يبدو أن عرق شباب الصحفيين لم يعد كافي ليروي "شقوق" و"تصدعات" بلاط صاحبة الجلالة، لينزفوا بدلاً من العرق "دماء"، ولكن يبدو أن دمائهم لا تغني ولا تسمن من جوع من "تصدعت" مؤخراتهم من الجلوس على مكاتبهم المكيفة في انتظار ورود خبر إصابة أحد صحفيي الجريدة، لترقص الكلاب على جثث الشرفاء من أبناء هذه المهنة. نعم يا سادة فشباب الصحفيين من يدفعون حياتهم في سبيل رفعة هذه المهنة الجليلة، وتلك الحقيقة التي دفعتني لكاتبة هذا المقال، ليعلم كل مواطن أننا نعيش في زمان غابت فيه الضمائر وتحجرت فيه القلوب، وتحولت فيه دموع الحزن والنحيب إلى تصريحات صحفية لتميع رئيس التحرير هذا، أو عضوه مجلس النقابة تلك. عزيزي المواطن لسنا في حاجة لشرح ما نعانيه كشباب صحفيين وما نتكبده من خسائر مادية ومعنوية لنقل الحقيقة إليك، فهذا حقك علينا، وواجبنا تجاه مهنتنا ووطننا، ولكن كان لازماً علينا أن نوضح لك الحقيقة، وهي أننا لسنا كما يبدو أصحاب "الكرافتات" على شاشات الفضائيات، ولا نتقاضى ألاف الجنيهات كما يظن البعض، فخير هذه المهنة لكبيرها، وحزنها لصغيرها. عزيزي المواطن أرجوك لا تنخدع في التصريحات "البراقة" التي تعقب استشهاد أحد رفاق الكفاح في ضروب الصحافة، فلكل تصريح غرض، ولكل نضال هدف في نفوسهم المريضة، فالدماء لا تعني سوى أصحاب الدماء، وكل ما دون ذلك "شو إعلامي" لأصحاب "الكرافتات"، فتصديقك لتصريحاتهم نجاح لهم، وتحقيق لغاياتهم التي يسعون خلفها. دمائنا التي سالت و مازالت تسيل غالية، وليعلم أصحاب التصريحات البراقة أي منقلب ينقلبون، فالمناصب زائلة، والكراسي راحلة، ويبقى الضمير لمن يقدرون حجم الكلمة، فكما تعلمنا أن "الكملة" سلاح يمكن أن يقتل، فما بالك عزيزي صاحب "الكارفتة" وأنت تقتل زميل لك حتى وإن تفاوتت المناصب، وكبر فارق السن بينك وبينه. ربما يتهمني البعض بالهجوم على أساتذتي من كبار الصحفيين والإعلاميين، لأصبح بذلك تلميذ "جاحد"، ولكن حينما قررت أن أعمل في هذه المهنة كان هدفي في الأساس الدفاع عن حقوق من ظلمتهم الأقدار، ودهسهم "عواجيز" هذا الزمان، ولكن يبدو أن "باب النجار مخلع" فمن يدافعون عن حقوق المواطنين أصبحوا بحاجة إلى من يدافع عن حقوقهم، ولكن أين تنشر تلك المظالم؟.. إن كان رئيس التحرير هو الخصم والحكم، وبهذا يبقى الوضع على ما هو عليه ليزاد ظلم الظالم، ويستمر نزيف الدم لشرفاء هذه المهنة السامية. ولكن يبقى السؤال: هل سيظل الحال على ما هو عليه؟!، وهل بإمكان صغار الصحفيين إجبار أساتذتهم على منحهم حقوقهم؟!، إن كانت الإجابة متعقلة بالسؤال الأول فالإجابة بالطبع "لا" وألف "لااااا"، أما فيما يتعلق بالسؤال الثاني بالطبع يمكننا إجبار أساتذتنا على ذلك، وحينما نفعل ذلك فهذا لا يعني "الجحود"، ولكننا نطالب بأبسط حقوقنا، فلولا دمائنا التي تسيل في شوارع المحروسة، ولولا أحبار أقلامنا التي تسيل على أوراق الصحف، لخرجت الأوراق بيضاء، وفي النهاية نقولها: "لا ضاع حق ورائه مطالب"، ودمائنا كفيلة بأن تؤرقهم في مضاجعهم.