جاء الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع تنمية محور قناة السويس وما يتضمنه من حفر قناة جديدة وتعميق المجرى القديم في مرحلة حرجة في تاريخ مصر، والمشروع لم يكن مفاجأة خاصة وأنه طُرحت فكرته في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي. وقد أعادت القناة الجديدة للأذهان تاريخ من الصراع على قناة السويس بين الدول العظمي والاحتلال البريطانين وحصول إنجلترا على امتياز قناة السويس لمدة 99 عام والمماطلة ومحاولة تمديده لأربعين عام أخرى، وقرار تأميم القناة والصراع الإسرائيلي في سيناء ومدن القناة. التأميم والعدوان الثلاثي المجرى الملاحي لقناة السويس هو المتحكم في حركة عبور السفن على مستوى العالم، وهو ما جعل السيطرة عليه هدف استراتيجي لقوى الاحتلال البريطاني، وجاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر واتخذ قراراً بتأميم شركة قناة السويس كشركة مساهمة مصرية بعدما سحب البنك الدولي تمويله لمشروع بناء السد العالي، حدث العدوان الثلاثي على مصر نتيجة لقرار التأميم. كان العدوان الثلاثي على مصر من إنجلترا وإسرائيل وفرنسا في أكتوبر من عام 1956، حيث كانت مدن القناة هي هدف العدوان فتوغلت القوات الإنجليزية والفرنسية في بورسعيد والسويس والإسماعيلية لكنها لقت مقاومة شعبية باسلة عجزت أمامها عن التقدم وقامت الحكومة المصرية بسحب قواتها من سيناء لردع العدوان في مدن القناة، فانتهزت إسرائيل الفرصة واحتلت شبه جزيرة سيناء، حتى جاء تدخل الاتحاد السوفيتي وانسحبت القوات المعتدية من مصر. القناة وبريطانيا في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا إمبراطورية عظيمة لا تغيب عنها الشمسن كان مهما بالنسبة لها أن تجد ممرا مائيا يوصلها بمستعمراتها في قارتي إفريقيا وآسيا، وبدأت في شراء حصة مصر في أسهم القناة من الخديوي إسماعيل، ثم عملت على إغراق مصر في الديون حتى وقع الاحتلال البريطاني لمصر في سنة 1882. وانتهجت إنجلترا عدة طرق للانفراد بالسيطرة على قناة السويس، كان منها حل الجيش المصري وتسريح جنوده، وعزل الخديوي إسماعيل وإبعاد فرنسا عن القناة ثم احتلال قبرص، وهيأت كل السبل لاحتلال القناة عسكريا وهو ما حدث بالفعل. وبعد الاحتلال البريطاني لمصر صدر منشور إنجليزي في يناير 1883يقول "إن القوات البريطانية قد احتلت قناة السويس واتخذت القناة قاعدة للعمليات الحربية لحماية الملاحة في القناة والحيلولة دون الإضرار بها، وقد فعلت ذلك باسم الخديوي توفيق ونيابة عنه وتأييداً لسلطته، وبرغم هذا فالحكومة البريطانية حريصة على حرية الملاحة في قناة السويس،وأنها تقترح عقد اتفاقية بين الدول الكبرى تحقق هذه الحرية لجميع السفن في وقت السلم والحرب". الطريق الإسرائيلي البديل كانت السفن الإسرائيلية ممنوعة من عبور القناة منذ حرب فلسطين 1948، لكنها بعد العدوان الثلاثي استغلت الحدث لصالحها ووجود قوات دولية في شرم الشيخ للسماح بمرور الملاحة الإسرائيلية عبر مضيق العقبة، واهتمت إسرائيل بعد هزيمتها للجيوش العربية في سنة 1967 بالوجود البحري، خاصة بعد مقترح حفر قناة بديلة لقناة السويس تربط خليج العقبة بالبحر الأبيض المتوسط ردا على تأميمها. ولم تزل القناة هدف لإسرائيل بعد تحريرها وعبور الضفة الشرقية منها في حرب أكتوبر 1973 وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، فيعتبر ملف سيناء وقناة السويس أهم الملفات المطروحة خلال الفترة الراهنة بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، وتُجرى مقابلات واتصالات بين الجانبين المصري والأمريكي أو المصري والإسرائيلي لبحث هذا الملف خاصة بعد الحملة الأخيرة وما أسموه "الإرهاب في سيناء". المشروع الجديد دفع البعض للتصور بأن حفر مجرى ملاحي جديد هو تصدي للمشروع الإسرائيلي بإنشاء قناة مائية بديلة في خليج العقبة وصحراء النقب ووصولا لإيلات، وأن القناة الجديدة ستؤثر بشكل كبير على اقتصاد إسرائيل وأمريكا معا، وهو أمر لا يمكن الجزم به خصوصا في ظل الاهتمام الذي توليه الصحف العالمية للمشروع. إلا أن إسرائيل كانت قد عقدت اجتماعا، في فبراير عام 2012 صدَّقت خلاله على مشروع يستهدف شق طريق بديل لقناة السويس عبر مد خط مزدوج للسكك الحديدية إلى إيلات خط لنقل المسافرين وآخر للبضائع، الذي وصفه مسئولون إسرائيليين في تلك الفترة بأنه قرار استراتيجي وضروري. وفي تلك الفترة قلل خبراء مصريون من الخطوة وقدرة المشروع على منافسة قناة السويس.