شهد اليوم الثامن لمهرجان "كان" في دورته السابعة والستين، انعكاسا لصورتين من صور مسلمي العالم عبر شاشاته، حيث اختار الفرنسي "ميشيل هازانافيسيوس" أن يوقظ ضمير ضيوف المهرجان برصد المآسي التي خلفتها حرب الشيشان والتي شنها الجيش الروسي علي مسليمي الشيشان نهاية القرن العشرين من خلال فيلمه "The search" أو "البحث" . كما رصد المخرج البريطاني "أندريه هولم" قصة تحول شاب بريطاني، من عضو في عصابات الجريمة المنظمة، إلى مسلم، وانعكاس هذا التغيير علي حياته، من خلال فيلمه "Snow in Paradise" أو "جليد في الجنة ". وكانت المنافسة في المسابقة الرسمية يوم الأربعاء، فرنسية خالصة، دارت بين المخرج الكبير "جون لوك جودار" ومواطنه "ميشيل هازانافيسيوس". وجاءت اهتمامات المخرجين متباعدة تماما، فبينما قدم "جودار" فيلمه " Adieu au language " أو "وداعا للغة" ليناقش السينما ذاتها، فان "هازانافيسيوس" قدم فيلمه " البحث " أو " The search" ليظهر ما تخلفه الحروب علي الحضارة الانسانية . واختار حربا اعتبرها "منسية" دارت في روسيا بين الشعب الشيشاني الأعزل، والجيش الروسي في نهايات القرن الماضي. ولفيلم مقتبس عن عملٍ سينمائي يحمل نفس الاسم، من بطولة "مونتجمري كليفت" عام 1948، ويحكي عن أم وابنها ذو التسعة أعوام، يحاولون إيجاد بعضهم البعض، أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي هذه المرة يحكي "هازانافيسيوس" الحكاية عن حربِ الشيشان. ويقدم"هازانافيسيوس" عمله الأول منذ حصوله على جائزة الأوسكار قبل 3 أعوام عن فيلم "The Artist" أو " الفنان ". وقال عن الجزء السياسي فيما يخص الفيلم، "عندما بدأنا نهتم بشيشينيا (الشيشان)، لم نتساءل عن الاثار السياسية للعمل، فقد وجدنا جميع العناصر التي تؤكد أنها حرب معاصرة انتقلت من الجنود إلى المواطنين العزل، ونتحدث هنا عن مئات الآلاف من القتلى". وأضاف "حاولت أن أخرج فيلما يصور الانسان يعاني من الحرب، سواء كان عسكريا أم لا، ولم أرغب في أن تكون للشخصيات وعي سياسي، واستنادا لما قرأتُه في الموضوع، كان الجيش الروسي دون رحمة في تلك الفترة". وعرض فيلم "Adieu au language " أو "وداعا للغة" في إطار احتفالي بالمخرج والسينمائي الكبير "جون لوك جودار" (84 عاما)، والذي رغم كبر لم يتخل عن جرأته في التجريب السينمائي والمحاولات المستمرة للكشف عن أساليب جديدة وآليات للسرد السينمائي. وفيلم وداعاً اللغة، هو العمل السابع ل " جودار" عبر المسيرته المهنية، والذي يتم اختياره للمشاركة في مسابقة المهرجان، وجاء ثلاثي الأبعاد، وقام خلاله جودار بقلب المقاييس فتساءل حول مستقبل هذه التكنولوجيا الجديدة في السينما، بدلاً من أن يستخدمها ليشكل بها مشهداً صورياً. والمعروف عن "جون لوك جودار" أنه رائد " الموجة الجديدة" في السينما العالمية، وأنه تابع جميع تطورات السينما ودخل المخرج إلى المهرجان عام 1980 . وتدور قصة الفيلم حول زوج وزوجة يفقدان القدرة على الكلام، ليبدأ كَلبهما في الحديث. وقدم فرنسي ثالث هو المخرج "أندريه تيشينيه" عرضا خارج المسابقة الرسمية هو "L'Homme qu'on aimait trop" أو " الرجل الذي أحبه جدا" المقتبس من قصة حقيقية، تدور في سبعينيات القرن الماضي، حيث تقع ابنة "ريني" صاحبة "كازينو قصر حوض المتوسط" في حب "موريس أنيوليه" الذي يعمل في الكازينو مع والدتها، وذلك بعد عودتها من أفريقيا وفشل زواجها، وتقودها رغبتها في الحصول على الاستقلالية إلى بيع أسهمها في هذا الكازينو. ويصور الفيلم مزيجا من الشغف والمنافسات وجنون المال والمناورات المخالفة للقانون، وهي عناصر أدت إلى حبك قصة مأساوية تحت شمس الساحل اللازوردي. وفي قسم (نظرة ما)، عرض فيلم "Snow in Paradise" أو " جليد في الجنة " للمخرج البريطاني "أندرو هولم" وهو الفيلم الطويل الأول لصاحبه، وسيناريو الفيلم مستوحى من قصة حقيقية، هي قصة "مارتين اسكيو"، الفتى المشاغب الذي نشأ في لندن بين أوساط الجريمة المنظمة في إيست أند. وقال "هولم" في المؤتمر الصحفي الذي عقد للفيلم : "قابلت مارتين اسكيو (الذي شارك في كتابة سيناريو الفيلم) في نادٍ للأفلام القصيرة، كنا نتردد عليه، وسرعان ما لاحظنا أن قصة حياته كانت أكثر أهمية من القصص التي كنا قادرين على كتابتها". وأوضح أن "تحول (اسكيو) من مشاغب صغير إلى مسلم، شكل بالنسبة لنا نقطة انطلاق النص. وقمنا بزيادة الأهمية على بعض الأجزاء ولكن الفيلم يبقى بمجمله عبارة عن قصة حقيقية".