يظل إجراء انتخابات مجلس الشيوخ المؤجلة في ليبيريا غير مؤكد، رغم أن مجلس النواب حدد يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول المقبل لانتخاب نصف أعضائه الثلاثين، وسط إصرار الكثيرين على أنه لا يجب إجراء الانتخابات، حتى يتم احتواء أزمة فيروس "إيبولا"، الذي أودى بحياة أكثر من 2000 شخص في البلاد. وفي حديث لوكالة "الأناضول"، قال "فاندالاك باتريك"، وهو أحد ناشطي المجتمع المدني، ويرأس "حملة من أجل التغيير": "بالنسبة لنا نعتقد أن الأمر في غير محله، ويقوض مكافحة فيروس إيبولا، وأنا أعتقد أنه يتعين على الحكومة إعادة النظر في أي قرار لإجراء انتخابات في ديسمبر/ كانون الأول المقبل". وبسبب تفشي "إيبولا"، قررت المفوضية القومية تأجيل انتخابات مجلس الشيوخ الخاصة التي كان من المفترض أن تعقد في 14 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، كما تنص المادة 83 من دستور البلاد استبدال نصف (15 من أصل 30 عضوا)، أعضاء مجلس الشيوخ الذين تنتهي ولايتهم، بحلول الأسبوع الثاني من شهر يناير/ كانون الثاني. وكتب رئيس المفوضية جيروم كوركويا إلى نواب البرلمان، يبلغهم أنهم لا يستطيعون المضي قدما في إجراء الانتخابات بسبب أزمة "إيبولا"، وبدوره أقر مجلس النواب بأنه لا يمكن عقد الانتخابات قبل 16 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، قبل أن تعلن المفوضية أن 139 مرشحا سيخوضون الانتخابات. غير أن باتريك، يرغب في وقف انتخابات مجلس الشيوخ المزمعة، حتى يعلن خبراء الصحة والطب أن ليبيريا خالية من فيروس "إيبولا" القاتل، وهو الرأي الذي يقتنع به عديد من الليبيريين. "لا يمكن أن نجري انتخابات في حين يموت الناس من فيروس إيبولا"، كان هذا رأي "دادي كولي"، (26 عاما)، الذي يعمل في إحدى شركات الأمن الخاصة الذي قال للأناضول: "إذا عقدت الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول، لن أدلي بصوتي". ويقدرالخبراء أن احتواء فيروس "إيبولا" في ليبريا، وغرب أفريقيا من شأنه أن يستغرق أكثر من ستة أشهر، فيما زادت المنظمات الدولية خلال الأسابيع الماضية من دعمهما ليبيريا. وتساءل باتريك، كيف ستعقد الحكومة -التي كتبت للتو إلى الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي تتسول الدعم في مكافحة إيبولا- انتخابات ديمقراطية بنفس الأسلوب. واعتبر أن "هذا سيعطي فقط دلالة للعالم أن الليبيريين غير جادين، وأن قادتهم متبلدي الشعور إزاء شعبهم". وتابع: "لقد اشتكت الحكومة أنها لا تملك المال، لمكافحة فيروس إيبولا، وهو ما يثير التساؤل من أين سيحصلون على الأموال لإجراء الانتخابات، هل هذه هي أموال إيبولا التي يتبرع بها المجتمع الدولي، والدول الصديقة؟". وباعتبارها، واحدة من أكبر الشركاء في دعم انتخابات ليبيريا، أعلنت الأممالمتحدة أنه لم يتم التوصل إلى قرار خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة في نيويورك بشأن دعم الانتخابات في ليبيريا في ظل أزمة "إيبولا". ومع ذلك، يصر العديد من الليبيريين والسياسيين على أنه يجب إجراء الانتخابات في موعدها كما كان مقررا، لتعزيز التجربة الديمقراطية في البلاد. وبدوره، قال "بويما جيه. في. بويما"، (28 عاما) وهو صحفي: "لا نريد أن نشهد إجراء الانتخابات العام المقبل كما يتم يقترح البعض". وأضاف: "نحن نتجه إلى أزمة دستورية، لأن فعل ذلك (تأجيل الانتخابات)، سيذكر بأيام الاضطرابات والفوضى التي شهدتها البلاد، وليس هذا هو نوع الديمقراطية الذي نريد