تعاني منطقة ابوقتادة غرب الجيزة من كثرة الباعة الجائلين والصوت العالي والضوضاء، والروائح الكريهة التي تصدر عن ترعة الزمر التي تأخذ نفس مسمى المنطقة ترعة (ابوقتادة). وفضلا عن الروائح الكريهة، فترعة "ابوقتادة" باتت مليئة بورد النيل والحشرات والقمامة والنفايات النافقة للحيوانات ومخلفات المنازل. وتنتشر في المنطقة ورش السمكرة والدوكو والصنايعية، وسمة المنطقة الزحام بسبب التكدس والمرور الخطأ وعكس الاتجاه، وانتشار "التوك توك"، وسيارات الأجرة القديمة. وبالرغم من الجهود التي تقوم بها محافظة الجيزة في مناطق عديدة، إلا أن "ابوقتادة" من حسابات المحافظة والمسئولين، اللذين تجاهلوا شكاوى واستغاثات الأهالي وضربوا بها عرض الحائط. الترعة سبب كل الأمراض الحاج محروس من أقدم سكان أبو قتادة، قال إن هناك أقاويل كثيرة حول الترعة، فتسمع أن طفلا ابتلعته الترعة وظهر بعد يومين أو ثلاثة، وسيدات المنطقة يعتقدن أن الترعة يسكنها الجان والعفاريت وهم الذين يخطفون الأطفال ويخيفونهم، وظهرت بدعة الدجل والسحر والشعوذة والأعمال وكان المواطنون يخافون الاقتراب من الترعة المسكونة؛ وليلاً كان يأتي المجرمون لإلقاء جثث بشرية بها. المهندس محمود حسانين، قال إننا نندرج تحت مسمى العشوائيات، والدولة تعاملت معنا على أننا غير آدميين، وأصبحنا خارج التنسيق والتخطيط الحضاري, ومن يسكنون أمام الترعة مباشرة يعيشون في مساكن أشبه ب "عشش الفراخ" بلا مياه أو كهرباء أو غاز طبيعي، مع العلم أن هذه الخدمات تمر من أمامنا للمناطق الأخرى المحيطة بنا لا يفصلنا عن جامعة القاهرة ومحطة مترو الأنفاق سوى شارع واحد، ولكن إذا أتت إلينا الخدمات تصرفها عنا "لعنة الفراعنة". أحمد عادل ، 22 عاما، طالب بالجامعة، قال إن المسئولين لا يستجيبون إلينا ولا يهتمون بنا ويعتبروننا زيادة عدد وأننا أموات، ولذلك يبقون على تلك المهزلة التي تسبب السرطان وانتشار البعوض والناموس الذي ينقل الأمراض مثل الكبد الوبائي الفيروسي والبلهارسيا والعديد من الأمراض الجلدية الخطيرة المعدية. وأضاف: طالبنا بردم الترعة أو تغطيتها، والمنطقة قابلة للتطوير، بهدم العشش وإزالة الورش الملوثة للبيئة والمباني التي لا يمكن تطويرها. أحمد محجوب من أهالي المنطقة وصاحب محل عطارة قال إن الترعة "الملعونة" تحاصرها القمامة من جميع الاتجاهات، فأصبح عنوانها الرائحة الكريهة والحشرات التي تنقل الأمراض، وقد تتسرب تلك الحشرات إلى المحلات فتفسد البضاعة الموجودة. "فوت علينا بكرا" عزيزة المحمدي تسكن بجوار الترعة مباشرة قالت مللت من كثرة ترددي على مكتب المحافظة حتى أجد مسئولا يهتم أو يتحرك ويجد لنا حلا ويتعامل معنا كآدميين، ولكننا نجد الرد التقليدي الذي لا نعرف غيره: "اكتبوا الشكوى وسوف نعرضها على المحافظ"، ولكننا لا نرى المحافظ ولا أى شخص من مكتبه، مضيفة، الثعابين انتشرت بالمنطقة، وإذا تركت نافذة مفتوحة أجد الثعبان على طرف النافذة، وأحيانا يدخل. علاء سليمان صاحب صالون حلاقة قال، القمامة جلبت المرض، فأصبحت مصابا بأمراض الصدر بسبب حرق القمامة والأدخنة التي تجعل السماء عبارة عن سحابة سوداء. وأضاف وزارة الري لا تفكر يوما في مصير الترعة، ولا تفكر في تطهيرها؛ وآخر مرة شاهدت تطهير