ماذا حدث فى الدنيا يا ترى ؟ لماذا لم يتقدم هذا الفتى إلى تقبيل قدم والده , ورد جزء ولو يسير للغاية من معروفه , وكيف جرؤ على سكب البنزين عليه وإشعال النار فيه أثناء نومه؟ ليس هناك عذر في الدنيا يبرر أن يفعل ابن بابيه هذا , إلا أن الشيطان الماكر سول لسائق "السرفيس" بالقليوبية أن بداخل جسده قلب يحب ويكره وان أبيه يحول دون إتمام سعادته والزواج من محبوبته. والحكاية أن علاقة نشبت بين الفتى سائق السرفيس وإحدى الفتيات الجميلات ثم تطورت إلى عشق لا يمكن الفكاك منه , حلم الفتى بالاقتران بها وطلب منها أن تقصص لذويها انه يبغى التقدم لخطبتها رغم انه لم يكن يملك مسكنا ولا عملا دائما فهو مجرد مؤجر للسيارة التي يعمل عليها .
الحب بينهما جعلهما ليسا في حاجة إلى مناقشة التفاصيل ومحاولة التغلب عليها بشكل فيه موضوعية , صارحت الفتاة أهلها , فرحبوا على الفور , وراح الفتى يطلب يدها من والدها في زيارة يملؤها الدفء العائلي , سأله والدها عن السبب وراء عدم قدوم احد من ذويه معه , فاخبره أن الأهل لا يعارضون مطلبه وسوف يحضرون كل مراسم الخطوبة والزواج.
خرج الفتى من المنزل يطير فرحا, بترحيب والدها به من حيث المبدأ , وذهب قاصداً لقاء والده ووالدته ليحكى لهما ما حدث .
لم تمانع الأم في زواجه ولكن كيف ؟
فهم فقراء لا يملكون أي إمكانيات لمساعدته والتجهيز له , لا مسكن ولا عمل ثابت له ولا إمكانية في أن يقوم شخص ما بتسليفهم مبلغ ما لإتمام حتى مراسم الخطوبة , حاول الفتى إقناعهما بأنه سيحل جميع مشكلاته بنفسه ولا يريد منهما إلا أن يقوما بالحضور معه أثناء طلب يدها.
وافقت الأم وهى مقتنعة بإمكانية حدوث ذلك , إلا أن الأب رفض بشدة لكونه واثق من أن هذه الخطوبة ستؤول بالفشل , مما يضعه في إحراج كبير أمام أهل محبوبة ابنه.
حاول الابن إقناعه دون جدوى. اخبر محبوبته بما يجري معه في البيت وطلب منها إقناع أبيها بأن يقبل قراءة الفاتحة معه فقط دون أهله لحين تدبير الأمور مؤكدا أنهما سيحضران معه فى مراسم الزواج, وأخبرت الفتاة والدها بذلك فرفض بشدة , وأكد أن خطوبة كتلك مصيرها سيكلل بالفشل وهو ما كان أكده والده من قبل. مرت الأيام ولا تزال المشكلة دون حل , ولكن الحب يكبر يوما بعد يوم , وفى ذات مساء تلقى الفتى اتصالا هاتفيا من محبوبته تخبره فيها بأن عريسا سيتقدم لها وان أهلها قد يوافقون عليه , ولذلك ينبغي أن يحضرا أهله معه بأي شكل.
كان الفتى واثقا من أن أبيه لن يغير رأيه , هنا لعب الشيطان برأس الابن العاشق العاق وخيل له انه بوفاة والده لن يكون هنا أباً يجب أن يحضر معه, وبالتالي التخلص نهائيا من المشكلة.
كان الأب راقدا , وكان فى بالكونة المطبخ "جركن" مملؤ بالكيروسين , على الفور اتخذ الفتى القرار وراح يسكب "الجاز" عليه واشعل فيه النار.
اشتعلت النيران في الأب المسكين .. وتصاعد الصراخ منه ومن الأم التى كانت راقدة بالقرب منه , فيما تجمع الجيران وقاموا بإخماد النيران واستدعاء الإسعاف التي نقلت جثة الابن متفحمة إلى المستشفى , في حين القوا القبض على الابن "المغيب" الذي كان في حالة ذهول غير مصدق انه أشعل النار حقا في والده.
وكانت أجهزة الأمن بالقليوبية قد تلقت بلاغا بالحادث وتبين قيام سائق يدعى «أحمد محمد عطية» بإشعال النيران في والده أثناء نومه داخل غرفته بعد ان سكب كمية من البنزين على جسده وأشعل فيه النيران ولم يقم المتهم بإطفاء النيران التي أشعلها في جسد والده.
وتبين ان المجني عليه (54 سنة) موظف نجله وان سبب الواقعة رفض المجني عليه الموافقة على خطوبة من احدى الفتيات لحبه الشديد لها وانه اتفق مع اسرتها على الزواج وزيارتهم لقراءة الفاتحة والاتفاق على تفاصيل الزواج إلا ان الأب رفض الذهاب مع نجله فقرر الانتقام منه وتوجه إلى المنزل وسكب كمية من الجاز على والده وأشعل فيه النيران وتفحمت جثة الأب.
وهكذا التهمت النار الحب الحقيقى , حب الابوبة , حب هؤلاء الذين اوصانا الله بهم الا نقل لهما اف وان ندعو لهما بالرحمة.