العطار... وقصة السبع حبوب الحنطور وجوز الخيل والعربية صانع الرفاة وقصة عيني «بترف وراسي بتلف» إنها مهن قديمة، مهن حفرت وجودها عبر الزمان والمكان، ورغم قدمها هذا مازالت تصارع من أجل البقاء في عالمنا المعاصر.. ومن هذه المهن العطار، صاحب الحنطور وصانع الرفا الذي يصلح ما فسد من الملابس وغيرها من المهن وإلى التفاصيل.. العطار والسبع حبوب عرف الإنسان العلاج بالنباتات والأعشاب الطبية منذ القدم، حيث تعتبر أساس علم العقاقير والأدوية ، لذلك تندرج العطارة اليوم تحت مسمى الطب البديل وقد جربها أجيال من الأجداد وتوارثها أبناء وأحفاد. يسمى مزاول مهنة العطارة بالعطّار أو الحوّاج أو الحكيم قديما و هو الشخص الذي يبيع الأعشاب والنباتات العلاجية ويملك خبرة كبيرة في تحديد العديد من الوصفات الشعبية. ورغم قدم مهنة العطارة لا يزال الناس يقبلون على العطار، ويشترون الأعشاب لاستخدامها في العلاج والتجميل والطهي . ومن أشهر مناطق العطارة في مصر (السيدة زينب ، الأزهر ، الطالبية ، الموسكي ، العتبة ، باب الخلق ، حدائق المعادي ) جوز الخيل والعربية عربة يجرها حصان أو اثنين ، وقد كانت وسيلة الانتقال الأساسية في مصر حتى ثلاثينيات القرن الماضي بعد أن أدخلها الإيطاليون للبلاد قبل أن ننتقل لعصر التكتوك . أما الآن فقد أصبحت نوعا من الفلكلور الشعبي ، يستخدم في السياحة "رحلات قصيرة على النيل" ، ويعتبر أكثر رواجا وانتشارا في مدينتي الأقصر وأسوان . قول الحاج عبد النبي 63 عاما كان عندي حصان من زمان وقررت أني أشغله فاشتريت له عربة حنطور واشتغلت عليه بالفعل ، وشغلت ابني صلاح وكنا نعمل عليه بالتناوب صبح وليل وعندما مات الحصان اشتريت حصان جديد من كثرة حبي لهذه الشغلانة . وتابع أنا كنت ماسك الفترة الصباحية وصلاح المسائية ، وكنا بنكسب منه كويس ، بجانب شغل صلاح في مخبز آلي ، وظللنا في هذه المهنة حوالي 8 سنوات ، ولكن مع ظهور التكاتك وانتشارها في البلد ، لجأت الزبائن لها على حساب الحنطور وبالتالي تأثر عملنا على الحنطور فقررت بيعه ، واشتريت توك توك لصلاح وتقاعدت أنا. صانع الرفا قديما كان يقول صانع الرفا بعد يوم عمل شاق "عيني بترف ورأسي بتلف " هو ذلك الشخص الذي يقوم بأخذ قطعة نسيج من القماش المراد تصليحها وليكن مثلا (بنطلون) ليقوم برصها بجوار بعضها البعض حتى يختفي القطع تماما وأغلب العاملين بهذه المهنة من الرجال أكثر من النساء. يقول الحاج ناصر القفاص 57 عاما أنا ورثت هذه المهنة أبا عن جد ، أعمل بها منذ 20 عاما ومازلت حتى الآن . وعن المكسب المادي يقول هي مهنة مربحة للغاية ، وزبائني كثير بفضل احترافي واتقاني في العمل ،و بفضلها علًمت أولادي تعليم جامعي ، واشتريت منزل من طابقين ، لذلك أنا مستمر في هذه المهنة حتى الآن . "الخيامية" فن الأصابع الذهبية يحتضر ارتبط قديما بكسوة الكعبة حيث الخيوط والزينة والألوان، فن النسيج المصري الخيامية الذي انفردت وتميزت به مصر عن باقي دول العالم، وكانت مصر تقوم بتصنيع كسوة الكعبة حتى ستينات القرن الماضي وترسل في موكب ضخم لأرض الحجاز. الخيامية نفسها تعني صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم