نظّمت النقابة العامة للأطباء بمصر، اليوم الثلاثاء، وقفة، للمطالبة بمحاسبة المسئولين عن جهاز علاج "فيروس سي" الذي أعلن عنه الجيش المصري، بتهمة "الترويج عن جهاز لم يتم تجريبه أو إعطاؤه ترخيصًا طبيًا". فيما رفض عضو بالفريق البحثي للجهاز، هذه الاتهامات، وقال إنهم يتابعون خطوة بخطوة مع وزارة الصحة، متوقعًا أن يتم طرح الجهاز للاستخدام الجماهيري في مايو المقبل. ودعا الأطباء، في وقفتهم التي نظمها العشرات أمام مقر النقابة، وسط القاهرة، الهيئة الهندسية (تابعة للجيش) كل من روّج للجهاز، ب"الاعتذار" للشعب المصري، مشيرين إلى أن الجهاز لم يمر بالمراحل العلمية الضرورية التي يسلتزمها أي بحث علمي، كما تم إعلانه دون تلك الخطوات العلمية والأخلاقية. وفي بيان للنقابة، تُلي خلال الوقفة، قالت إن "الجهاز جريمة"، وأن "النقابة ستحاسب كل من شارك فيه"، وإنها "تدرس إقامة دعوى قضائية ضد الهيئة الهندسية واللواء إبراهيم عبد العاطي المسؤول عن الجهاز". وأضاف البيان: "الافتراضات العلمية لكيفية عمل هذا الجهاز، لم تمر بالمراحل الضرورية التي يستلزمها أي بحث علمي، والتي تبدأ بالتجارب المعملية، ثم التجارب على الحيوانات، وفى حالة النجاح تنتقل للتجارب على متطوعين من المرضى، قبل أن يتم الإعلان عن أي نتائج في مؤتمرات لمناقشة الفاعلية في مقابل المخاطر وأخيراً وفى حالة ثبوت الفاعلية، يتم الإعلان عن أسلوب العلاج الجديد في وسائل الإعلام ، للجمهور والمرضى". وأوضحت النقابة أن "الجهاز لم يتخذ الخطوات اللازمة للإعلان عنه، وتم الإعلان عن الجهاز كأسلوب علاج جديد دون أن يكون هناك أي التزام بخطوات وأخلاقيات البحث العلمي الضرورية، وقام بالترويج له بعض المنتمين للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة والعديد من الإعلاميين وبعض الأطباء، مما أدى لترك العديد من مرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي لعلاجهم بعقار الانترفيرون المعروف بإجهاده الشديد للمرضى، وانتكاس حالتهم الصحية، حيث ضللوا بالاعتقاد في علاج جديد سريع وساحر وغير مجهد". وفي كلمة لها خلال الوقفة، قالت منى مينا، الأمين العام لنقابة الأطباء، إن النقابة أرسلت استدعاءً لعضو لجنة الترويج لجهاز فيروس سي، الطبيب أحمد مؤنس، للمثول أمام لجنة التأديب بالنقابة، مشيرة إلى أن النقابة ستحيل كل الأطباء المشاركين في الترويج للجهاز للجنة التأديب ومعاقبتهم. إلا أن مؤنس اتهم "النقابة بأنها تريد عمل شو إعلامي". وقال في تصريح للأناضول، إنهم "كانوا يتابعون مع وزارة الصحة المصرية خطوة بخطوة ولديهم الموافقات على ذلك"، مشيرا إلى أن "الأبحاث أجريت في أحد مستشفيات الوزارة، وبالتعاون مع لجنة أخلاقيات البحث العلمي التابعة للوزارة". وأضاف: "تأكدنا من أن الإشعاعات التي يصدرها الجهاز آمنة ومسموح بها وذلك عن طريق اختبارات أجريناها على الجهاز في المركز القومي للبحوث". وحول موعد طرح الجهاز للاستخدام، توقع مؤنس أن يكون في مايو المقبل. وفي فبراير 2014، أعلن المتحدث باسم الجيش المصري حينها، العقيد أحمد محمد علي، في بيان على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن الهيئة الهندسية بالجيش نجحت في "ابتكار جهاز لعلاج فيروس الكبد سي والإيدز". وآنذاك، عرض التلفزيون الرسمي، فيديو يتضمن رسمًا توضيحيًا للجهاز، قال لواء عسكري إنه قادر على "قهر الإيدز بنسبة 100%، وقهر فيروس سي، بنسبة تزيد على 98%". بينما شكك خبراء وأطباء في الابتكار، بينهم طارق حجي، المستشار العلمي للرئيس المصري آنذاك، عدلي منصور، حيث وصف الابتكار ب"الفضيحة العلمية لمصر". فيما قرر الجيش المصري تأجيل طرح الاستخدام الجماهيري للجهاز الذي أعلن أنه يكتشف ويعالج فيروس الكبد سي والإيدز، لحين إجراء تجارب على عينة أوسع من المرضى، بعدما كان قد أعلن عن طرحه في 30 من يونيو الماضي بالمجان داخل مستشفيات المؤسسة العسكرية. وتعانى مصر من أعلى نسبة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي "سي" فى العالم، حيث يقدر أن 14.7% من السكان يحملون الفيروس، فضلا عن إصابة ما يصل إلى 100 ألف شخص جديد سنويا فى مصر، وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية. والتهاب الكبد الوبائي "سي"، هو مرض فيروسي يمكن أن يؤدي إلى تراجع وظائف الكبد أو الفشل الكبدي، وقد ينتهي المطاف بعض المرضى إلى الإصابة بتليف الكبد. ووفقا لآخر إحصائية صادرة عن منظمة الصحة العالمية في عام 2013، فإن 150 مليون مريض جديد، يصابون بعدوى الفيروس سنويًا على مستوى العالم، ويكونون عرضة لخطر الإصابة بتليّف أو سرطان الكبد، ويموت سنويًا أكثر من 350 ألف مريض آخرين جراء الإصابة بأمراض الكبد الناجمة عن هذا الالتهاب.