وسط أجواء قاتمة رسمها الاقتصاديون لأداء الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي الذي يتوقع ان يمر الاقتصاد العالمي خلاله بأسوأ مراحل الركود في التاريخ متأثرا بالآثار السلبية التي خلقتها الازمة المالية العالمية التي اجتاحت كبرى اقتصادات العالم، توقع خبراء اقتصاديون أن تكون الاقتصادات الخليجية من أسرع مناطق العالم عودة إلى تحقيق زيادة في معدلات النمو رغم التراجعات القوية في أسعار النفط وتأثيرها على الفوائض المالية التى تتمتع بها طوال السنوات الخمس الماضية. واجمع الخبراء خلال جلسات منتدى المسؤولين التنفيذيين العالم خلال عام 2009 "الذي تنظمه مجلة الايكونومست، على انه بالرغم من قدرة المنطقة على الارتداد السريع للنمو، إلا ان العودة إلى مستويات النمو السابقة والتي بلغت مستويات تجاوزت 10% لن تتحقق قبل خمس سنوات على الاقل. وقال الخبراء ان الاقتصادات المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي والمملكة المتحدة سوف تسجل نمواً سلبياً لأول مرة، فيما سينحصر النمو الايجابي على اقتصادات الدول الناشئة بقيادة الصين والهند والشرق الأوسط وبلدان جنوب شرق آسيا وأوربا الشرقية. وبالرغم من التوقّعات بانحسار الوضع الاقتصادي العالمي بنسبة 0.4% خلال العام الحالي، والذي يعتبر أول انكماش منذ الحرب العالمية الثانية، ستشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تباطؤاً بنحو 4.6% عن النسبة المتوقعة 6.1% للعام الجاري. وتوقع الدكتور ناصر السعيدي رئيس الاقتصاديين في مركز دبي المالي العالمي ان تشهد الاقتصادات الخليجية تحسناً في الأداء خلال فترة قصيرة، وألا يطول زمن التعافي؛ وذلك نظراً للمقومات الكثيرة التي تتمتع بها دول المنطقة والتي جعلتها الافضل في مقاومة مخاطر الازمة وتحمل اثرها لفترة طويلة. ونقلت صحيفة "الاتحاد" الاماراتية عن السعيدى قوله ان المنطقة التى تتمتع بفوائض مالية قوية تزيد عن 900 مليار دولار يمكنها ان تتجاوز آثار تلك الازمة بسهولة، وهو ما ينعكس على ارض الواقع من استمرارية خطط الاستثمار في مشاريع البينية التحتية وقرار الحكومات بزيادة الانفاق. ومن جانبه توقع أحمد الخطيب المدير التنفيذي لشركة "جدوى" السعودية ان تستمر حالة التشاؤم بالنسبة للوضع الاقتصادي العالمي والاقليمي إلى فترة قصيرة قبل ان تبدأ الاقتصادات في التعافي مرة اخرى، مرجحاً ان تكون الاقصادات الخليجية في صدراة الاقتصادات الاسرع تعافياً من الأزمة. واوضح ان النمو الكبير الذي سجلته الاقتصادات الخليجية خلال السنوات الخمس الماضية قد يزيد من حدة التباطؤ في النمو مع احتمالات حدوث تراجعات قوية في معدل النمو، مشيراً إلى ان قطاعات العقارات والأسهم والبنوك ستواجه صعوبات في العودة إلى المستويات السابقة. وافاد الخطيب بان ما يزيد الصورة تشاؤماً هو قيام الدول المتقدمة بتخفيض توقعاتها المتعلقة بالنمو للعام 2009 عما كانت عليه، وهو جعل النظرة اكثر تشاؤماً في الاسواق الناشئة بسبب الضغط على اسعار البترول وتراجع الطلب العالمي. وأشارت التوقعات، التي أعلنت خلال المؤتمر إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في العالم إلى نسبة 2% في العام ،2009 وفقاً لآخر التقارير الواردة من الخبراء الاقتصاديين وحدة الإيكونوميست لاستقصاء المعلومات". وقال البروفيسور نورييل روبيني ، أستاذ الاقتصاد والأعمال الدولية في كلية ستيرن و الذي توقّع حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية ان العالم يشهد حالياً أسوأ أزمة مالية منذ حدوث الانتكاسة الاقتصادية الكبرى، حيث يتوقع أن يمرّ الاقتصاد العالمي بأسوأ مراحل الركود في التاريخ خلال العام الجاري. وسيشمل الركود أيضاً الاقتصاديات الواعدة في السوق التي ستشهد انخفاضاً حاداً في النمو ما يشبه هبوط الطائرة الاضطراري. كما يتوقع استمرار انخفاض أسعار النفط والغاز والسلع عن مستوياتها الحالية، مما سيؤدي إلى تأثر الدول المصدِّرة للنفط حول العالم وفي الشرق الأوسط بهذا الانخفاض الحاد. وتوقّع روبيني أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يشهد انتعاشاً ملموساً خلال عام 2010 فقط عبر تحقيق عام مالي ناجح واعتماد سياسة نقدية ومالية موازية في الولاياتالمتحدة الأميركية والدول الأخرى، كما أوضح أن آثار الركود الاقتصادي ستبقى مماثلة خلال ذلك العام بالرغم من تخطي هذا الوضع. وقال دانيال فرانكلين مدير تحرير مجلة الإيكونوميست: بالنسبة إلى الاقتصاد والأعمال والسياسة، تعِد سنة 2009 بأنها ستكون عام التكيّف مع العالم المتغير، وستعمد بعض الاقتصاديات الغنية بعد ذلك إلى تسميته بفترة الركود مع تداعياتها مثل حالات الإفلاس والتقشف وارتفاع معدلات البطالة. أما بالنسبة إلى العالم المتنامي في الوقت نفسه، فإن معدل النمو سيكون بوتيرة أقل من ذي قبل، لكن ستتمكن العديد من الدول بشكلٍ لافت من المحافظة على وضعها الجيد نسبياً.