ألقت قناة BBC البريطانية الضوء على بعض القضايا الهامة في العالم العربي والشرق الأوسط أمس الأربعاء ، وكان أبرزها نظرة المسلمين في الغرب إلى أفعال وأفكار تنظيم الدولة الإسلامية " داعش" وخطورته على العالم، بالإضافة إلى مستقبل المسيحيين والتحديات التي يواجهونها منذ قرون في الشرق الأوسط. أفكار «داعش» وناقش برنامج Global أفكار تنظيم الدولة الإسلامية " داعش"، حيث قال باول بريمر مبعوث الولاياتالمتحدة السابق في العراق أنه لا يرى نفسه مسئولا عما يجري في العراق لأن الولاياتالمتحدة رأت أن الوضع كان سيئا في الأعوام 2003م - 2004م وتحسن بعد ذلك ثم عاد ليصبح كارثي في الأعوام 2006م - 2007م. وأضاف أنه لم يجد جيشا في العراق عند دخوله إليه وإنما حاولت الولاياتالمتحدة صناعة جيش جديد استطاع أن يهزم تنظيم القاعدة في نهاية عام 2009م والمشكلة التي ظهرت في الجيش العراقي تشكلت بعد انسحاب القوات الأمريكية وأرجع سبب انسحاب الجيش العراقي بسرعة إلى محاولة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي تعيين قيادات موالية له بغض النظر عن كفاءتهم العسكرية. وأوضح أن الولاياتالمتحدة وجدت صعوبة في ممارسة ضغوطات على حكومة نوري المالكي بعد انسحابها في نهاية العام 2010م وما يجب على الولاياتالمتحدة فعله الآن هو رفض تشكيل " دولة إسلامية في العراق والشام" بالإضافة إلى تسليح الأكراد ومساعدة حيدر العبادي في تشكيل حكومة جديدة والاستمرار في تنفيذ غارات جوية أمريكية في العراق التي كان مردود إيجابي. وأضاف قائلا أن منطقة الشرق الأوسط تتجه نحو إنزلاق عن مخطط سايكس بيكو ولكن يجب التركيز الآن على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. ورأى محمد مراندي أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، أن الإيرانيون لا يمكنهم الوثوق في الولاياتالمتحدة التي غزت العراق ودمر بنيته التحتية وكانت إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي رفضت ذلك الغزو. وأشار إلى أن إيران حذرت من دعم الولاياتالمتحدة لدول الخليج مما أدى إلى بدء " حرب أهلية " في سوريا وفتح باب التطرف هناك وذكر أن الإعلام الغربي صور أن إيران تدعم المقاومة العراقية السنية ثم ادعى أنها تدعم المسلحين الشيعة ولكن الحقيقة هي أن الشعب العراقي نفسه كان يحاول مقاومة الاحتلال الأمريكي الذي كان المشكلة والمشكلة اليوم هي " الوحش" الذي نشأ في العراقوسوريا. وأوضح أن الولاياتالمتحدة لم تتحرك إلا بعد استهداف الأكراد حلفاءه والولاياتالمتحدة بدلا من أن تقوي الحكومة العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة ترى الإيرانيين غير مسلمين ويمكن قتلهم وتلك الأفكار نشأت في السعودية وانتشرت حول العالم. قالت ربيكا ماسترتون مسلمة شيعية أن اهتمام المسلمين بالخلافة يتوقف على نوعية المسلم، فالشيعة غير مهتمين بالخلافة لأنهم يرونها وسيلة من الحكام لإخضاع الشعوب لأغراض سياسية وأوضحت - من وجهة نظر شيعية- أن المشكلة تكمن في من سيطبق الشريعة الإسلامية وأن تلك كانت المشكلة منذ بداية الخلافة الإسلامية. ومن جانبه قال عمر ميهتاب مسلم سني ،أن فكرة الخلافة موجودة في الإسلام على المذهب السني ولكن تصوره يختلف بين الطوائف الإسلامية ورأى أن الخليفة لن يستطيع أن يجمع المسلمين وغير المسلمين في مستوى متساوي وسلمي. وقال سيف الإسلام مسلم سني قال أن ما يحدث في العراقوسوريا يعد ظاهرة لأن المسلمون حول العالم يتحدون اليوم وأوضح أن الشيعة والمسيحيين يمكنهم