قال اقتصاديون مصريون إن الرئيس المصري الجديد المنتخب عبد الفتاح السيسي ستكون أمامه تحديات لزيادة النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة، بعد أن أدت الاضطرابات السياسية والأمنية في البلاد إلى تآكل احتياطي النقد الأجنبي مع تراجع موارده. ويرى الاقتصاديون الذين تحدثوا مع وكالة الأناضول، أن الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي يستطيع زيادة دخل النقد الأجنبي لمصر، من مصدرين أساسيين خلال المرحلة القصيرة المقبلة، هما عودة السياحة إلي معدلاتها الطبيعة، وزيادة تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج، فيما استبعدوا زيادة النقد الأجنبي لمصر من إيرادات قناة السويس، والاستثمارات الأجنبية هذه الفترة. وقالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بجامعة القاهرة سابقا، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يستطيع زيادة النقد الأجنبي خلال فترة وجيزة من خلال عودة السياحة، أحد أهم مصادر الدخل النقدي الأجنبي، وزيادة تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج للعملة الصعبة. وأدى السيسي، وزير الدفاع السابق، اليمين الدستورية، الأحد الماضي، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، التي جرت أواخر الشهر الماضي، بنسبة 96.91% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة في الانتخابات. وأضافت المهدي، في اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول، أن هناك صعوبة في زيادة العملة الصعبة من باقي المصادر المختلفة، التي تتمثل في قناة السويس، والاستثمارات الأجنبية خلال المرحلة المقبلة. وتعد قناة السويس، أحد أهم مصادر الدخل القومي في مصر، وتمثل إيراداتها نحو 10% من العملة الصعبة سنويا، حيث تبلغ إيراداتها نحو 5.6 مليار دولار سنويا. وانخفض حجم احتياطي النقد الأجنبي في مصر، إلى 17.284 مليار دولار بنهاية مايو/ أيار الماضي، مقارنة بنحو 17.489 مليار دولار في نهاية أبريل/ نيسان الماضي، بانخفاض 205 مليون دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري. وأوضحت عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن زيادة التدفقات من قناة السويس يحتاج فترة زمنية طويلة، تتخللها خطة لتحسين الخدمات بها، وأن جذب الاستثمارات الأجنبية يحتاج إلي وضع قوانين ثابتة لا تتغير خلال المرحلة المقبلة. وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي في مصر خلال النصف الاول من العام المالي الحالي ( يوليو/تموز وحتي نهاية ديسمبر/كانون الأول2013)، نحو 2.1 مليار دولار مقابل 12 مليار دولار خلال عام 2010، قبل ثورة 25 يناير2011 . وقال شريف دلاور، الخبير الاقتصادي، إن خلق توازن في الاقتصاد المصري، بين ما تحققه مصر من النقد الأجنبي، وما يخرج منها من العملة الصعبة، سيشكل محور هام خلال المرحلة المقبلة. وأضاف دلاور، في اتصال هاتفي لوكالة الأناضول، أن فرض الضرائب علي البورصة، أحد هذه التوازانات، وأن الهدف منها عدم المضاربة، التي تسببت في خروج النقد الأجنبي من مصر خلال السنوات الماضية. وأقرت الحكومة المصرية، فرض ضريبة رأسمالية سنوية على الأرباح المحققة من البورصة وعلى التوزيعات النقدية والأسهم المجانية بنسبة 10%، بينما أعفت توزيعات الأسهم المجانية بشرط الاحتفاظ بها لمدة عامين، وأول 15 ألف جنيه ( 2000 ألف دولار) من التوزيعات النقدية من الضرائب وسمحت بترحيل الخسائر لمدة ثلاث سنوات، لكن لم يصدق عليه رئيس الجمهورية حتى الآن. وقال دولار، إن من بين المصادر التي ستزيد النقد الأجنبي خلال المرحلة المقبلة، جذب السائحين العرب خلال الفترة الحالية، لتعويض انخفاض السياحة الأجنبية، التي لن تعود قبل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. وانخفضت الأعداد السياحية الوافدة إلي مصر بنسبة 30% خلال الربع الأول من العام الجاري، عن نفس الفترة من العام الماضي، وتراجعت الإيرادات بنسبة 43% لتصل