الترعة كان منذ ما يزيد عن 7 سنوات. التعايش مع الفئران حمدي أبو العلا قال إن أكوام القمامة تحاصر الأهالي من كل مكان، مما أدى إلى توحش الفئران بشكل مبالغ فيه وتحولت المنازل إلى جحور لتلك الفئران واضطررنا للتعايش معهم بعد أن فشلنا في مقاومتهم بكل السبل. شاهدتنا أم شعبان فصرخت ربنا يستر علينا، منازلنا تنهار وأولادنا أصبحت حياتهم مهددة بالموت بسبب الأمراض الناتجة عن المجارى التي نغرق فيها والكهرباء المنقطعة طول اليوم، وأصبح نهارنا مثل ليلنا، وبالرغم من ذلك تأتى فاتورة الكهرباء مرتفعة جدا وانتشرت البلطجية. مخدرات وسلاح وأضافت المخدرات أصبحت تباع علناً والمدمنون يتعاطون المخدرات تحت نوافذنا وداخل مداخل منازلنا، ودخان المخدرات أصبح يسكن غرف نومنا وأطفالنا أصبحوا لا يميزون بين رائحة "البانجو والحشيش" ويسمعون الشتائم والسب الذي يتلفظ به الشباب الضائع في الشارع، ولكننا لا نستطيع أن نتكلم أو نعترض لأن هؤلاء البلطجية يحملون السلاح. مكان موبوء خالد عبد المجيد موظف بشركة سياحة قال إن كثرة الحشرات ووجودها من كل نوع يحتم على الأهالي شراء المبيدات حتى يستطيعون إبادتها ويكلفهم ذلك أكثر من 300 جنيه في الشهر بواقع 10 جنيهات لكل يوم، ولا يأتي ذلك بنتيجة. وأضاف أنه يواجه حرجا شديدا مع أصدقائه وزملاءه في العمل ولا يستطيع دعوتهم للحضور إلى منزله بسبب سوء الحال وتلوث المنطقة وتدهورها وانتشار البلطجية، وذات مر زاره احد الأصدقاء ولم يستطع أن يركن سيارته إلا خارج المنطقة بمسافة، وحين تجول في المنطقة ورأى الترعة تعجب وسأله: "كيف تعيش في هذا المكان الموبوء؟!" أبو كامل صاحب مطعم بجوار الترعة قال إن الزبائن لا تأتى لتأكل أو تشترى شيئا منه بسبب الرائحة الفذة المنبعثة منه وكيف يشترى المواطنون الطعام والذباب يغطيه ويقف عليه؟!. وأضاف أن جامعي القمامة من الأطفال يعبرون الترعة فوق القمامة التي تعلو سطحها لتفرز المواد البلاستيكية للانتفاع بها، متعجبا أن ضخامة القمامة وورد النيل تجعلها تحمل إنسانا فوق سطح مياه الترعة؛ بالإضافة إلى حدوث حرائق في الترعة وتتردد أقاويل كثيرة حول احتواء الترعة بمواد كيماوية تساعد على الاشتعال. وروت الحاجة فوزية مأساتها مع ترعة الزمر، قائلة: نفاجأ بخروج الحشرات والفئران والثعابين والديدان وخاصة في الصيف وأولادي لا يأتون لزيارتي حتى إنني لا أرى أحفادي سوى مرة كل عام، ودائمًا وكثيرًا تحدث حرائق وانفجارات من كابلات كهرباء الضغط العالي للأرضية الموازية للترعة والعابرة لها عند نشوب حرائق القمامة، ويتسبب ذلك في ذعر للأهالي، وخاصة الأطفال وتنقطع الكهرباء لفترات طويلة تصل إلى عدة أيام إلى أن يتم إصلاح العطل. محمد مجدي مهندس بإحدى الشركات قال، إن الأمر بات خطيرا لعدم تطهير الترعة من جانب المسئولين عن هذه الكارثة خصوصا وان بجوارها كتل سكانية ومدارس. وأضاف طالبنا كثيرا محافظ الجيزة ووزارة البيئة بسرعة التدخل لتنظيف وتطهير الترعة أو ردمها، ورش المناطق التي تملأها الحشرات حفاظا على أرواح المواطنين وحمايتهم من الأمراض، وبعدها نتفق مع المواطنين باحترام المكان وعدم إلقاء أ ى مخلفات بها، وبالتأكيد سيستجيب المواطنين لذلك؛ ونحتاج لإنشاء مركز شباب ومدارس أو أى مشروع خدمي .