- شاندا : الشعب المصرى ليس قارئا .. و "عمارة يعقوبيان" بداية التغيير " الاقتصاد " حل محل الديكتاتور فى الغرب - طاهر : الأدب كالنهر .. لا يؤثر بشكل مباشر و لكن ببطء شديد -نظام مبارك لم يأخذ الأدب على محمل الجد .. و " الرقابة الذاتية "هى الأسوء - مراد : الحياد " أكذوبة " .. والآراء السياسية أضاعت أدباء و صنعت غيرهم فى حفل إطلاق النسخة العربية من كتاب " أدب التمرد " للصحفية الألمانية " سوزان شاندا " عن مؤسسة هنداوى للتعليم و الثقافة ، شارك فى الحفل الروائى الكبير بهاء طاهر ، و الروائى الشاب أحمد مراد ، و قدم الندوة الناشر شريف بكر . اهتمت شاندا بقضايا الشرق الأوسط لأكثر من 15 عاما ، و زارت مصر أكثر من 20 مرة ، لتقيم حوارا واسعا مع أدبائها ، كان نتاجه " أدب التمرد " ، و فى حديثها عبرت الصحفية الألمانية عن سعادتها لإطلاق النسخة العربية من كتابها ، و أعدت ذلك ك " حلم يتحقق " . و عن قصة الكتاب تقول شاندا : القصة بدأت منذ 20 عاما ، عندما سافرت لمصر لأول مرة ، و كعادتى أصحب رواية معى لقتل الوقت أثناء الرحلة لأحد كتاب البلد التى أزورها ، و لم أكن أعرف حينها سوى " نجيب محفوظ " . و تتابع شاندا قائلة : كنت اسأل الناس فى الشوارع و المواصلات عن نجيب محفوظ ، فكان الرد " اه شفت أفلامه " ، حينها أدركت أن الشعب المصرى ليس شعبا قارئا ،و أنه يفضل مشاهدة الأفلام عن قراءة الكتب ، و هذة إشكالية حقيقية ، فالأدب لم يكن يصل لمعظم الناس . حتى حدثت الطفرة ، مع رواية علاء الأسوانى " عمارة يعقوبيان " ،و رواية " تاكسى " لخالد الخميسى ، و " عايزة أتجوز " لغادة عبد العال ، جعلت الناس تقبل على القراءة من جديد . و قالت الصحفية الألمانية أن بهاء طاهر كان من أوائل الأدباء الذين قابلتهم فى مصر ، و قرأت ترجمات رواياته " واحة الغروب " ،و " خالتى صفية و الدير " ،و " حب فى المنفى " بالألمانية ،و قرأت " فيرتيجو " بالألمانية ،و حاليا تقرأ " تراب الماس " . و بعد ثورة 25 يناير أرادت شاندا أن تعرف أثر الأدب فى هذة الثورة التى لم تكن تتوقع حدوثها ، و قالت شاندا أنها كتبت " أدب التمرد " للجمهور الألمانى الذى لا يعرف كثيرا عن الأدب المصرى ، لقلة الترجمات للروايات العربية بالألمانية ، مشيرة لسعادتها أن الجمهور العربى ايضا يستطيع الآن الإطلاع على كتابها ، مشيرة أنها لم تقم بإصدار أحكام أو عمل نقد للأدب أو الثورة ، بل فقط " تسجيل حالة ". أما عن الرقابة فى الغرب ، فقالت شاندا أن الرقابة فى الغرب ليست حكومية ، بل رقابة السوق ، فهناك كتب لا تنشر لأنها لن تباع . ففى الغرب ليس هناك ديكتاتور واحد له السلطة المطلقة ، بل السلطة للاقتصاد ، فمن الصعب معرفة من هو الشرير هنا . بهاء طاهر .. نقطة النور و إجابة على تساؤل شاندا حول تمهيد الأدب الطريق للثورة ، قال بهاء طاهر أن الأدب و الثقافة ليس لها دور مباشر فى الثورة ،و أن مسرحية " النساجون " عن العمال التى أحدثت ثورة بألمانيا ، استثناء و ليست قاعدة ، فالثقافة تلعب دورها ببطء شديد ، و شبه طاهر " الأدب بالنهر الذى يشق طريقه من المنبع إلى المصب حتى يصل لهدفه " . و أشار طاهر أن أدباء كنجيب محفوظ و يوسف إدريس و غيرهم ، لعبوا دورا فى تغيير عقول المصريين ،و أحدثوا تغيير ليس على الصعيد السياسى فقط ، بل على الصعيد الاجتماعى أيضا ، و خاصة وضع المرأة ، و أعد طاهر الراحل " إبراهيم منصور " الأب الروحى للكتاب الجدد . كما أكد أن جميع الكتاب على اختلاف اتجاهاتهم ، دفعوا ثمن كتابتهم فادحا سواء بالسجن أو النفى أو التضييق ، و هذا ما تعرض له الكثير من أبناء جيله . و بسؤال شاندا لطاهر عن رأيه فى وضع الأدب الحالى بعد قوله أن نظام مبارك لم يأخذ الأدب على محمل الجد ، قال بهاء طاهر أن مبارك ترك الكتاب يقولون ما يريدون و يفعل هو ما يريد ، و لم يعرف مكمن الخطر فى ذلك ، فما بدء كتنفيس وصل لانفجار . و ان ما هو أخطر من تضييق السلطة هو " الرقابة الذاتية " التى يفرضها الكاتب على نفسه ، حينما يراقب ما يكتب و يحكم عليها وفقا لمناسبته الأوضاع الحالية من عدمه ، قائلا : هناك أقلام عرفناها صريحة ، الآن تسير على الحبال . أحمد مراد و أدب التمرد من جانبه علق الكاتب أحمد مراد على " أدب التمرد " قائلا : الكتاب تجربة مثيرة و جرئ ، فالعين التى تلقط الصورة عن بعد ، ترى بشكل أفضل ، و يسعدنا أن نرى كيف يرى الغرب الأدب المصرى . و قال مراد إن الأدب مرآة المجتمع و تأثيره فيه يأتى بشكل " ناعم " ،و أن نجيب محفوظ بعد ثورة 1952 ، توقف 5 سنوات عن الكتابة لاستيعاب ما حدث ، و رواياته لم تكن تنقل حرفيا ما حدث بالثورة ، بل ترصد انعكاساتها بالمجتمع كرواية " اللص و الكلاب " ، و هذا ما حدث معى عندما عدت ل " 1919 " فلو جاء الأسلوب مباشرا لأصبح بلا معنى . و أكد صاحب " الفيل الأزرق " أن السياسة جزء من الحياة ، فلا يستطيع كاتب أن يبعد عن السياسة ، و كون المرء محايدا أكذوبة ، مشيرا أنه ربما لا يعلن عن آرائه السياسية ، و لكن أول روايتان له كانوا ذو طابع سياسى . و قال مراد أنه لم يواجه أى نوع من الضغط بسبب كتاباته ، كما تعرض له بهاء طاهر و جيله ، و لا يعرف ما إذا كان لهذا تأثيرا عليه ، قائلا عندما صدرت " فيرتيجو " تحاميت فى دار ميريت فكانت معروفة بجرأة كتبها . فيما أشار أن الفترة الأخيرة كانت الأصعب على الكتاب من زمن مبارك ، فهناك حالة شك و حكم من القراء على الكتاب بسبب آرائهم السياسية ، لافتا أن هذة التجربة ضيعت أدباء ، و صنعت أدباء جدد .