يعود تاريخ العلاقات "المصرية الإماراتية" إلي أكثر من 40 عاما، وتحديدا عام 1971، حينما اتحدت إمارات "أبوظبيودبي والشارقة وأم القيوين وعجمان والفجيرة"، وانضمت إليهم إمارة رأس الخيمة، لتتكون الإمارات العربية المتحدة بشكلها الحالي تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. فمصر من أولى الدول العربية التي دعمت إنشاء الإمارات وأيدت الاتحاد بشكل مطلق، فور إعلان تشكله كما دعمته دوليًا وإقليميًا كركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لوحدة العرب. وعلى مدار تاريخها كانت دولة الإمارات وكل دول الخليج باستثناء قطر، على علاقات إستراتيجية مع القاهرة، وكان هناك اتفاق كامل وتنسيق دائم حول معظم القضايا الإقليمية والدولية، ناهيك عن العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ربطت بين البلدين. 25 يناير الأزمة ولم تبدأ الأزمة بين البلدين إلا بعد ثورة 25 يناير، وموجة الربيع العربي، فالإمارات كانت تدعم الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى آخر لحظة في حكمه، ولم تعلن موقفها حتى من ثورة الشعب عليه، وإنما حثت وفق تقارير إعلامية على عدم تخليه عن الحكم. وبعد تنحي مبارك تشكلت حكومة جديدة برئاسة عصام شرف، ورفضت في حينها زيارته إليها خلال جولته الخليجية التي شملت كلاً من السعودية والكويت و قطر، وقالت إن مواعيد المسؤولين لا تسمح بزيارته حاليا، وطلبت تحديد موعد آخر للزيارة. وأرجعت مصادر وقتها أن رفض الإمارات لزيارة شرف، كان بعدما اعتبرته الإمارات تقارباً مصرياً إيرانياً على حساب مصالح دول الخليج، ورأت أن هناك تغيرا كبيرا في موقف مصر الداعم لدول الخليج مقابل الطموح الإيراني في المنطقة. إلى جانب أن الإمارات قدمت طلبات رسمية أكثر من مرة بعدم محاكمة الرئيس الأسبق، مبارك وعرضت دفع تعويضات مناسبة بدلا من محاكمته، وهو ما رفضته مصر. حكم مرسي "أقسم بالله العظيم ألا آخذ وألا أقبل البيعة من أي إماراتي طوال حياتي، وألا أبث فرق الإخوان لخلق الفتن في البلدان، والله على ما أقول شهيد" بتلك التغريدة استقبل قائد شرطة دبي ضاحي خلفان حكم مرسي بعد خطابه في التحرير، ليعلن رفضه لتبوأ الإسلاميين الحكم بعد الربيع العربي، كما ذكرت وسائل إعلامية في ذاك الوقت. وبالرغم من أن مؤسسات رسمية بالإمارات أعلنت أن مواقف "خلفان" لا تعبر بالضرورة عن الموقف الرسمي للدولة، إلا إنه بات لدى الكثيرين أن الإمارات ترفض حكم الرئيس المعزول، خاصة دعمها الصريح لترشيح الفريق أحمد شفيق في انتخابات 2012. وفي سبتمبر2012، استقبل الرئيس المعزول محمد مرسي وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، وبحثا معاً سبل دعم العلاقات بين البلدين، خاصة الاقتصادية وزيادة الاستثمارات الإماراتية في مصر. وبالرغم من ذلك ظلت الأزمة بين البلدين قائمة، حيث كانت هناك بعض التحفظات من كلا الطرفين. وفي ديسمبر 2012، خاطب النائب العام المصري وزير العدل لانتداب قاض للتحقيق في بلاغ يتهم الفريق أحمد شفيق وقائد شرطة دبي بالتحريض على قلب نظام الحكم في مصر. وهو ما ردت عليه الإمارات بعدها بأسبوعين، حينما اعتقلت السلطات 11 مصريا بإمارتي دبي وعجمان، ولم يصدر أي تعليق رسمي على الواقعة أو أسباب اعتقالهم. عودة العلاقات وعلى خلاف عهد مرسى، كانت الإمارات أولى الدول التي أعلنت دعمها لمصر بشكل صريح