قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إنه طلب من الأمانة العامة للمنظمة الدولية «وضع خيارات ممكنة لإنشاء عمليات للمساءلة الجنائية والعدالة الانتقالية في جنوب السودان». وجاء طلب الأمين العام وفقا ل«قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2178 الصادر العام الماضي، والخاص بضرورة تحقيق مبدأ المساءلة في جنوب السودان»، دون أن يقدم جدولا زمنيا لذلك. وجدد بان كي مون يوم الثلاثاء اتهاماته لطرفي النزاع في جنوب السودان ب«مواصلة ارتكاب أعمال العنف والحيلولة دون التوصل إلى تسوية للصراع الذي اندلع في البلاد» منذ منتصف ديسمبر من العام الماضي. جاء ذلك في التقرير الذي ناقشه أعضاء مجلس الأمن الدولي مساء يوم الثلاثاء بتوقيت نيويورك، والذي أكد فيه كي مون أنه بعد مرور عام على بدء الصراع، وبالرغم من جهود المجتمع الدولي، لا تزال حكومة جنوب السودان والجناح المعارض في الحركة الشعبية يواصلان الأعمال العدائية، وفي الوقت نفسه لا يحققان تقدما ذا مغزى صوب التوصل إلى تسوية سلمية بينهما. ومطلع الشهر الجاري، وقّع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ونائبه السابق ريك مشار اتفاقًا مبدئيًا في أديس أبابا ل «تقاسم السلطة ووقف كافة العدائيات»، على أن تستأنف المفاوضات بين الطرفين لاستكمال القضايا التفصيلية للاتفاق النهائي الأسبوع الجاري. ومنذ منتصف ديسمبر 2013، تشهد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء عام 2011، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لمشار، بعد اتهام سلفاكير له بمحاولة تنفيذ «انقلاب عسكري»، وهو ما ينفيه الأخير. وأكد الأمين العام، في تقريره يوم الثلاثاء، والذي اطلعت عليه وكالة الأناضول، أن «جميع المؤشرات تدل على أن طرفي الصراع لا يرغبان في التخلي عن الخيار العسكري»، محذرا من «مخاطر تصاعد الصراع المسلح، لاسيما في المنطقة المحيطة بحقول النفط، وأن ينتشر إلى منطقة بحر الغزال الكبرى والولايات الاستوائية التي لم تتضرر مباشرة من الصراع». وقال بان كي مون في تقريره إن «كلا من رئيس جنوب السودان ونائبه الأسبق يتحملان المسئولية الرئيسية عن إيجاد تسوية للصراع، وأحث الطرفين على بذل قصارى الجهود وتقديم التنازلات الضرورية لإبرام اتفاق سلام يعالج الأسباب الجذرية للأزمة، على أن يتضمن الاتفاق أسسا للإصلاح الوطني والسياسي والأمني والاقتصادي ويحقق العدالة والمساءلة والمصالحة». ودعا الأمين العام المجتمع الدولي إلى أن «يتفكر جديا في مسئولياته، وأن يتكلم بصوت موحد ويوضح لقادة جنوب السودان أنه لم يعد ممكنا الإبقاء على البلد رهينة لطموحاتهما الشخصية وأن هناك عواقب تحدق بمن يواصل تقويض جهود السلام». وحث التقرير قادة طرفي الصراع على "تهيئة بيئة آمنة للمدنيين وإتاحة الظروف الضرورية للعودة الطواعية للنازحين"، مكررا دعوته إلى البلدان المساهمة بقوات حفظ سلام في جنوب السودان إلى أن «تبادر بشكل عاجل بنشر قدرات الدعم والمعدات العسكرية المتبقية، من أجل تمكين بعثة الأممالمتحدة «يونميس» من القيام بمهامها بفاعلية». وشدد تقرير الأمين العام على أن «العدالة والسلام لا يناقضان بعضهما، وعلى ضرورة محاسبة مرتكبي انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان خلال الصراع الحالي»، مشيرا إلى أنه «لم يتم حتى الآن اتخاذ تدابير المساءلة الوطنية عن الانتهاكات التي وقعت من طرفي الصراع». كما أعرب بان كي مون، في التقرير، عن «انزعاجه الشديد إزاء استمرار التحديات أمام وصول أفراد العمل الإنساني في جنوب السودان، وكذلك ما يواجهونه من انعدام الأمن والعنف والمضايقات والاعتداءات الجسدية والاعتقال والتعسف والاحتجاز والاختطاف». ودعا حكومة جنوب السودان إلى «إطلاق سراح أحد المتعاقدين المستقلين التابعين لبعثة يوناميد وكذلك لثلاثة موظفين آخرين تابعين للبعثة الأممية». ولم يتسن على الحصول الحصول على تعقيب من حكومة جوبا أو الحركة الشعبية المناوئة لها حول ما جاء في التقرير الأممي.