تمر على الكويت غدا الخميس الذكرى التاسعة لوفاة أمير الكويت الأسبق الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح ، والذى توفى فى يناير من عام 2006. وتولى الشيخ جابر الأحمد مقاليد حكم الكويت في 31 ديسمبر عام 1977 بعد وفاة سلفه الشيخ صباح السالم الصباح ، وهو الابن الثالث للشيخ أحمد الجابر الصباح والحاكم الثالث عشر للكويت منذ تأسيسها قبل أكثر من قرنين من الزمان. وكانت أولى مهامه الإدارية والسياسية في عام 1949 عندما عينه والده حاكم الكويت آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح نائبا له في مدينة الأحمدي ، وفى عام 1959 تولى إدارة دائرة المال والأملاك العامة للكويت . وفي العام نفسه 1959 عين أيضا رئيسا لمجلس النقد الكويتي حيث عمل جاهدا على صدور أول عملة كويتية بعد الاستقلال والتي صدرت في 1 ابريل 1961 لتحمل صورة أمير البلاد آنذاك الشيخ عبدالله السالم الصباح وتوقيع الشيخ جابر الأحمد الصباح. وفي أول تشكيل وزاري في كويت ما بعد الاستقلال والذي شكل في 28 يناير 1963 عين الشيخ جابر الأحمد نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للمالية والصناعة لتبدأ البلاد منذ ذلك اليوم عهدا جديدا من التطور والازدهار السريع في مختلف . وفى تلك المرحلة عمل الشيخ جابر على إنجاز العديد من المشاريع المهمة كتأسيس ميناء الشويخ ، وإنشاء محطة تكرير مياه البحر ، وتأسيس شركة البترول الوطنية الكويتية ، كما أسهم في وضع مبادئ الاستثمار الأساسية لفوائض البلاد النقدية من مبيعات النفط ساعيا الى توسيع القاعدة الاقتصادية الضيقة للكويت باعتماد موارد أخرى غير النفط. ومن هذا المنطلق جاء إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي عام 1950 الذي تطور على من مكتب صغير يعمل فيه 11 موظفا عام 1965 الى هيئة عامة للاستثمار تشرف على صندوق الاحتياطي العام وصندوق احتياطي الأجيال وجميع الاستثمارات الكويتية الهائلة في الخارج ، ولعل إنشاء ديوان المحاسبة يعد من أشهر إنجازاته التي مازالت صرحا شامخا الى اليوم يدل على نزاهته وحرصه على المال العام. واستمر الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وزيرا للمالية حتى 30 نوفمبر 1965 ، حينما اختير من قبل الشيخ صباح السالم الصباح حاكم الكويت آنذاك ليكون رئيسا لمجلس الوزراء ، وفي 31 مايو 1966 بويع من مجلس الأمة وليا للعهد بعد تزكية الأمير له.. وكانت ابرز إنجازات خلال فترة ولايته للعهد إنشاء صندوق احتياطي الأجيال القادمة. وبناء على ذلك فقد صدر عام 1976 المرسوم بقانون رقم 106 في شأن احتياطي الأجيال القادمة الذي قرر اقتطاع نسبة 10 في المئة من الدخل العام للبلاد سنويا واستثمارها في محافظ استثمارية عالمية تحت إشراف نخبة من الخبراء الاقتصاديين محليا وأجنبيا على أن تودع عائداتها لمصلحة صندوق احتياطي الأجيال القادمة ، حيث شكلت أموال صندوق احتياطي الأجيال الركيزة الأساسية في تمكن القيادة السياسية الكويتية خلال فترة الاحتلال العراقي للكويت عام 1990 من دعم أبناء الكويت في الداخل والخارج والمساهمة الفعالة في تحرير الكويت وإعادة الإعمار. وكان إنشاء بنك مركزي في الكويت أحد تطلعات الراحل الشيخ جابر الأحمد منذ ان كان وزيرا للمالية ليقوم بمهمة تنظيم سياسة النقد الكويتي والذي تحقق بافتتاح المقر الجديد للبنك في ابريل 1977 لتبدأ الكويت مرحلة جديدة في بناء اقتصاد راسخ وثابت. وبعد وفاة الأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح ، أصبح الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أميرا للكويت في 31 ديسمبر 1977 لتشهد الكويت في عهده نقله كبيره على مختلف الأصعدة. وتعددت إنجازات الشيخ جابر بعد توليه مقاليد الحكم واتسع نطاقها لتشمل المحيط الخليجي والعربي ومن ثم العالمي. فعلى النطاق الخليجي كان الشيخ جابر مهندس فكرة إنشاء منظومة مجلس التعاون الخليجي النابعة من قناعته بان العصر المقبل هو عصر التكتلات السياسية والاقتصادية ، ورغبة في أن تكون قرارات دول مجلس التعاون منسجمة مع تطلعات شعوبها اقترح في قمة الدوحة عام 1996 فكرة إنشاء مجلس استشاري من 30 عضوا من مواطني الدول الست الأعضاء توكل اليه مهمة تقديم النصح والمشورة والرأي للمجلس الأعلى الذي يعتبر السلطة العليا في مجلس التعاون. أما على الصعيد العربي فقد كانت القضايا العربية بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية الشغل الشاغل له منذ اللحظات الاولى لاستقلال الكويت فكان صاحب فكرة إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر 1961 ، وتولى رئاسة أول مجلس لإدارة الصندوق الكويتي لتنمية الاقتصادية العربية لتصبح الكويت في طليعة الدول التي تقدم المساعدات في مجال التنمية للدول الأخرى حتى وصل حجم تلك المساعدات الى أكثر من 8 في المئة من الناتج القومي الإجمالي للكويت. ولن ينسى العالم مبادرة الشيخ جابر فى عام 1988 من على منصة الاممالمتحدة عندما وقف مخاطبا دول العالم بأن تسقط فوائد الديون المستحقة على الدول الفقيرة وتخفيض اصل الدين على الدول الاشد فقرا في هدف سام لتقريب الفجوة بين الأغنياء والفقراء ، ولم تثنه أشد الأزمات التي مرت على أهل الكويت من أن ينسى شعوب العالم الفقيره فوقف مرة أخرى على منصة الأممالمتحدة في 27 سبتمبر 1990 في خضم كارثة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت ليعلن أن الكويت قررت إلغاء جميع الفوائد على قروضها كما ستبحث أصول القروض مع الدول الأشد فقرا وذلك من أجل تخفيف عبء الديون التي تقع على كاهل تلك الدول.