لا تكترث المسنة الفلسطينية "غفره اللوح" (76 عاما) بعلامات الإرهاق الشديد التي تقاطعت مع تجاعيد وجهها جراء انهماكها لعدة ساعات في تطريز ثوب فلسطيني قديم، تحرص على أن تلبسه عشية الذكرى ال 66 لما يعرف ب"النكبة الفلسطينية". وتروي تلك التجاعيد على وجه الفلسطينية، التي تكبر نكبة شعبها بعشرة أعوام، حكايات تراث فلسطيني حافظت عليه من الاندثار، فهي تواصل تطريز الثوب الفلسطيني الشعبي منذ أكثر من 50 عاماً. وتقول اللوح لوكالة الأناضول إن "المطرزات الفلسطينية القديمة شهدت عليها الأزمان المتعاقبة في جمالها وأناقتها التي لا يوجد مثيل لها في هذه الأيام". وتتابع: "أعمل في هذه الأيام بكل طاقتي في محاولة للحفاظ على التراث الفلسطيني الذي يحاك بإبرة وخيط وأعلمه لكل أولادي وبناتي للحفاظ عليه من الاندثار، فهو يذكرنا بحقنا بالعودة إلى مدننا وقرانا التي هجرنا منها عام 1948م". وتضيف أن حق العودة حكاية تترسخ من خلال صناعة الثوب الفلسطيني الذي يمثل رمزية كبيرة وشاهد على المهجرين من أراضيهم. واللباس التقليدي الفلسطيني أو الأزياء الفلسطينية جزء من ثقافة الشعب الفلسطيني وتراثه الشعبي على امتداد تواجده في فلسطين التاريخية، بحيث يمثل كل ثوب جزء من هذه الثقافة سواء كانت مدنية أو فلاحيه أو بدوية. وكذلك تمثل الأزياء النسائية في بعض الأحيان مدن فلسطينية محددة عن سواها من المدن الأخرى، ويرتبط تراث فلسطين بتنوع جغرافيتها، فالتراث في المناطق الجبلية يختلف عنه في المناطق الساحلية وفي الصحراوية فكل منطقة لها تراث خاص بها وعادات وتقاليد تميزها عن غيرها. والثوب الفلسطيني ليس الوحيد الذي يذكر الفلسطينيين بأرضهم، ففنون الرسم، والنقش، وصناعة المجسمات التراثية جميعها يسخرها الفلسطينيون للتذكير بنكبتهم وتهجيرهم من أرضهم. وتقول الفنانة التشكيلية أنوار أبو جميزة للأناضول بينما كانت تجهز ألوانها لترسم لوحتها الجديدة في الذكرى ال 66 للنكبة إن "الرسم التشكيلي هو رسالة تعبر عن معاناة الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948 من أراضيهم، وهو تذكير للأجيال القادمة أن هناك العديد من البيوت والأراضي التي احتلتها إسرائيل". وتؤكد أبو جميزة أن رسم معالم "النكبة" الفلسطينية من تهجير وتشرد وقتل واعتقال يذكر كل فلسطيني وعربي بحق العودة، وبتلك الجرائم التي ارتكبتها العصابات الإسرائيلية بحق آلاف الفلسطينيين. وتتابع أن "الإنسان لا ينفصل عن جذوره والشعب الفلسطيني لن يتخلى عن جذوره التاريخية ورسم معالم نكبتنا ومفتاح العودة وقرانا ومدننا التي هجرنا منها هو من جذور الفلسطينيين الثابتة". وتضيف الفنانة التشكيلة اللاجئة " أتطرق دائما في الأعمال التي أقوم بإنجازها بشكل واضح إلى تراث الشعب الفلسطيني والنواحي الإنسانية التي مر بها الشعب الفلسطيني خلال العقود الماضية". ولوحات الرسم التشكيلي تمثل جزء من الفن الذي يخلد تراث الشعب الفلسطيني، ويضاف إليها فن النقش، وصناعة المجسمات التي يعتبرها الفلسطينيون أحد أهم الشواهد على تراثهم وتاريخهم على أرض فلسطين. ويقول محمد أبو دية وهو صاحب أحد متاجر بيع النقوش والمجسمات التراثية، : إن "المجسمات والنقوش شاهد على الحضارة والوجود الفلسطيني ونعمل هنا على بيع هذه الأصناف من الفنون للأجانب والعرب لنوصل رسالة الشعب الفلسطيني". ويوضح أن معظم بضاعته هي عبارة عن مشغولات يدوية أثرية مصنوعة من الخزف وخشب الزيتون، بالإضافة إلى المنحوتات والمطرزات التي تعبر جميعها عن القضية الفلسطينية وحق العودة. ويضيف أن "من أهم المنتجات التي يبيعها في متجره، مجسم مفتاح العودة، ونقش لخارطة فلسطين التاريخية، ومجسمات للمسجد الأقصى، وقبة الصخرة، ولوحات نقش عليها أسماء القرى الفلسطينية التي هجرت إسرائيل سكانها الفلسطينيين عام 1948، بالإضافة إلى الملابس التراثية الفلسطينية". ويحيي الفلسطينيون ذكرى "النكبة" في 15 من مايو/أيار كل عام (وهي توافق ذكرى قيام دولة إسرائيل)، بوقفات احتجاجية ومسيرات وندوات تأكيداً منهم على التمسك بحق العودة، وارتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948. وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في إحصائية صدرت في ذكرى النكبة ال"66" وتلقت وكالة الأناضول نسخةً عنها إنّ عدد اللاجئين الفلسطينيين حتى نهاية العام الماضي 2013، وصل إلى 5.9 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يبلغ عدد اللاجئين إلى 7.2 مليون لاجئ وذلك بحلول نهاية عام 2020.