"نريد رئيس قوي يقضي على فوضى الشارع".. هذا المطلب الذي تطلبه أكثر من حالة في فئة " الصم والبكم" التقاها مراسل الأناضول، كان المرادف لها المشير عبد الفتاح السيسي المرشح للانتخابات الرئاسية، على حد وصفهم. ويبلغ عدد المنتمين لهذه الفئة 5 مليون مواطن، وفق "قمر محمد" مترجمة الإشارة بالجمعية المصرية لحقوق الصم ومترجمي الإشارة (غير حكومية)، غير أنهم يعيبون على نظام الرئيس السابق محمد مرسي أنه "لم يهتم" بقضاياهم، ويرون أن "السيسي" هو المرشح القادر على "التجاوب" معها. إيمان صالح "ربة منزل" ذات الثالثة والخمسون ربيعا، لم تتردد عندما سألتها عبر مترجمة الإشارة عن مرشحها المفضل في الانتخابات المقبلة، وتكلمت أصابع يديها معلنة "السيسي". صالح لا تملك من المبررات ما تدافع به عن رأيها سوى "الإحساس بأنه الأفضل"، وبحماس شديد أخذت تشير بأصابعها إشارات متتابعة أرهقت قمر محمد مترجمة الإشارة، التي نقلت عنها قولها: " ليس لدي سبب واضح، لكن أشعر أن السيسي هو الرجل القوي". وتحتاج صالح من الرئيس المقبل أن يلبي طلبا هاما وعاجلا لها، وهو الاهتمام بتعليم " الصم والبكم"، مضيفة: " على مدار 30 عاما هي عمر نظام مبارك، لم يولي أحد اهتماما بهذه القضية". ورغبة منها في "التزام الأمانة والعدل"، كما نقلت عنها مترجمة الإشارة، رفضت صالح المقارنة بين مرسي والسيسي، وأشارت بأصابعها "مرسي كان رجل طيب .. السيسي لم نره بعد، لكني أشعر أنه مرشح جيد". وعندما سألتها عن المرشح المنافس للسيسي وهو حمدين صباحي، توقفت أصابعها لفترة عن الإشارة، قبل أن تواصل الإشارة لمترجمتها ما يعني قولها : "هو رجل وطني مخلص، لكنه لا يصلح رئيسا". ويملك وليد محمد "موظف باحدى مدارس التربية الخاصة" ذو الأربعة وثلاثين ربيعا، من المبررات ما جعل أصابعه "تنطق" هي الأخرى معلنة "السيسي". محمد نقلت عنه مترجمة الإشارة قوله: " توجد فوضى في الشارع، ونحتاج لرئيس قوى يعيد الانضباط، ولن يقدر على ذلك إلا مرشح قوي قادم من أكثر مؤسسات الدولة تنظيما، وهي الجيش". وإذا كانت صالح قد رفضت المقارنة بين السيسي ومرسي، حتى لا تظلم الأخير، فإن محمد انبرى بحماس شديد في تأكيد انحيازه للسيسي على حساب مرسي، وتعاقبت إشارته التي ترجمتها مترجمة الإشارة لتقول على لسانه" هو يقول مرسي كان يعمل لصالح الإخوان، بينما السيسي يعمل لصالح الشعب". ويحتاج محمد من السيسي الاهتمام بتوفير فرص عمل لهذه الفئة، ونقلت عنه مترجمة الإشارة قوله:" ظُلمنا كثيرا في فرص العمل، ونحتاج لمن يمنحنا الحق في العمل". ومثل الرأي السابق يرى محمد أن حمدين صباحي المرشح المنافس للسيسي غير قادر على مساعدتهم في الحصول على هذا الحق، مضيفا:" هو ممكن يكون شخص وطني، لكنه مش واقعي.. السيسي رجل واقعي". حق آخر من الحقوق يطالب به وائل حمدي، وهو الحصول على الأهلية القانونية، التي لا تزال مفقودة، رغم حصولهم على حكم قضائي، والأهلية القانونية هنا تعني أن يتم تمكين "الصم والبكم" من تحرير توكيلات لمحامين يترافعون عنهم في القضايا مباشرة، ودون اللجوء إلى احدى المحاكم لاستئذانها في ذلك حيث تقوم المحكمة بتعيين شخص يذهب مع راغب تحرير التوكيل من "الصم والبكم" إلى جهة التوثيق المعروفة بالشهر العقاري حتى يتمكن من تحرير التوكيل. حمدي الذي له قضية منظوره أمام المحاكم ذهب لتوقيع توكيل لأحد المحامين، لكن الشهر العقاري "الجهة المختصة بتحرير التوكيلات والعقود"، رفض ذلك، رغم حصولهم على حكم قضائي. وأشار إشارات عصبية لمترجمة الإشارة التي نقلت عنه قوله: " يعني لانهم يحتاجوا صوتنا في الانتخابات يعطونا هذا الحق، لأن في تحرير التوكيلات لا نحصل عليه رغم الحصول على حكم قضائي". وحصلت المؤسسة المصرية لحقوق الصم ومترجمي الإشارة في مارس/آذار من العام الماضي، على حكم قضائي يلزم وزير العدل بتعيين مساعد قضائى ومترجمى اشارة معتمدين من الجمعيات والمؤسسات الاهلية بمكاتب الشهر العقارى لإعانة المعاقين "الصم والبكم والعمي"، في تحرير التوكيلات القضائية، غير أن هذا الحكم لم ينفذ بعد، بحسب حمدي. ويأمل حمدي في أن يساعدهم المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي في تنفيذ الحكم، مضيفا بلغة الإشارة : " السيسي يقول انه يحترم القانون، وننتظر منه أن يثبت ذلك في قضيتنا". ما قالته الحالات الثلاث تردد بصيغ مختلفة على لسان العشرات الذين التقاهم مراسل الأناضول في مقر الجمعية المصرية لحقوق الصم ومترجمي الإشارة، وهو ما فسره خبير في مجال الصم والبكم بقوله: " هم أسرى الإعلام الرسمي المؤيد للسيسي". وقال الخبير الذي طلب عدم نشر اسمه لمراسل الأناضول: " ما جاء على لسانهم من اتهام مرسي بالعمل لجماعته، والقول ان مصر تحتاج لرئيس قوي مثل السيسي، هو ما يردده الاعلام المؤيد للسيسي، سواء الرسمي أو الخاص". وأضاف: " هذا الإعلام يستعين بمترجمي إشارة في البرامج الهامة مثل حوار السيسي وفي نشرات الأخبار، وكل ذلك يكون لديهم وجهة نظر سلبية عن المرشح الآخر، وكذلك عن الرئيس السابق ". وفي المقابل لا تهتم وسائل الإعلام المعارضة للسيسي بمخاطبة هذه الفئة التي يصل تعدادها إلى ما يقارب الخمسة مليون مواطن مصري، (من إجمالي نحو 90 مليون عدد سكان مصر) وهو ما يجعلهم أسرى إعلام من طرف واحد فقط، بحسب الخبير.