في العزاء، وتعتمد على قماش التيل بسبب سمكه وتبدأ برسم التصميم ونقله على ورق باترون وتستخدم بودرة خاصة لطبع الرسومات على الأقمشة ويقوم الفنان بالتطريز والحياكة بطريقة معينة دون أن يظهر أي شيء من الخياطات على السطح الخارجي للقماش. الصناعة تعود إلى الفتح الإسلامي أو ما قبله لكن الفن الإسلامي أضاف لها النقوش والرسومات وألوان خاصة فقد كان العرب يقيمون في الخيام وكان يحرصون على تزيينها وإظهار إبداعهم، لكن دخول النسيج الآلي جعل الخيامية تصارع من أجل البقاء. وتزدهر الخيامية في فصل رمضان حيث موائد الرحمن وسرادقات الصوفية، لكن الصناعة نفسها لا تقف عند هذا الحد فهي تشمل حقائب اليد وهي منتشرة في منطقة الحسين والغورية وكذلك الصديري العربي والأحزمة والمفارش ومناديل الرأس أيضا. ازدهر عملهم في العصر المملوكي، ومن أشهر الأماكن التي تتواجد بها هذه الصناعة تحت الربع بالدرب الأحمر بجوار بوابة المتولي، وقد انتقل إليه الخياميين بعد حريق الفسطاط في أواخر العصر الفاطمي كما أن لها خان بمنطقة الأزهر يضم حوالي 60 محلا يعمل بالخيامية. القطعة الواحدة تأخذ من جهد وتركيز الفني أيام لذلك فيرتفع ثمنها لأنها تعتمد على حس فني عالي وإبداع وإتقان يدوي، وربما يصل سعر القطعة صغيرة الحجم منها 100 جنيه، لكن بعد دخول الطباعة عليها وتطور آلات النسيج أصبحت الخيامية مهددة بالاندثار وتحارب التكنولوجيا للحفاظ على مكانتها. السجاد اليدوي من المهن التي تصارع على البقاء ي الأخرى لكنها خفتت في الفترة الأخيرة بفعل دخول الآلات والتكنولوجيا الحديثة في صناعات النسيج و فن صناعة الكليم والسجاد و الغزل بخيوط الصوف وتصوير الطبيعة ورسوم مختلفة. قطع الكليم أو السجاد اليدوي لم يعد يقتصر على كونه مفروشات أرضية إنما يستخدم للديكور أو كلوحات فنية لتزيين الحوائط، وهو فن تتفرد به مصر وإن كان هناك دول أخرى تنافسها فيه مثل المغرب وإيران، لكن يظل للمصري رونق خاص به في الألوان والنقوشات. وتمثل منطقة فوة بكفر الشيخ أحد أكبر المناطق العاملة بالكليم والسجاد اليدوي حيث تحتكر أكثر من 70% من إجمالي ورش صناعة السجاد والكليم في مصر بواقع حوالي 3 آلاف ورشة، وفقا لإحصائيات المعهد القومي للتخطيط. صناعة الكليم تواجه شبح الاندثار بسبب توقف الهيئات والمؤسسات الحكومية عن التعاقد على شرائه، فهي تعاني شأنها شأن بقية المهن اليدوية من الإهمال الحكومي كما أن إقبال السياح على شراء القطع كتذكار أو للديكور لن يكفي لقيام الصناعة واستمرارها. اقرأ فى هذا الملف * مهن انقرضت وعفي عليها الزمن * "الفتونة" حماية و جدعنه قبل أن تتحول لبلطجة * المفروشات الجاهزة تهدد مهنة "المنجد" بالانقراض * "أم باسم " أول سيدة تترك مرمغة الميري وتمتهن السباكة * فني «الريسيفر».. مهنة صنعتها التكنولوجيا * «سهير»..أشهر «كوافير رجال» في وسط البلد * 6 مهن ريفية مازالت «تتنفس في الخفاء»! * «الراوتر مان».. موزع الانترنت غير المعتمد لمحدودي الدخل * سقا الجراكن ل"محيط" : الحكومة وفرتلي وظيفة بشكل غير مباشر * «حلاق قرفص» و«متسلق النخل».. مهن تحكي قصة كفاح ** بداية الملف