رؤيته، في بلادنا التي نبتغي أن تمضي قدما". وأشار إلى أن 14 عاما من الحرب الأهلية شهدتها البلاد بين عامي 1989 و2003، خلفت أكثر من 250 ألف قتيل شخص، وشردت آلاف الليبيريين فروا إلى البلدان المجاورة والخارج. وتابع: "نأمل أن يبقى الوضع هادئا، وأنا أتوقع إجراء الانتخاب يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، بحيث يمكن للنواب المنتخبين أن يتولوا مناصبهم يوم 16 يناير/ كانون الثاني، كما ينص عليه الدستور". وبالمثل، يعتقد حزب "المؤتمر الوطني البديل" المعارض، وهو أحد الأحزاب السياسية الأربعة الكبرى في ليبيريا، أنه ينبغي أن تعقد الانتخابات في 16 ديسمبر/ كانون الأول. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال رئيس الحزب "لافاييت غولد"، إن "حزب المؤتمر الوطني البديل، مؤسسة سياسية تلتزم بالقانون، وبناء على أن المجلس التشريعي مرر قرارا يفوض الهيئة التنظيمية بإجراء الانتخابات في 16 ديسمبر/ كانون الأول، فإننا سنكون مستعدين وجاهزين للمضي قدما". وأضاف: "نحن ما زلنا في خضم معركة إيبولا، ونريد أن نمحوه من بلادنا، ولكن يمكننا أيضا أن تعدد المهام". ويشارك "المؤتمر الوطني البديل" ب 13 مرشحا لخوض المنافسة على مقاعد مجلس الشيوخ ال15. لكن "غولد" أعرب عن خشيته من أن الإخفاق في إجراء الانتخابات، وحماية الديمقراطية سيكون له تداعيات بعيدة المدى ليبيريا ليست مستعدة لها. وتابع: "ماذا سنفعل بعد 12 يناير/ كانون الثاني، نستمر في دفع أجور، وقسائم غاز، للنواب الذين ليس لديهم تفويض من الناس؟". ومضى السياسي المعارض، قائلا: "نريد من هؤلاء النواب أن يحزموا حقائبهم بعد انتهاء مدة خدمتهم". وأضاف متسائلا: "إذا استمر إيبولا حتى عام 2017، لا سمح الله، والرئيسة (إلين جونسون سيرليف) تقول إنها لا تستطيع إجراء الانتخابات، أو ترك منصبها بسبب انتشار فيروس إيبولا، وتريد أن تواصل فترة ولايتها، ماذا ستكون النتيجة؟". وأشار إلى أن "الحكومة لا يمكنها استغلال استراتيجية طبية ذريعة لعدم التمسك بمبادئ الديمقراطية، ولا يمكن التماس العذر للرئيسة". وفي المقابل، يقول حزب "الوحدة" الحاكم الذي تنتمي إليه الرئيسة "سيرليف" إن الشغل الشاغل للحكومة هو احتواء فيروس "إيبولا". وفي تصريح لوكالة الأناضول، قال الأمين العام الحزب ويلموت ريموند باي: "نعلم أن جميع الأحزاب السياسية، والناس قلقون بشأن الانتخابات، ولكن هناك قضايا أخرى، ستكشف ما إذا كان الوضع سيتحسن أو يزداد سوءا". وأضاف: "الانتخابات أمر لا نستطيع تجنبه، ولكن السؤال هل نقوم بعمل شيء حتى لا نقوض ديمقراطيتنا، وفي الوقت نفسه لا نقوض الجهود التي بذلت لاحتواء فيروس إيبولا". واختتم بالقول: "حزب الوحدة لن يكون لديه أي اعتراض على إجراء الانتخابات، وبمجرد أن تصبح الظروف هادئة، وبما يتيح ضمان أمن المواطنين سنمضي قدما". و"إيبولا" من الفيروسات الخطيرة والقاتلة، حيث تصل نسبة الوفيات من بين المصابين به إلى 90%، وذلك نتيجة لنزيف الدم المتواصل من جميع مخارج الجسم، خلال الفترة الأولى من العدوى بالفيروس. وبدأت الموجة الحالية من الإصابات بالفيروس في غينيا في ديسمبر / كانون أول الماضي، قبل أن تمتد إلى ليبيريا، نيجيريا، سيراليون، السنغال، الكونغو الديمقراطية، ومؤخرا وصل إلى إسبانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الأسبوع الماضي، أن إيبولا أودى بحياة أكثر من 5 آلاف شخص في غرب أفريقيا، منهم 2413 حالة وفاة في ليبيريا وحدها من بين نحو 14 ألف حالة إصابة.