الاحباط والقلق يسيطران على الجنود الهنود في كشمير المحتلة
*سمير حسين زعقوق
سمير حسين حالة من الاحباط والقلق تسيطر على الجنود الهندوس في كشمير المحتلة مع استمرار وجودهم في حالة تأهب قصوى في الولاية `ذات الاغلبية المسلمة ، التي تشتد فيها المقاومة للاحتلال الهندي يوما بعد يوم ، ويتعرض الجنود الهندوس للقتل في عمليات فدائية يقوم بها المجاهدون .
وعلى الرغم الأساليب القمعية التي تقوم بها القوات الهندوسية ضد المجاهدين ، وإرهاب الدولة الذي تمارسه الهند عليهم ، وعلى المتظاهرين الأبرياء في كشمير المحتلة .
فإن الروح المعنوية للقوات المسلحة الهندية في الحضيض ، في مقابل المعنويات المرتفعة للمجاهدين الذين يرجون من الله مالا يرجو الجنود الهندوس.
ومعروف أن الهند احتلت كشمير عام 1947 ، ودفعت إليها بحوالي 800 ألف جندي يستخدمون كافة الأساليب القمعية والوحشية من قتل خارج نطاق القضاء ، وحرق المنازل ، وهدم المتاجر وتعذيب واغتصاب ، والفساد ، وسرقة المنازل وعمليات الخطف ، وما إلى ذلك من أجل قمع تطلعات مسلمي للاستقلال وإجهاض حركة الحرية الحقيقية للكشميريين.
بالإضافة إلى كل هذه الممارسات الظالمة فالهنود يمارسون القتل العشوائي ، وتم اكتشاف ما يقرب من 1000 قبر لمسلمين لا تحمل علامات في كشمير المحتلة ،وفي كل يوم يتم اكتشاف المزيد من هذه المقابر الفردية والجماعية .
وتشير التقارير إلى أن هؤلاء المسلمين تعرضوا للتعذيب من قبل الجيش الهندي خلال الاحتجاز حتى الوفاة ، ومع ذلك فإن هذه السياسة القمعية لم تؤثر في معنويات المقاومين من أجل الحرية الذين فقدوا الثقة في المجتمع الدولي ، الذي استمر في تجاهل معاناة شعبهم .
وعندما أصبح واضحا أن قوات الاحتلال الهندي لن تترك المناطق التي تسيطر عليها من خلال الوسائل السياسية ، لم يعد هناك خيار سوى اللجوء إلى الكفاح المسلح الذي تم تكثيفه فعليًا في عام 1989م.
وفي الواقع ، فإن الحرب الحالية بين قوات الاحتلال الهندي والمقاتلين من أجل الحرية في كشمير هي «صراع إرادات» بين كيانين.وهناك اتفاق بين المفكرين العسكريين على أنه لايكفي امتلاك القوة البدنية وتحديد نوع وحجم العمليات القتالية وتوفر احدث المعدات العسكرية لكسب اي حرب .
وهم يرون أن "إرادة القتال" أو "القوة المعنوية" هي التي تحدد نتائج الحروب. ويقول أحد المفكرين العسكريين "يمكن للمرء أن يقول إن القوة البدنية تبدو أكثر قليلا من مقبض خشبي ، في حين أن العوامل المعنوية هي المعادن الثمينة ، والسلاح الحقيقي لكسب الحرب "
وقد أثبتت الحرب الدائرة بين المقاتلين في كشمير والقوات الهندية أن مثل هذه العناصر "الرغبة في القتال" و "القوة المعنوية" لها دور في نتائج المعركة ، وقد لوحظ في الآونة الأخيرة أن الأثر النفسي الذي تركته المقاومة الكشميرية في نفوس الجنود الهندوس تسبب في إصابتهم بالاكتئاب والضغط النفسي ، مما أدى إلى تثبيط همتهم.
وفي هذا الصدد ، تم الإبلاغ عن العديد من حالات الانتحار بين الجنود الهندوس وفتح النار على زملائهم والعديد من ردود الفعل المتوترة الأخرى فيما يتعلق بالجنود الهنود في كشميرالمحتلة.
وكان اللفتنانت كولونيل بانكاج جها قد قتل نفسه بمسدس الخدمة ، في حين أن الميجور سوبها راني والكابتن سونيت كوهلي واللفتنانت سوشميتا تشاترجي وعدد من الضباط الآخرين من الجيش الهندي قد اقدموا علي الشئ نفسه.
