعرض الفرص الاستثمارية الجديدة والأوضاع الاقتصادية بعد الثورة.
وأوضح صالح أن الفترة الماضية شهدت عودة الثقة للاقتصاد المصري من جانب المستثمرين الموجودين أو المقبلين على بدء استثمارات جديدة، وذلك في ظل سعي الحكومة لتحقيق معدلات نمو اقتصادي أفضل.
ولفت إلى أن الحكومة المصرية مهتمة بحل المشكلات والمعوقات التي تواجه المستثمرين، مشيرا في هذا الصدد إلى اجتماع رئيس مجلس الوزراء أمس المتعلق بتسوية 5 حالات من النزاعات مع المستثمرين، والتي سيتم الكشف عنها بعد اعتماد التسويات من مجلس الوزراء وهو الأمر الذي سينعكس إيجابا على نظرة المستثمر للاقتصاد المصري.
وأعلن صالح عن دراسة لتعديل قانون ضمان حوافز الاستثمار (قانون رقم 8) لتقديم المزيد من الضمانات للمستثمرين لحماية استثماراتهم بما يسهم في تيسير النزاعات الخاصة بالمستثمرين.
وأضاف أن الاقتصاد المصري لا يزال جاذبا أمام المستثمرين، وهو ما يعكسه حجم الصفقات على شركات مصرية من مستثمرين أجانب في الفترة المقبلة، منها استحواذ شركة "ألكترولوكس" السويدية على مجموعة "أوليمبك جروب" المصرية بقيمة قاربت 3 مليارات جنيه.
ويشار إلى أن عددا من الشركات التركية والهندية والعربية بدأت تتوسع في أعمالها بالسوق المصرية.
وحول الاستثمار في الصعيد، قال رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أسامة صالح "إن الصعيد يظل في الاستراتيجيات والاهتمامات الرئيسية للدولة، ولكن الأوضاع التي مرت بها مصر بعد الثورة ربما تكون قد عطلت استكمال بعض المشروعات، مشيرا إلى وجود مشروعات ضخمة مثل ممر التنمية وطريق البحر الأحمر وغيرها تظل تحت اهتمام الحكومة".
وأشار إلى أن صندوق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبالغ رأسماله نحو مليار جنيه سيساعد بشكل كبير في إحداث نقلة تنموية كبيرة في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، نافيا أن يكون الصندوق منقولا عن تجربة إسرائيلية.
ومن جانبه، أشاد الدكتور محمد عمران رئيس مجلس إدارة البورصة بالتعاون بين الهيئة العامة للاستثمار والبورصة وإطلاق مبادرة مشتركة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات الملاءة المالية الجيدة من أجل تنويع فرص حصولها على التمويل.
وقال عمران "إن الهيئة قامت بإتاحة جزء من قاعدة بياناتها للشركات لمساعدة إدارة البورصة في الترويج لقيد شركات جديدة في بورصة النيل، والتي تضعها البورصة نصب أعينها كأحد الأولويات التي تسعى إدارة السوق لتنشيطها وزيادة عدد الشركات المقيدة بها.
وتوقع أن تنجح قواعد التداول الجديدة لبورصة النيل -التي يستهدف العمل بها يوم 13 نوفمبر الجاري- وأن تعمل على تنشيط السوق، مشيرا إلى أن البورصة قامت بإعداد قائمة لأهم المؤشرات المالية لكافة الشركات المقيدة ببورصة النيل لإتاحتها لوسائل الإعلام بما يسهم في زيادة الوعي لدى المستثمرين، ويساعدهم في عملية اتخاذ القرار الاستثماري.
وكشف الدكتور محمد عمران رئيس مجلس إدارة البورصة عن أن الهيئة العامة للاستثمار أتاحت لإدارة البورصة استخدام بيانات أكثر من 8500 شركة مسجلة تتراوح رءوس أموالها من 5 ملايين إلى 100 مليون جنيه، وذلك لمخاطبة هذه الشركات من قِبل البورصة ومحاولة اجتذابها للقيد في السوق بما سيدخل استثمارات جديدة ويسهم في تنشيط أسواق العمل وتحقيق رواج اقتصادي ينعكس بشكل إيجابي على معدلات نمو الاقتصاد الكلي في مصر.
وأكد أن الاتفاق الموقع بين الهيئة العامة للاستثمار والبورصة المصرية يتضمن تأسيس صندوق لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو الصندوق الذي أسسته الهيئة لدعم بورصة النيل برأس مال يبلغ مليار جنيه، وهو ما سيسهل عمليات قيد شركات جديدة بها، ما سيسهم في دعم نمو هذه الشركات وزيادة استثماراتها.
وأشار عمران إلى أن أهم مؤشرات نجاح الصندوق هو مدى قدرته على اجتذاب شركات جديدة وقيدها في بورصة النيل كرافد تمويلي يساعد الشركات على النمو.
وشدد على أن مستقبل الاقتصاد المصري يرتبط بشكل كبير بمعدلات نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ لأنها تمثل في مجملها نحو 90 % من إجمالي الشركات في مصر، مؤكدا على أن فرص النمو المتاحة للكيانات الصغيرة في مجال الأعمال تتجاوز بكثير.
ومن ناحية أخرى، قال عمران "إن التخفيضات الأخيرة لتصنيف مصر الائتماني تأثرت بشكل كبير بالتوقعات غير المستقرة للمستقبل السياسي لمصر".
ولفت إلى أن هذه التصنيفات لم تكن ذات تأثير سلبي كبير على أداء سوق المال المصري، مشيرا إلى أن الجانب المالي والتحليل الأساسي للشركات هو ما يشغل المستثمرين بشكل أكبر عند اتخاذ القرار الاستثماري.