" سجن الطاووس " تبحر بين الفنتازيا و الواقعية ، فتثير الخيال الشعبى بأساطير القصور المسكونة ، و تصطدم بالواقع فتكشف التحولات العاصفة التى طرأت على المجتمع المصرى ، و انحدار قيم الجمال ، و تفشى ظاهرة القبح ، من فساد و فقر و جهل . نوقشت رواية محمد العون " سجن الطاووس " الفائزة مناصفة بجائزة اتحاد الكتاب ، مع السعيد أحمد نجم عن روايته " و مازال القطار يجرى " ، بمنتدى المستقبل للفكر والإبداع، بحزب التجمع ، و ناقش الرواية الناقد الدكتور يسرى عبد الله ، وأدارها الروائى محمد زهران. تحدث الناقد يسرى عبد الله ، أن الطاووس فى الرواية ، ليس رمزا للغرور ، إنما رمزا للجمال ، و أن حصار قيم الجمال بالفساد السياسى و الثقافى و مظاهر القبح ، تضعنا داخل " سجن الطاووس " . و أضاف أن الرواية تحمل إدانة للأوضاع ، و ما آلت إليه نتاج التغييرات العاصفة فى الحياة المصرية ، من خلال " القصر " الذى نالته ايدى الإهمال رغم تبعيته للدولة ، لتجسد لنا النزاع البيروقراطى الموروث بين عدة وزارات جعلته نهبا للفوضى و الفساد . و تبرز الرواية وفقا للناقد ، تيمة " التحولات الاجتماعية " و كيف يعصف الزحام و الفقر بالجميع كما صورت الرواية ، مشيرا أن هذا مبحث هام فى علم النفس ، يخلق نمطا عشوائيا . و قال عبد الله أن الرواية يتوازى فيها خطان للسرد بين اللحظة الراهنة و الماضى ، و أن شخصية السائق " رزق " أحد الشخصيات المركزية فى الرواية ، و هو الرابط بين خطى الرواية . كما لفت الناقد لنمط " البناء الدائرى " الذى اتبعه الكاتب ليسلمنا من حكاية إلى أخرى ، و " رزق " هو البؤرة المركزية التى تنطلق منها الحكايات ، فمنها نعرف حكاية الخفير صالح بسيونى ، و ابن عمه الرسام الريفى " بسيونى توفيق " الذى كان يمتلك الفيلا قبل موته ، و كيف أصبحت نهبا للبلطجى " سلومة " الذى كان صديق رزق فى الصغر . و أشار يسرى عبد الله إلى " الخيال الشعبى " الذى تثيريه الرواية ، ففى كل قرية قصرا أو سرايا أو فيل مسكونة ب " الأسطورة " و معبأة بها . أما عن سيكولوجية شخوص الرواية ، قال عبد الله أن العون غاص داخل سيكولوجية شخوصه ، و حلل خبايا نفوسهم ، مدللا بالقراءة النفسية لشخصية السائق " رزق " ، مقتبسا مقولته فى الرواية : أمام عجلة القيادة ، أشعر أنى " ملك " ، أقف كما أريد ، و فى أى مكان ، و اندفع متخطيا الجميع . فيما أشاد الناقد بالكاتب لإحكام النص ، دون حدوث ترهل فنى ، رغم طول الرواية ، و صياغة الحوارات بطابع الفصحى بمنطق العامية ، الأمر الذى يأخذ مجهودا كبيرا من الكاتب ، و لكن أخذ الناقد على الكاتب إنهاء روايته بشكل " تقليدى " بعكس تقنيات السرد العالية فى الرواية . و علق محمد العون على ذلك قائلا : أنه ربما لم يوفق بشأن نهاية الرواية ، و لكنه قصد بها أن " الحال مستمر ". الرواية استغرقت سنة ونصف السنة، وتعد العمل الإبداعي السابع في مسيرة الكاتب التي شملت أربع روايات ومجموعتين قصصيتين. يذكر أن رواية "سجن الطاووس" صادرة عن دار الحضارة للنشر، و للكاتب محمد العون عدد من الأعمال القصصية والروائية من بينها: الملك ينزل المدينة، مصير بيكاسو، ليلة التحرير، مراكب الليل، مولانا، وهى الرواية التى حازت جائزة الدولة التشجيعية فى الأدب لعام 2013.