بعد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، ودعا وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد في الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم الدعم للحكومة المصرية وللاقتصاد المصري بما يعزز مسيرتها نحو التقدم والازدهار. واعتبر وزير خارجيتها أن استقرار مصر هو استقرار للمنطقة، وأن التشكيك في الحكومة الشرعية المنتخبة، تدخل سافر في شؤون مصر والعالم العربي بأسره. وكان الشيخ عبد الله بن زايد، أول وزير عربي يزور مصر بعد ثورة 30 يونيو، والإمارات أول دولة أرسلت وفدا رسميا لتهنئة الشعب المصري بنجاح ثورته يوم 30 يونيو. وأسهمت مواقف الإمارات بشكل ملموس في دعم ثورة 30 يونيو، وتثبيت أركانها، وتكفلت الإمارات بدعم مصر ماليا بمبلغ 9 ر4 مليار دولار. العلاقات العسكرية أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع سابقا، في لقاء تليفزيوني إلتزام مصر بحماية الأمن القومي العربي والخليجي إذا استدعت الحاجة. وقال: "حينما يتعرض الأمن القومي العربي لتهديد حقيقي فهي مسافة السكة"، في إشارة إلى استعداد مصر وسرعة وسهولة إرسال قوات مصرية إلى أي دولة عربية. وتؤكد القيادة المصرية بصفة دائمة أن أمن مصر القومي مرتبط بأمن منطقة الخليج العربي عامة وبالإمارات خاصة، وظهرت نتائج دعم العلاقات الثنائية في مجال التعاون العسكري بين البلدين وتطويرها خلال الزيارات المتبادلة. ففي مارس 2014، جرت تدريبات عسكرية بين الجيشين المصري والإماراتي، بهدف تعزيز العلاقات التاريخية والإستراتيجية وكذلك تعزيز الجهاز التشغيلي لمختلف وحدات الجيشين. وتضمنت المناورات المشتركة 3 مراحل بدءا من وصول القوات المصرية إلى الإمارات العربية المتحدة، وتليها التدريب المتخصص والتدريبات العملية، التي أجريت بالذخيرة الحية، وطائرات ميراج 2000 ومقاتلات وسفن حربية، كما تم نشر وحدات مدفعية ومروحيات هجومية بالإضافة للمشاة البحرية والقوات الخاصة والمظلات. وحضر المناورات كل من نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري سابقًا، والأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، ونائب وزير الدفاع السعودي. كما يوجد ملحق عسكري مصري بالإمارات وأيضا ملحق عسكري إماراتي بمصر للإطلاع علي ما يجد فيما يخص الشأن العسكري وتنسيق التعاون بشكل دائم. التعاون الأمني ووصف مراقبون زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي بأنها تأتي في إطار السعي لتحقيق التعاون الأمني المشترك بين مصر ودول الخليج، والتأكيد على أن أمن الخليج من أمن مصر، وأن الأخيرة ملتزمة بالحفاظ على تلك العلاقة لمواجهة أي فصيل يهدد المنطقة. ونقلت وسائل إعلامية عن السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون العربية، أن التحركات الدبلوماسية المصرية، تستهدف تعزيز مفهوم جديد للأمن القومي للطرفين يقوم على وحدة التحديات والمخاطر ووضع آليات مشتركة لمواجهتها، وهو ما أكدته مصر مرارا. وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي إن عبارة "مسافة السكة" التي قالها الرئيس السيسي من قبل، سوف تكون حاضرة بشكل أو بآخر في مباحثات الرئيس المصري مع المسؤولين في دولة الإمارات، مشيرا الى أنها تكشف مدى الالتزام المصري بأمن الخليج والذي يتجاوز مجرد سرعة إرسال قوات مصرية للتعامل مع أي تهديد له، إلى توفير كافة مقتضيات الأمن القومي العربي بمعناه الأوسع.