يعمل أطباء صينيون طوال أسابيع في طليعة معركة احتواء فيروس الإيبولا في غرب أفريقيا، إلا أن مخاوف انتشار الوباء تتزايد وسط عودة الآلاف من العمال الصينيين إلى وطنهم. ووفقا لما جاء على وكالة الأنباء الألمانية وعلى الرغم من وجود نظام نظافة صارم، إلا أن القلق متزايد للغاية بين اعضاء الفريق الطبي الصيني المتواجد في مستشفى الصداقة في سيراليون، الذين يعالجون ما يقرب من 80 مريضا مصابا بفيروس إيبولا بالقرب من العاصمة فريتاون. ويقول لي جين، رئيس الفريق الطبي الصيني إن المرضى يعانون من "حمى وصداع، بالإضافة إلى القيء وبعضهم يبصق دما". وأضاف في مقابلة هاتفية من المستشفى، "لدينا تدابير وقائية جيدة جدا ... إلا أننا لانزال نشعر بالقلق إلى حد ما". ويعتبر أعضاء الفريق، المرسل من مستشفى 302 العسكري المرموق في العاصمة بكين، من بين أول العاملين في المجال الطبي الذين ارسلتهم الصين إلى غرب أفريقيا في أيلول/سبتمبر للمساعدة في مكافحة هذا الوباء الفتاك. وأرسلت الصين نحو 200 من مواطنيها إلى ليبيريا وسيراليون وغينيا، ومن المقرر أن يتجاوز هذا العدد ال700 في الأسابيع المقبلة. ومن أجل دعم هذه الجهود، تعهدت الصين بتقديم ما يقرب من 125 مليون دولار لمكافحة الإيبولا. ويقول لين سونج تيان، المدير العام وقائد العملية في وزارة الخارجية في بكين، "إن دعم الصين لن يتوقف طالما استمر تفشي وباء الإيبولا في غرب أفريقيا". ومنذ عام 2009، تعتبر الصين أكبر شريك تجاري للقارة، مع إجمالي حجم تجارة يتجاوز 200 مليار دولار سنويا. واستثمرت الصين ايضا اكثر من 15 مليار دولار في أفريقيا، في إطار استغلال المواد الخام التي تحتاج إليها الصناعات الصينية بشدة. ويقول لين سونج تيان، متحدثا عن "الأشقاء الأفارقة": إن "الصين ودول افريقيا ظلوا دائما أصدقاء حقا". وعلى الرغم من هذه العاطفة المعتادة ، إلا أن الآلاف من العمال الصينيين ورجال الاعمال غادروا بلدان غرب أفريقيا منذ تفشي الوباء. وعمل أو عاش ما بين 10 و 20 ألف صيني في المنطقة، إلا أن وسائل الاعلام في بكين ذكرت أن مشاريع التشييد الكبرى تم تعيلقها وأن الشركات الصينية امرت موظفيها بالعودة إلى الوطن. وغادر نحو 60 إلى 70 في المئة من ليبيريا وحدها. وتجنب لين سونج تيان الرد على أسئلة حول هذا النزوح، مصرا على أن هناك "عدة آلاف" لا يزالون هناك. وتثار مخاوف حاليا من إمكانية انتقال الفيروس إلى الصين نفسها، عبر مواطنيها العائدين من غرب أفريقيا أو مسافرين آخرين. وتعتبر الصين مقصدا مفضلا للمسافرين في غرب أفريقيا، مع حوالي 160 رحلة جوية مباشرة شهريا من أفريقيا الى قوانجتشو، عاصمة اقليم قوانجدونج المزدهر في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ. وتعتبر منطقة قوانجتشو الجنوبية الحضرية الضخمة موطنا لنحو 15 ألف مواطن أفريقي يسجلون أكبر جالية أفريقية في الصين. وتفيد الصحف الصينية بأن حوالي 438 ألف أفريقي وصلوا الى قوانجتشو في الفترة بين كانون ثان/يناير وتشرين أول/أكتوبر، والكثير منهم جاء لزيارة معرض كانتون الشهير. ويقول أحد عمال التفتيش في المطار إن "جميع الركاب من الدول المتضررة من الإيبولا يجب أن يقدموا لنا كافة التفاصيل الخاصة بكيفية الاتصال بهم، فضلا عن غرض الزيارة ومدتها، حتى نتمكن من تتبعهم ... أولئك الذين لديهم علامات الحمى يتم وضعهم في الحجر الصحي". لكن بعض الخبراء الطبيين لا يثقون كثيرا في ضوابط المطار. ويعتقد بيتر بيوت، الطبيب البلجيكي وخبير الميكروبيولوجي الذي ساعد في اكتشاف فيروس إيبولا عام 1976، أن هناك خطرا كبيرا من تفشي هذا المرض في الصين. وقال الطبيب في ندوة في هونج كونج هذا الأسبوع يوجد "في أفريقيا العديد من العمال الصينيين، مما قد يشكل خطرا على الصين بشكل عام، وأفترض أن هذا سيحدث يوما ما". وعلى الرغم من أن نظام المستشفيات في الصين ليس متطورا على نحو جيد، فإن العاملين في القطاع الطبي لديهم خبرة في التعامل مع الأمراض المعدية. ففي عام 2003 ، أودى تفشي مرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد "سارس" في الصين بحياة 800 شخص، معظمهم في هونج كونج، بينما تسببت سلالة "اتش7 إن9" من فيروس انفلونزا الطيور في مقتل نحو 50 شخصا بعد اكتشافه لأول مرة في آذار/مارس عام 2013. ووصف لي جين ، اثناء المقابلة الهاتفية من مستشفى الصداقة، التدابير التي يتخذها مع فريقه حاليا لمنع تفشي الإيبولا. وقال "السترات الواقية والنظافة والعزل من العناصر المهمة جدا، ونحن نتبع الارشادات حرفيا"، مضيفا أن مصادر العدوى والسكان المعرضين للخطر لا بد من مراقبتهم عن كثب. وتابع لي جين " المجتمع الدولي يركز حاليا على معالجة المرضى، ولكن السيطرة على مصادر العدوى يجب تعزيزها"، مؤكدا أن أي حلقة ضعيفة يمكن أن تسبب مشاكل في معركة احتواء الفيروس.