وأرجع محللون عسكريون هنود وعلماء نفس أسباب حالات الانتحار وقتل الجنود بعضهم البعض داخل معسكرات قوات الجيش الهندي المتمركزة في جامو وكشمير إلى "العمل المتواصل في ظروف صعبة ، وتعرضهم باستمرار للتهديد والقتل من المقاومين ، وقسوة العيش في أرض المعركة لفترات طويلة دون أن تكون هناك وسائل ترفيه ، وبعدهم المستمر عن أسرهم"
ويؤكد الميجور جنرال متقاعد أفسار الكريم ، الذي خاض ثلاث حروب أن ارتفاع حالات الانتحار بين الجنود بسبب مشاركة الجيش في بيئة صعبة منذ فترة طويلة تفتقد أصلا للأمن الداخلي ، وحرمانهم من الأجازات لرؤية أسرهم ، في الوقت الذي يُسمح للضباط الهندوس بالأجازات بصفة دائمة.
محلل عسكري هندي آخر يقول إن مسألة تدني الأجور ورواتب الجنود جعلهم يزهدون في هذه الحياة الصارمة التي يحيونها حاملين أسلحتهم متأهبين لإطلاق النار على أي مقاوم يظهر في أي لحظة.
وكذا تعرضهم للقنص من جانب القناصة الكشميريين ، واحتمالات تعرضهم لعمليات استشهادية ، جعلهم يندفعون إلى الخلاص من أرواحهم ، بدلا من أن يباغتهم الموت. كما أن تعرض الجنود لمضايقات من قِبل رؤسائهم ، أو أثناء النقاشات الحادة يدفعهم للانتحار أو قتل زملائهم.
وذكرت اللجنة البرلمانية الهندية الدائمة للدفاع في تقريرها المعنون "إدارة الإجهاد في القوات المسلحة" أنه تم الإبلاغ عن 635 حالة انتحار بين الجنود بين عامي 2003 و 2007. بالإضافة إلى 67 حالة قتل قام بها الجنود بسبب مشادات فيما بينهم .
وقالت اللجنة أيضا أن "الاتجاه المقلق لحالات الانتحار والقتل بين الجنود في القوات المسلحة ويعزى إلى زيادة إجهاد البيئة مما يؤدي إلى اختلال التوازن النفسي بين الجنود.
ومع ارتفاع حالات الانتحار ، كشف وزير الدفاع الهندي إيه كي أنتوني في رد مكتوب في لوك سابها (البرلمان الهندي) أن هناك 48 حالة انتحار في عام 2009 وحالة قتل واحدة بسبب التناحر بين الجنود ، و41حالة انتحار بين صفوف الجيش الهندي ، وستة في سلاح الجو الهندي ، وواحد في البحرية.
وكشف أيضا أنه بوجه عام ، كان هناك 495 حالة انتحار و 25 حالة من حالات قتال بين الجنود في القوات المسلحة الهندية على مدى السنوات الأربع الماضية.
ومن بين هؤلاء 154 حالة انتحار و13 حالة قتل بين الجنود وقعت في عام 2006 ، و 142 حالة انتحار و7 حالات قتل بين الجنود وقعت في 2007 و 151 حالة انتحار و4 حالات قتل وقعت في عام 2008.
ومن إجمالى حالات الإصابة ، تم الإبلاغ عن 412 حالة انتحار و24 حالة قتل من الجيش ، و 76 حالة انتحار وحالة تناحر بين الجنود وكانت تقارير من القوات الجوية أوردت أنباء عن سبع حالات انتحاربين افراد هذه القوات .
وقامت الهند بارسال المستشارين والأطباء النفسيين لقواتها ولا سيما في كشمير المحتلة ، من أجل مكافحة الإجهاد الذي دفع العديد من الجنود لقتل أنفسهم أو زملائهم.
وأشار المدير العام للعلوم الطبية الليفتنانت جنرال إن.كي. بارمار " لقد تم تدريب الأطباء النفسيين للعمل بتنسيق وثيق مع القوات.. فإذا كان هناك أي علامات إجهاد يقوم على الفوربإبلاغ الضابط المسئول لتلافي تبعات الأمر .
ومع ذلك ، فإن الأجهزة الأمنية المختلفة في الهند ، التي تعمل في كشمير المحتلة الآن لم تشارك المستشارين وعلماء النفس في مواجهة التوتر الحادث للجنود بل أنها سعت لأساليب علاج أخرى كالتأمل ، والموسيقى ، وتمارين اليوجا للجميع واستخدام تقنيات مكافحة الإجهاد والاضطرابات العقلية .
ومما لا شك فيه أن مناطق النزاع بها حالات اكتئاب نفسي وتوتر وغيرها من الظواهر الشائعة، ولكن في كشمير المحتلة الأمر مختلف إذ أن حالات الاكتئاب والقلق النفسي تسيطر على الجنود الهندوس بصورة أكبر ، مما أفقد القوات الهندوسية في الولاية الروح المعنوية .
وقد يكون ذلك نابع من الفراغ الروحي ، أو أن الجنود لا يرون جدوى من استمرار هذه الحرب الدائرة منذ أكثر من 60 عامًا ولم تُحسم حتي الآن رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد بين المقاومين من أجل الحرية وبين قوات الجيش الهندوسي ؛ ولذلك فإن القوة المعنوية أصبحت مفقودة.