وصفه الإعلام بمفتي الدماء لاتهامه بمقتل النقراشي اشترك في حرب فلسطين تحت ظلال الجناح العسكري للإخوان عبد الناصر كان ضمن التنظيم السري للجماعة وبايعها على المصحف لا اغتيالات سياسية في الإسلام.. ولا للرأسمالية والشيوعية قالوا عنه: أثر في الجماعة ثقافيا وكان موسوعة في الفقه الشيخ السيد سابق، ارتسمت على ملامحه سمات العلماء، تربى بين جنبات الأزهر دارسا ومدرسا، نال جائزة الملك فيصل في الفقه الإسلامي، وعطر سيرته بكتاب "فقه السنة" الشهير، وكان أبرز قادة الإخوان في عصره قدم لهم الكثير فما كان من الهضيبي إلا أن لفظه خارج الجماعة بلا اعتراف بمجهوداته. نشأته ومكانته العلمية ولد الشيخ سيد سابق في يناير لعام 1915، بقرية إسطنها مركز الباجور بمحافظة المنوفية، وأتم حفظ القرآن الكريم كاملا قبل أن يتجاوز تسع سنوات من عمره والتحق بالأزهر الشريف. حصل على درجة العالمية "الدكتوراه" في الشريعة عام 1947 ثم حصل بعدها على الإجازة من الأزهر الشريف، وعمل بالتدريس بعد تخرجه في المعاهد الأزهرية، ثم عمل واعظا بالأزهر وانتقل بعد ذلك مديرا للثقافة بوزارة الأوقاف وبعد التضييق عليه من وزير الأوقاف وقتئذ "محمد البهي" بسبب سوء العلاقة بينهما رغم أنها كانت متينة وقوية قبل تولي الأخير للوزارة، غادر "سابق" البلاد مسافرا إلى مكةالمكرمة. وهناك، عمل أستاذا بجامعة الملك عبد العزيز ثم جامعة أم القرى والتي أسند إليه فيها رئاسة قسم القضاء بكلية الشريعة ثم رئاسة قسم الدراسات العليا ثم بعد ذلك عمل أستاذا غير متفرغ، وحصل على جائزة الملك فيصل في الفقه الإسلامي عام 1413 هجريا. بداية معرفته بالجماعة انضم الشيخ سيد سابق قبل أن يبلغ ال 19 من عمره إلى الجمعية الشرعية، على يد مؤسسها الشيخ السبكي، مما كان له بالغ الأثر في تكوينه الشخصي والعلمي. تعرف "سابق" خلال عمله بالجمعية على مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في الثلاثينيات من القرن الماضي في فترة مبكرة من تاريخ دعوة الجماعة؛ ولتميزه في الأمور الفقهية كان مسئولا عن تعليم شباب الإخوان وإعداد الدروس الفقهية. بدأت أعماله الفقهية تنبع مقالاته الكثيرة في المجلة الناطقة باسم جماعة الإخوان آنذاك، حيث تناول فيها علم الفقه مستندا إلى كتب الأئمة والسلف، وكونت هذه المقالات فيما بعد أشهر كتبه " فقه السنة ". مشاركته في حرب فلسطين بعد انضمام " سابق" إلى دعوة الإخوان المسلمين سرعان ما أصبح أحد أهم وأبرز قادتها في التنظيم الخاص المعروف ب "الجناح العسكري" الذي شارك في حرب فلسطين ضد الكيان الصهيوني عام 1948، وتصدرت صورة الشيخ غلاف مجلة "الإخوان المسلمين" وهو يتدرب على حمل السلاح واستخدامه في أحد معسكرات إعداد المجاهدين الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين في هذا الوقت. وضمن الجناح العسكري للجماعة شارك "سابق" في حرب فلسطين مفتيا ومعلما للأحكام الشرعية ومشاركا في التدرب علي حمل السلاح واستعماله ضد الصهاينة. المحنة والاعتقال قدم للمحاكمة في قضية مقتل النقراشي باشا 1948، حيث زعموا في ذلك الوقت أنه هو الذي أفتى الشاب القاتل عبد المجيد حسن بجواز قتله، عقوبة على حل الإخوان، وكانت الصحف تلقب الشيخ في ذلك الوقت ب (مفتي الدماء) ولكن المحكمة برأته، وأخلت سبيله. والمرة الثانية كانت في نفس العام، تم اعتقاله مع عدد من أقرانه في الجماعة في سجن الطور واستثمر فترة المعتقل في تعليم وتثقيف من معه داخل السجن. وتجدد اعتقاله مع قيادات الإخوان سنة 1949م واقتيد إلى معتقل الطور، وفي هذا المعتقل كان الشيخ سيد يعقد حلقات في الفقه بعد صلاة الفجر وقراءة الأدعية المأثورة. تجميد عضويته في الجماعة بعد وفاة البنا، احتدمت المنافسة بين حسن الهضيبي وعبد الرحمن السندي على منصب المرشد، وتعاطف الشيخ "سابق" مع السندي، مما دعا الهضيبي إلى تجميد عضويته بعد فوزه بمنصب