الحياة إذا اتبعوا قوانين الدولة التي يعيشون بها مثلما يتبع المرء قوانين دولة مثل بريطانيا وذكر أن البريطانيون قد قتلوا وذبحوا كثير من المسلمين من أجل تطبيق قوانينهم وأكد أن الإسلام هو أول من أعطى المرأة حقوقها والإسلام هو الدين الأكثر انتشارا في الغرب وهناك تأييد قوي لأبي بكر البغدادي هناك بالغرب وأوضح أنه سيكون سعيدا لو استطاع السفر إلى العراق ولن الحكومة البريطانية لن تسمح له بذلك. عقلية الدولة الإسلامية وناقش البرنامج أيضا عقلية تنظيم الدولة الإسلامية وخطورته على العالم، وقالت بيان رحمان ممثلة سامية للحكومة الكردية في بريطانيا ،أنه من الصعب التنبؤ بسرعة التخلص من تنظيم الدولة الإسلامية من العراق بأكمله وأشارت إلى أننا الآن نعلم تكتيكات هجوم وانسحاب التنظيم وكلما واجهناهم كلما علمنا عنهم أكثر. وأكدت أن إقليم كردستان العراق يحتاج إلى مزيد من الغارات الأمريكية والأسلحة من أصدقاءهم الغربيين وأكدت أن تنظيم الدولة الإسلامية يمكن هزيمته لأنهم بشر وحتما سيخطئون. ورأت أن هناك أناس يفرحون بصور ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية بينما يروها بأنها نوع من أنواع العمل المفزع ويجب أن نعلم العالم أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يمثل الإسلام فالأكراد أغلبيتهم مسلمين ويضمون أقليات أخرى من المسيحيين واليزيديين. ومن جانبه رأى جيريمي جرينستوك مبعوث بريطانيا الخاص في العراق سابقا، أن صور ترحيل اليزيديين إلى جبل سنجار في العراق ودفع تنظيم الدولة الإسلامية لهم إلى وضع يائس قد أدى إلى تدخل الأمريكيين في الأزمة. وأشار إلى أن الأمريكيون سارعوا في دعم قوات البيشمركة التي تحتاج إلى دعم عسكري أقوى وأكد أنه لأي يمكن لتنظيم الدولة الإسلامية أن يؤسسوا دولة خلافة إسلامية بدون دعم الشعب، فالشيوعية لم تستمر إلا بدعم الشعب ودولة يوغسلافيا لم تستمر إلا بدعم الشعب. وأوضح أن أهل السنة في العراق يريدون اجتناب تنظيم الدولة الإسلامية وأيضا يريدون إظهار سخطهم على حكومة بغداد ولذلك يجب على الحكومة الجديدة إشراكهم والسير في إتجاه أكثر شمولية لأن هذا سيحدد من قدرات تنظيم الدولة الإسلامية وأكد أن الشعب العراقي رفض استمرار القوات الأمريكية وهذا اختيارهم ولا يمكن عودة القوات الأمريكية إلا بدعوة من العراقيين وموافقة من الأمريكيين ولذلك فإنه يرى قرار أوباما بالانسحاب من العراق قرار صحيح والولاياتالمتحدة يمكنها أن تساعد العراقيين ولكنها لن تستطيع أن تنبي دولة لشعب آخر لأن هذا واجبهم. وأشار حراس رفيق عضو بمؤسسة "كويليام"، أن تنظيم الدولة الإسلامية يمكن هزيمته عسكري ويمكن هزيمته فكريا أيضا ويلزم ذلك. وأوضح أن المسلحون في ليبيا إن استولوا عليها سيعلنون فيها الخلافة وهذا الأمر قد يحدث أيضا في أندونيسيا أو قد تعلنه جماعة " بوكو حرام" أو " الشباب المجاهدين" ولذلك يجب أن محاربة تلك الأفكار والحيلولة دون تحول الناس نحو التطرف وهذا يقع على عاتق المنظمات المدنية وليس الحكومات. وأضاف قائلا أنه يرى أنه يجب ألا يكون هناك تواجد لقوات عسكرية مرة أخرى في العراق لأن هذا سيجلب مقاومة أكبر والحل في رأيه هو تحالف دول المنطقة مثل مصر والسعودية وتركيا وقطر وكذلك باكستان مثلما حدث في التحالف الدولي والشرق أوسطي إبان مواجهة غزو الرئيس الراحل صدام حسين في الكويت. ومن جانبه قال رياض منصور سفير فلسطين في الأممالمتحدة أن الوفد الفلسطيني الممثل - لكل الفلسطينيين- مازال موجودا بالقاهرة ليواصل