لم يكن أمام محروس لضيق ذات اليد، سوى خيار واحد وهو الذهاب إلى أقرب مستشفى حكومي، ليكون على موعد مع مفاجأة لم تكن سارة بالنسبة له، وهو أنه يعاني من "تمدد في الشريان الأورطي"، أي أن الشريان الذي يصل من منطقة القفص الصدري وحتي منطقة أسفل البطن تمدد ليصبح قطره 5.5 سم بعد أن كان 2 سم، وهو ما يعني أن "الانتظار" قد يؤدي لانفجار الشريان، وبالتالي يتوفى المريض على الفور، كما يقص أحد الأطباء الذين أشرفوا على الحالة. أيام قضاها محروس مكتئبا، خاصة بعد أن عرف من الأطباء أن الطريقة التقليدية للتدخل في حالته، هي أن يقوم الفريق الطبي بفتح الجسم من منطقة القفص الصدري وحتي أسفل البطن، وهذا يؤدي لزيادة نسبة المخاطر من فقدان الدم أو الإصابة ببعض الأمراض الأخرى، ولكن الطريقة الأخرى الأكثر أمانا والتي تقوم على زراعة دعامة جديدة للمريض، لم تستخدم من قبل في مصر، كما أنها ذات تكلفة عالية، وتحتاج لمهارة خاصة، لأن هذا الشريان يغذي جميع أجزاء الجسم من الكبد والأمعاء والكليتين، وهذه هي الصعوبة جراء مثل هذه العملية. لم يخاطر أحمد سعد الدين، رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية بجامعة عين شمس، وشريف عصام، أستاذ مساعد قسم جراحة الأوعية الدموية بجامعة عين شمس بإجراء الجراحة التقليدية لمريض، وكان القرار هو التواصل مع زملائهم بجامعة "جلواي" الأيرلندية وهم أطباء مصريو الأصل، حول إمكانية المساعدة في إجراء هذه الجراحة. لم يكن حضور الأطباء إلى القاهرة هو العائق الوحيد، بل كانت المشكلة الأكبر في سعر الدعامات التي سيتم زرعها في الشريان الأورطي، غير أن الخبر السعيد الذي استقبله محروس قبل أيام هو أن الطبيبين مصريي الأصل في جامعة جلواي الأيرلندية، شريف سلطان، أستاذ ورئيس قسم طب الأوعية الدموية بالجامعة، ووائل أحمد توفيق الأستاذ المساعد بالجامعة، نجحا في الحصول على منحة أيرلندية لتوفير الدعامات الثلاثة، والتي يصل سعرها إلى 165 ألف يورو، والتكفل بجميع التكاليف الخاصة بإجراء العملية. وأمس خضع محروس للعملية الجراحية بمستشفى الدمرداش شرقي القاهرة، تحت إشراف فريق طبي مصري أيرلندي، وكان الخبر الأكثر سعادة للمزارع المصري هو نجاح العملية، ليصبح أول حالة مصرية يتم علاجها بهذه الطريقة. وفي تصريحات خاصة للأناضول، قال وائل أحمد توفيق، الأستاذ المساعد بقسم الأوعية الدموية بجامعة جلواي في أيرلندا، إن الدعامات الجديدة التي تم زرعها للمريض هي منقذ فعلي من الموت. وأوضح توفيق أن العملية يتم إجراؤها بفتح مسافة 3 سم في الفخذ - مثل عمليات القسطرة – وإدخال الدعامة منها وبعد مرور 48 ساعة فقط يستطيع المريض الذهاب إلى منزله، بينما في الطريقة التقليدية يتم فتح الجسم من منطقة القفص الصدري وحتى أسفل البطن، وهذا يؤدي لزيادة نسبة المخاطر من فقدان الدم أو الإصابة ببعض الأمراض الأخرى. ويواصل توفيق توضيح الفرق بين الطريقة التقلدية والدعامات مضيفا: "المريض إذا أجريت له العملية التقليدية فإنه يدخل غرفة العناية المركزة لمدة 10 أيام ومن ثم أسبوعين عقب ذلك في غرفة بالمستشفي للملاحظة، مع العلم أن نسبة الوفاة قد تصل إلى 30% واحتمال الإصابة بمرض الفشل الكلوي يصل إلى 20%، أما من تجري له العملية الحديثة بتكنولوجيا (MSM) فإنه خلال 48 ساعة فقط يخرج من المستشفي ونسبة الوفاة لا تتعدي النصف بالمائة ونسبة الإصابة بمرض الفشل الكلوي لا تتعدي أيضا النصف بالمائة". وأجريت 900 عملية جراحية من هذا النوع عالميا، وقام الطبيبان شريف سلطان، ووائل توفيق، بما يزيد عن 150 عملية من إجمالي عدد هذه الحالات، وتعتبر هذه العملية التي أجريت لمحروس هي الأولى في مصر والشرق الأوسط. ومرض تمدد الشريان الأورطي الذي يحتاج لهذه الدعامات نادراً ما يصيب الأطفال أو الشباب ولكنه يصيب كبار السن خاصة بعد سن ال55 عاما، خاصة المدخنين الشرهين، ومن يعانون ارتفاعا في ضغط الدم أو في الكوليسترول، بحسب توفيق.