منتصر الزيات منذ صدر حكم محكمة القضاء الإداري ببطلان العملية الانتخابية برمتها التي جرت في مارس 2005 والتي أسفرت عن تشكيلة المجلس الحالي للمحامين برئاسة الأستاذ سامح عاشور والأحداث داخلها تتصاعد بشكل دراماتيكي سريع، زاد المناخ تعقيدا الدعوة التي وجهها مجلس نقابة المحامين لانعقاد الجمعية العمومية غير العادية صباح الخميس 10 ابريل 2008 لاعتماد مشروع الدفعة الواحدة لاسرة المحامي عند وفاته بحيث تصل إلي 150000 ألف جنيه ورفع الحد الأقصي للمعاش بحيث يصل إلي 1400 جنيه وزيادة الدمغة علي النحو المبين بالقرار، ثم الطعن علي هذا القرار من بعض الزملاء المحامين البارزين أمام محكمة القضاء الإداري التي قضت في الطلب المستعجل بوقف تنفيذ قرار انعقادها علي أن ينفذ الحكم بمسودته، ثم قبول نقيب المحامين لطلب قدمه خمسمائة محام لعقد جمعية عمومية غير عادية للنظر في تلك القرارات التي أقرها مجلس نقابة المحامين. وبينما أكتب هذه السطور صباح الخميس قبل أن أتوجه إلي مطار القاهرة مسافرا للبنان تكون الجمعية العمومية غير العادية قد بدأت وقائعها وسط أجواء مشحونة ومحتقنة، لا شك أن قدرا كبيرا مما يجري يرتبط بمقدمات طبيعية لحملة انتخابية حامية الوطيس بين أطراف كثيرة متشابكة أو متشاكسة، نقيب المحامين ومجلس نقابة المحامين يريد انجاز مشروعه الرئيسي الذي وعد المحامين به وهو رفع معاش المحامي واعتماد الدفعة الواحدة عند وفاة المحامي، وكان المجلس قد اتخذ قرارا فور انتخابه برفع المعاش لألف وخمسمائة جنيه ثم احيل المشروع برمته لخبير اكتواري يتولي الإعداد والاعتماد تأسيسا علي الموارد المتاحة لاموال المحامين، وعندما انتهي الخبير من أعماله أحال المجلس ما انتهي إليه الخبير للعرض علي الجمعية العمومية المنوه عنها وأقول: إنه من الطبيعي أن يسعي المجلس نقيبا وأعضاء إلي إمضاء مشروعهم في وقت عاجلهم حكم قضائي بعدم مشروعية وجودهم بعد ثلاث سنوات من التقاضي، وفريق يسعي لإزاحة النقيب الحالي سامح عاشور علي سند من القول نفاد مدد شغله لمنصب نقيب المحامين دورتين متتاليتين، وحينما قدم الاخير مشروعا لتعديل قانون المحاماة لسد ثغرات شهدنا جميعا بوجودها قال معارضوه إنه تحايل منه لفتح مدد انتخابه رغم أن التعديلات سائغة وتمثل مطلبا ملحا للمحامين وقلت في وقتها وما زلت أقول: إن الذين يسعون لمنافسته لا بأس لهم أن ينازلوه في انتخابات يقول المحامين كلمتهم خلالها، وعندما صدر حكم بطلان انتخابات نقابة المحامين ردد بعضهم " إنه حكم تفصيل لمصلحة النقيب " لا شك أن التنافس حق طبيعي بل وفطري، أن يتنافس الناس لتحقيق الخير لا لمنافع خاصة، وكان علي النقابيين داخل تلك النقابة التليدة العريقة أن يضربوا أروع الأمثلة لامكانية التنافس مع بقاء ونقاء السريرة، والحفاظ علي القدر المعقول من الاحترام المتبادل، أن نحافظ علي سقف معقول للخلاف أو الاختلاف دون أن يسعي أحد إلي تمزيق ثياب منافسيه أو ضربهم تحت الحزام وترويج الشائعات والاتهامات التي تتناول قدرا من تشويه السمعة والافتراء علي الله وعلي عباد الله، وفي هذا أقول: إن حق أعضاء الجمعية العمومية أن يراقبوا عملية الصرف وأسلوبه والقواعد التي تحكمه، وحقهم في مناقشة ميزانية النقابة التي تحدد إمكانية التعرف علي قواعد الصرف واتباعها أو تجاوزها، ومن ثم حقهم في تقديم بلاغات عن أي تجاوزات قد تبدر، كل ذلك يمكن أن يتم بطرق ووسائل حددها القانون، ليس من بينها أبدا التشهير أو نشر إسناد هذه الاتهامات لشخص بعينه، طالما أن النيابة العامة باتت مسؤولة عن هذه التحقيقات بين يديها. والذي لا شك فيه أن عدم عرض الميزانية علي الجمعية العمومية العادية للمحامين طيلة أعوام من 2005 حتي الآن هو خطأ يتحمله والنتائج المترتبة عليه مجلس نقابة المحامين . والذي لاشك فيه أيضا أننا داخل بيت القانون، وهذا يفرض علينا عناية مضاعفة تفوق عناية الرجل العادي في اتباع الاجراءات القانونية الصحيحة في كافة الأعمال التي صدر عنا سواء المجلس ونقيبه أو عموم المحامين الطاعنين علي أي قرار لا يروقهم من مجلسهم، ويفرض علينا أيضا عناية خاصة في احترام أحكام القضاء، فلا شك أن اتباع سبل غير صحيحة يقينا في الطعن علي الأحكام القضائية لتفويت الفرصة علي الطاعنين إنما هو إهدار صريح لقيمة القانون وقيمة المؤسسة العريقة التي عني بها طيلة تاريخها العناية بالقانون وتنفيذ أحكام القضاء حتي لو اخفقنا في تحقيق فائدة محققة نراها في صالح المحامين، فحسبنا أن قدمنا ما نراه نافعا للمحامين وأسرهم، أما الإجراءات فهي شأن آخر من حقنا كمجلس الطعن علي الاحكام بالطريق الذي رسمه القانون. أما ما تناهي إلي سمعي من انعقاد الجمعية العمومية غير العادية بناء علي طلب من خمسمائة محام، فلا شك أن الظروف التي تحيط به تجعله في خط تماس مع حكم قضائي صادر في مساء الليل البهيم يدمغ إجراءات انعقادها بالبطلان سواء دعي إليها مجلس نقابة المحامين أو خمسمائة محام قدموا طلباتهم لنقيب المحامين ومجلسه. كنا مع قرارات طموحة في رفع المعاشات والدفعة الواحدة للمحامين وأسرهم حتي دمغت المحكمة إجراءات انعقادها فلا سبيل للتحايل علي عقدها ولو كانت القرارات كما أسلفت تحقق صالح المحامين. أنا هنا لا أشكك في نوايا أحد أو اخلاصه لانجاز المهام التي أوكلنا إياها المحامون، لكني أنعي إجراءات لا تتسم بالشفافية داخل نقابة القانون حتي لو كانت تحقق صالح المحامين ولله الأمر من قبل ومن بعد. عن صحيفة الراية القطرية 12/4/2008