المرشد الثاني للجماعة. رؤيته الاقتصادية رأى "سابق" أن المشكلة العمالية العالمية تتشكل من ثلاثة عوامل، أولها طبيعة العلاقة بين العامل ورب العمل ففي النظام الرأسمالي السيادة مطلقة للأخير يتصرف في العامل كيفما يشاء ، أما في النظام الشيوعي فطبيعة العلاقة حرب بين طبقتين والسيادة للعامل مهما وصلت درجة إهماله وتسيبه. وانتقد الشيخ سيد سابق هذين النظامين وقال إن الإسلام جاء بحل وسط بين الرأسمالية والشيوعية، وجعل العلاقة بين العامل ورب العمل علاقة " أخوة" مما يكون له أطيب الثمار والنتائج الحسنة. وثاني تلك العوامل تمثل في الحد الأدنى للأجور وهو يختلف بحسب الزمان والمكان ولكن هدفه تحقيق مستوى معيشة كريمة للعمال والطبقة العامة من الشعب، والعامل الأخير خاص بعدد ساعات العمل. واستند "سابق" في رؤيته للاقتصاد الإسلامي إلى حديث رسول الله -صلي الله عليه وسلم- "إخوانكم خولكم، جعلهم اللَّه فتنة تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه من طعامه، وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ولا يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعينه" رواه أحمد والبيهقي بسند صحيح. رؤيته للحركات الإسلامية انتقد الشيخ "سابق" الحركات الإسلامية، واصفا أنها تفتقر إلى التوعية الكاملة لما تحمله الظروف من تطور مستمر على أرض الواقع، وتحتاج إلى مزيد من التنظيم، لأنها تفتقر القيادة التي تضع الخطوات والأسس والقواعد الضامنة لنجاح الدعوة. وعن فكرة الاغتيالات، استنكر الشيخ فكرة الاغتيالات السياسية بقوله " لا يوجد اغتيال في الإسلام، فالإسلام النصيحة، وكلمة حق تقال عند سلطان جائر، بالإضافة إلى أن هذه الفكرة غير جائزة في الحكم الشرعي". وعندما سئل عن علاقة الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" بتنظيم جماعة الإخوان المسلمين، قال إن عبد الناصر كان من جماعة الإخوان وبايعها على المصحف والمسدس وكان تابعا للخلايا السرية، حتى نجاح ثورة يوليو ليبدأ الخلاف بين جمال عبد الناصر والإخوان، وكان حول مقاليد وزمام الحكم وما قيل في مذكراته أنه لم يكن إخوانيا وتأرجح بين كافة الكيانات السياسية أنذاك "أكذوبة"، بحسب روايته. قالوا عنه قال مصطفى مشهور المرشد الخامس لجماعة الإخوان المسلمين "إن الشيخ سيد سابق له مكانته بين الإخوان المسلمين، ومؤلفاته أثّرت في الإخوان وأثْرتهم وأفادتهم وخاصةً مؤلفه (فقه السنة) الذي كان ولا يزال من المصادر التي يرجع إليها الإخوان، وله أثر طيّب في تربية وتكوين ثقافة الإخوان الفقهية؛ حيث إن الإمام الشهيد حسن البنا قد اعتمد هذا الكتاب واعتبره مرجعًا من مراجع السنة". أما الشيخ أبو عبد الرحمن غنيم غنيم المصري، فقال إنه "كان موسوعة في الفقه إلا أنه قد وقع في تأويلات الأشاعرة في كتابه العقائد الإسلامية". مؤلفاته ألف الكثير من الكتب في العقيدة والفقه وعلم الحديث أشهرها "فقه السنة"، صدره بمقدمة من المرشد العام للإخوان المسلمين الشيخ الإمام حسن البنا، تنوه بمنهج الشيخ في الكتابة، وحسن طريقته في عرض الفقه، وتحبيبه إلى الناس. كما ألف كتب "مصادر القوة في الإسلام، الربا والبديل، رسالة في الحج، رسالة في الصيام، تقاليد وعادات يجب أن تزول في الأفراح والمناسبات، تقاليد وعادات يجب أن تزول في المآتم، العقائد الإسلامية، إسلامنا". وتوفي سيد سابق في العام الأول من مطلع الألفية الثالثة وتحديدا مساء يوم الأحد 23 من ذي القعدة 1420ه الموافق 27 من فبراير 2000م عن عمر يناهز 85 سنة. اقرأ فى هذا الملف * خوارج الإخوان وتحولاتهم الفكرية .. ثروت الخرباوي نموذجاً * عبد الرحمن السندي المؤسس الحقيقي ل«النظام الخاص» * «إبراهيم الزعفراني».. أكثر من 45 عاما داخل الجماعة * المليجي.. لفظته الجماعة بعد أن كشف «فضائحها» * «الشرنوبي».. الإعلامي الناقم على الجماعة ** بداية الملف