الشاي ، الدخان ، الإكرامية ، الحلاوة ، كلها مسميات واحدة لمصطلح واحد فقط هو "الرشوة" .. ومن الممكن أن تكون الرشوة في صور عدة ، رشوة مادية مثل النقود أو رشوة معنوية ومادية مقدمة في صورة جسد أو خدمة مقابل خدمة . مصلحة حكومية لها احتكاك بالمواطنين بل واحتكاك بقطاع عريض من المواطنين من أهلنا وإخوتنا ، خدموا البلد كثيرا ويتعاملون مع هذه المصلحة لانجاز ما يساعدهم على تقاضي قوت أيامهم الأخيرة . التأمينات والمعاشات .. طابور لا ينتهي من المواطنين على موظف واحد هو المشغول بالرد على 30 واحد لان زميله بيفطر وبيشرب الشاي وبيعدل مزاجه بسيجارة ، علشان بعد كده يمشي بالراحة خالص لحد المكتب في تباته منقطعة النظير علشان بعد كده ، يشوفك عايز إيه وطبعا فى وجه كئيب لا يخلو من السماجة والرذالة اللي ممكن تخليك تكره أيامك وعمرك كله . وقفت فى الطابور أبو 30 نفر ، وصلت والحمد لله إلى الشباك .. أستاذ شاكر : ورقك سليم بس محتاجين الرقم التأمينى بتاع والدتك المتوفية .. انا : طب وده هاتعملوا بيه إيه حضرتك .. انا جاى هنا اثبت انى مواطن نزيه شريف عفيف مش محتاج الحكومة ... وكل الحكاية ختم .. شاكر : لالالالالالالالا أنت فاكر إيه ده ورق ولازم يتظبط .. انا : طب ياباشا نتفاهم وانا عينى ليك . بادرنى بالسؤال مبتسما : انت قلت لى ان والدتك متوفية .. قلت : ايوه .. قال لى : طب فاكر رقم البطاقة أو الرقم التأمينى قلت : لا والله بس فاكر اسم امى كويس الحمد لله قال لى: ماتقول كده من الصبح يا عم .. قول الاسم يا سيدي انا : الحاجة المرحومة ......... قال لى : الرقم امامى أهو خد اكتب يا عم وكده ورقك تمام ولو احتجت اى حاجة أنا خدامك . وطبعا لفظ جيبي ما فيه النصيب طوعا أو كرها علشان الورق يمشي . قال لى : معلش هاتعبك مشوار صغير لحد أستاذ ممدوح هاتجيب منه الرقم التأمينى بتاع الوالد الله يرحمه ، ولا أقولك استني أنا جاى معاك . قلت : يالا بينا يا بركة شاكر : صباح الخير أستاذ ممدوح .. الراجل ده حبيبنا وعايزين نخدمه ونوقف معاش والده . ممدوح : خير .. أتفضل انا : الورق كله تمام وعايزين الرقم التأمينى بتاع الوالد ممدوح : مين اللى قالك كده أنا : الأستاذ شاكر ممدوح : شاكر ده حمار مش بيفهم ، لازم تجيب لي إثبات من 2 أصحابك أن أبوك ميت وده غير شهادة الوفاة أنا : طب لو أصحابي بيحبوا يشربوا شاى على القهوة ومش فاضيين إيه العمل يا أستاذ ممدوح . ممدوح مبتسما : الله يرحم والدك أتفضل الرقم وفى حركة سريعة خفية مثل اجدع حرامى حطيت له 20 جنيه فى جيب البنطلون ، وهو بدوره أخدها من جيبه حطها تحت " مقعدته" كنوع من الحرص ، وتعبئة الشلتة اللى تحت مقعدته . ممدوح : بكره تيجي نكمل خطوة صغيرة وتكون أمامى الساعة 9.30 ولو اتاخرت معرفكش فاهم . انا : حاضر يا ممدوح بيه انا خدامك يا سيدنا . تأكدت لي مقولة العزيز الراحل احمد زكى فى فيلم "ضد الحكومة" إننا كلنا فاسدون لا نستثنى احد لانى ممكن أكون مكان ممدوح وشاكر وغيرهم ممن تعودوا قبول الإكرامية والشاي وتضخمت كروشهم من أكل الحرام ، ونفس الثقافة كمواطن لأننا عارفين إننا لو عملنا شوشرة ممكن مصالحنا تتعطل ويطلع لنا ألف سبب وسبب علشان الورق يتعطل غتاتة ويتوقف الحال على ما هو عليه . "نحتاج إلى تربية ولا نستثنى احد" فشاكر وممدوح هم اخويا وأخوك وابن عمى وابن عمك وجارى وجارى ، وفى النهاية وبعد كل المصاريف دي يعاملنى ممدوح بالمثل القائل " حسنة وانا برضه سيدك " .