إلي 1.3 مليار دولار. وأضاف الخبير الاقتصادي المصري، أن تحويلات المصريين في الخارج، تمثل أضعاف تدفقات النقد الأجنبي من قناة السويس، وأن تقارب أسعار صرف الدولار في السوق الموازية بالبنوك المصرية، والذي بدء يحدث من أسبوعين، سيساهم في زيادة هذه التدفقات في البنوك المصرية خلال الأيام المقبلة. وحسب تقرير للبنك المركزي المصري، تراجعت تحويلات المصريين من الخارج، إلى 8.441 مليار دولار بنسبة 8.9%، خلال النصف الاول من العام المالي الجاري 2013/ 2014، مقارنة بنحو 9.276 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي الماضي 2012/ 2013. وأوضح دولار، أن جذب الاستثمارات الأجنبية الحقيقية، سيأخذ وقت طويل لتحقيقه علي أرض الواقع، وأن الموارد الأخري كفيلة بزيادة النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الاستثمار في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك، كان استثمار خبيث، ولم يضيف لمصر خلال السنوات الماضية. وقالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن طرح أراضي للمصريين في الخارج بأسعار مناسبة، سيزيد من إقبال المصريين عليها، مما يزيد من تحويلاتهم للعملة الصعبة، و أن زيادة معدلات السياحة العربية خلال الأشهر الحالية، سيزيد من النقد الأجنبي خلال الفترة الحالية. وأضافت فهمي في اتصال هاتفي لوكالة الأناضول، أن قناة السويس تحتاج مجهود كبير جدا لزيادة الدخل الأجنبي منها خلال الفترة المقبلة، من خلال تعميق المجري الملاحي، وتنمية المنطقة المحيطة بها، وزيادة الخدمات التي تقدمها. وقال الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية، لابد أولا من تخفيض الإنفاق من النقد الأجنبي خلال الفترة المقبلة، وعدم استيراد السلع الغير أساسية، خاصة أن مصر تستورد سلع ومنتجات بنحو 72 مليار دولار سنويا. وأضاف جودة، في اتصال هاتفي لوكالة الأناضول، أن عودة الأمن سيساهم في عودة السياحة، التي تعد من أهم مصادر النقد الأجنبي في مصر، وبيع وحدات أو أراضي للمصريين في الخارج بأسعار مناسبة، سيزيد من تدفقات تحويلات المصريين من النقد الأجنبي. وقال إلهامي الزيات، رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، إن الرئيس المصري الجديد ليس لديه عصا سحرية لاستعادة السياحة المصرية خلال الوقت الراهن، لكن يقع علي عاتقه العديد من المسؤوليات، أبرزها استعادة الأمن، وإعادة هيكلة منظومة جديدة للمرور في مصر، ووضع قوانين ثابتة لا تتغير لجذب الاستثمارات السياحية، والتقليل من فرض الضرائب بصورة عشوائية، التي تتسبب في هروب المستثمرين من مصر. وأضاف الزيات، في اتصال هاتفي لوكالة الأناضول، يجب أن تكون هناك هيئة استشارية لوزارة السياحة تضم العقلاء من القطاع، ولا يتقاضون أجرا، ومجموعة من الأجانب، لوضع خطة طويلة الأجل لمدة 5 سنوات لتنشيط قطاع السياحة، ولا تتغير بتغيير الوزير، تشرف عليها هيئة حكومية للمتابعة والتنفيذ يقوم به المصريون فقط. وقال إن رفع حظر السفر إلي شرم الشيخ لن يكون سهلا خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الدول الأوربية والولايات المتحدةالأمريكية، تتوقع استمرار العمليات الإرهابية ضد السائحين خلال الفترة المقبلة. وتمثل السياحة الأوروبية الوافدة إلى مصر، نحو 72% من السياحة الوافدة، وفقا لتصريحات سابقة لوزير السياحة المصري هشام زعزوع. وأصدرت 16 دولة غربية تحذيرات من السفر لزيارة شبه جزيرة سيناء، في النصف الثاني من شهر فبراير/شباط الماضي، تخوفا من استهداف مواطنيها، بعد إعلان جماعة تطلق على نفسها "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها عن تفجير حافلة سياحية في طابا، منتصف الشهر نفسه، والذي أسفر عن وقوع أربعة قتلى، بينهم سائق الحافلة، وهو مصري، وعدة مصابين. وتعول مصر على قطاع السياحة في توفير نحو 20% من العملة الصعبة سنويا، فيما يقدر حجم الاستثمارات بالقطاع بنحو 68 مليار جنيه ( 9.5 مليار دولار)، حسب بيانات وزارة ال