القبول بالحوار تحت شروط المبادرة المصرية وأكد أن مصر لم تيأس في إيجاد حل ودعوة الطرفين من أجل الحوار وذكر أن إسرائيل هي من تركت الحوار في القاهرة وكان لها مطالب غير منطقية أدت إلى إنهيار الهدنة ورأى أن الجانب الإسرائيلي لم يكن لديه نية في الاستمرار بالعمل بالهدنة واستغل حادث بسيط مثل إطلاق الصواريخ من أجل إسقاط الهدنة. وأكد أن مطالبة إسرائيل بنزع السلاح من قطاع غزة هو أحد المطالب الغير منطقية التي تطالب بها إسرائيل مما يعني استسلام الفلسطينيين ووقف المقاومة. مستقبل مسحيو العالم العربي وعلى صعيد مختلف ألقى برنامج Hard Talk الضوء على مستقبل المسيحيين في العالم العربي والتحديات التي يواجهونها منذ قرون في الشرق الأوسط. قال انجيلوس أسقف من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، إن المسيحيين واجهوا الكثير من التحديات طوال إقامتهم في العالم العربي والشرق الأوسط منذ قرون، ولكن الأمور وصلت لمستوي خطير في الشهور الماضية، مبينا أن المسيحيين لم يخبروا دولة الخلافة التي يعمل هؤلاء على إقامتها في التاريخ الحديث، والقيود الجديدة المفروضة عليهم في مثل شيء كهذا مثل الجزية وغيرها. وأضاف انجيلوس أنه يشعر بالقلق عندما ينظر لمناطق تحدث فيها اضطهادات دينية مثل ما حدث في الموصل بالعراقوسوريا والضفة الغربية أو ما حدث في مصر منذ سنة عندما تم إحراق كنائس وغيرها، مشيرا أن هناك صمت عالمي حيال هذا الأمر. وأردف قائلاً: أنه لم يكن ليطالب بتدخل خارجي لو كانت الأمور سيئة بهذه الدرجة، مشيرا أن حماية هذه الأقليات الدينية تتطلب نقلهم إلى أماكن أكثر أمانا، مع الوضع في الحسبان التدخل العسكري، ولو كان هناك حل سلمى أو تسوية سلمية مع المضطهدين سيكون هذا من الأسلم. وأشار انجيلوس أن التسوية لن تحدث مع حركات غاية في التطرف مثل الجماعة الإسلامية في العراق والشام/ داعش، لأن الحوار والتسوية يحدثان فقط عندما يبدي كلا من الطرفين انفتاحا واستعدادا للتنازل من أجل السلام والتعايش. وشدد أسقف من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية ،على أن يحدث التدخل العسكري في الحالات القصوى فقط، كأن تتعرض هذه الأقليات للإبادة العرقية، لأنه ليس قرارا صحيحا أن يتركوا لمصيرهم في مثل هذه الحال أو حتى نقلهم من أماكنهم إلى بلدان أكثر أمانا إذا ما تيقنوا من أنهم لن يستطيعوا الحفاظ على عائلاتهم، وقال أن كثير من المصريين المسيحيين رفضوا الخروج من مصر، بالرغم من قدرتهم المالية على ذلك. وأضاف أن المسيحيين المصريين ساندوا ودعموا نظام محمد حسنى مبارك، ومن بعده عبد الفتاح السيسي، بالرغم من كونهم ذوى خلفية عسكرية، لأنهم يعتقدون أن مصلحتهم تقع في دعم هذا الطرف، مشيرا أنه من الصعوبة أيضا أن يقال أن كل المسيحيين دعموا أم لم يدعموا مبارك لأنه عندما وقف المصريون ضده، وقفوا جميعا كمسيحيين ومسلمين. وأوضح أنه لا يتكلم أو يدعم الحكم العسكري،ولكن الرئيس السابق محمد مرسي همش الأقباط في مصر، وكان المسيحيون لا يشعرون بالأمان تحت سلطته وتحت سلطة جماعة الإخوان المسلمين، كما أن عزله تم بناء على رغبة المسيحيين والمسلمين وبتأييد شيخ الأزهر أيضا، مؤكدا أن الرئيس السابق محمد مرسي لم يحقق الديمقراطية التي أتى من خلالها. ورأى إن ما يحدث في العالم العربي الآن، يعطى المرء فكرة عما حدث للمسيحيين في القرون التي تلت دخول الإسلام لمصر مثلا، وما دام المسيحيين قد نجوا من تلك الظروف القاسية في ذاك الزمان فإنه بالتأكيد سينجون مما يحدث لهم الآن.