دأبت إسرائيل خلال السنوات القليلة الماضية، على استخدام سياسة "الردع"، كسلاح أول لإرهاب الفلسطينيين، وخصومها، لإنذارهم، وإلحاق الدمار والضرر في صفوفهم لثنيّهم عن القيام بأعمال تُهددها. وتتبع إسرائيل سياسة "الردع"، لوقف أي عدوان تجاهها، كما تفعل في الوقت الحالي من شن غارات مكثفة في أنحاء متفرقة في قطاع غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أول من أمس عن بدء عمليته العسكرية على قطاع غزة، تحت اسم "الجرف الصامد" ضد حركة "حماس" في قطاع غزة لوقف إطلاق الصواريخ من القطاع على جنوبي إسرائيل. وفي السنوات الماضية استخدمت إسرائيل هذا الأسلوب عندما قامت قوات من حزب الله اللبناني عام 2006 بأسر جنديين إسرائيليين، في عملية أطلقت عليها اسم "الوعد الصادق". وعقب العملية شن الجيش الإسرائيلي هجوما جويا حادا وعنيفا، على جنوبلبنان مستهدفا محطات الكهرباء ومطار بيروت وشبكة من الجسور والطرق وزادت حدة "العدوان" حتى تحول إلى "حرب تدميرية"، كما وصفه مراقبون. وكسلاح رادع ضد الفلسطينيين الذين أشعلوا انتفاضة الأقصى عام 2000، نفذ الجيش الإسرائيلي بالضفة في أبريل 2002 عملية عسكرية واسعة أطلق عليها اسم "السور الواقي"، مما تسبب في مقتل أكثر من 200 فلسطيني وأسر نحو خمسة آلاف آخرين. واعتبرت هذه العملية في حينها الأكبر التي يشنها الجيش الإسرائيلي بالضفة منذ حرب يونيو 1967، وتم على إثرها اجتياح كافة مدن الضفة الغربية. وفي يوم 25 يونيو/ حزيران 2006، أسرت فصائل مقاومة فلسطينية الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"( أطلق سراحه بعد 5 سنوات في عملية أطلقت عليها إسرائيل اسم "إغلاق الزمن") في صفقة تبادل أطلقت إسرائيل بموجبها سراح 1027 أسيراً فلسطينياً، مقابل إطلاق حماس سراح الجندي". وعقب عملية أسر شاليط شنت إسرائيل في 28 يونيو 2006، على قطاع غزة عدوانا عسكريا واسعا أطلقت عليه اسم "أمطار الصيف"، خلفت دمارا واسعا. وشنّت إسرائيل حربا أولى على قطاع غزة، بدأت في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، وانتهت في 18 يناير /كانون ثاني 2009، وأطلقت عليها عملية "الرصاص المصبوب"، أسفرت عن مقتل وجرح آلاف الفلسطينيين، وتدمير هائل للمنازل وللبنية التحتية. كما وشنت إسرائيل حربا ثانيا في نوفمبر/تشرين ثاني 2012، استمرت لمدة 8 أيام أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الفلسطينيين في عملية أطلقت عليها إسرائيل اسم "عامود السحاب". ويقول، عدنان أبو عامر الباحث في الشؤون الإسرائيلية إنّ "الردع"، هو أحد وأهم المفردات العسكرية الإسرائيلية. وأوضح أبو عامر، عميد كلية الآداب بجامعة الأمة بغزة في حديثٍ لوكالة الأناضول أن إسرائيل تستخدم سياسة الردع لإيصال رسائل ميدانية للخصم بعدم التعرض للأهداف الإسرائيلية، حتى لا يكون الثمن "أكثر تكلفة" كما ونوعا. وتابع:" الردع ينقسم إلى (الإنذار)، و(الحسم)، ويتمثل بحساب التكلفة التي تريد إسرائيل من خصومها أن تدفعه". وقد تنجح سياسة الردع في أوقات وتفشل في أخرى كما يؤكد أبو عامر، الذي رأى أن قوة الردع الإسرائيلية تآكلت واهتزت في السنوات الماضية بفعل تطور المقاومة الفلسطينية، وتنامي قدراتها العسكرية. وأضاف: "على سبيل المثال السلطة الفلسطينية تتخذ من المقاومة السلمية شعارا، ولا تريد الدخول مع إسرائيل في أي صراع أو تصعيد، فالرئيس الفلسطيني محمود عباس يخشى مصير الرئيس الراحل ياسر عرفات في حال تبنى مواقف ضد إسرائيل، وهذا ما يُسمى ب(سياسة الردع). ويُحمل الفلسطينيون إسرائيل المسؤولية عن موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وذلك بعد محاصرة مقره في مدينة رام الله، بدءا من 29 مارس/ آذار 2002، وهو ما أدى إلى تدهور متصاعد في حالته الصحية، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004. غير أن سياسة الردع في السنوات القليلة الماضية شابها الكثير من الإرباك وفق تأكيد أبو عامر. ومضى يقول:" إسرائيل في الحربين الأخيرتين قامت بتوجيه ضربات موجعة للمقاومة، وهي الآن تقول أن ما يجري هو مجرد نزهة أمام ما سبق، لكن المقاومة الفلسطينية أثبتت ومن خلال ما تملكه من قدرات وصواريخ قادرة على إيلام الإسرائيليين أن سياسة الردع التي تتخذها إسرائيل كسلاح لإرهاب الفلسطينيين تم تحديه". ونشرت "كتائب القسام"، الجناح المسلّح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مؤخرا مقطعا مصورا قصيرا يُظهر تصنيعها لصاروخ جديد كبير الحجم. وتتهم إسرائيل حركة حماس بامتلاك ترسانة من الصواريخ المتطورة، بالتزامن مع بناء شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض، لتطوير منظومتها العسكرية. وكانت كتائب القسام قد قصفت في عام 2012 عندما شنت إسرائيل حربا على قطاع غزة، استمرت لثمانية أيام، مدينة تل أبيب للمرة الأولى بصواريخ محليّة الصنع من طراز (M-75) والتي يبلغ مداها 75 كيلومترا.