قالت رئيسة مجلس الأمن الدولي، سيلفي لوكاس، إن روسيا عزلت نفسها داخل المجلس نتيجة لموقفها من الأزمة الحالية في شبه جزيرة القرم، متهمة إياها بالتسبب في فشل المجلس في القيام بمسؤولياته إزاء حفظ السلم والأمن الدوليين. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي للوكاس "سفيرة لوكسمبورج الدائمة بالأممالمتحدة التي تتولي بلادها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن"، اليوم، بمقر الأممالمتحدة بمناسبة اختتام الرئاسة الدورية لبلادها لأعمال المجلس لشهر مارس/آذار الجاري. وأضافت: "فشل مجلس الأمن خلال شهر مارس /آذار الجاري في القيام بمسؤليته الرئيسية في حفظ السلام والأمن الدوليين بسبب موقف روسيا من الأزمة الحالية في القرم، لكن مشروع القرار الذي لم نتمكن من إصداره خلال شهر رئاسة بلادي لأعمال المجلس، بعث برسالة قوية إلي موسكو بضرورة اجراء حوار مع أوكرانيا والتوصل إلي حل دبلوماسي للأزمة". واستخدمت روسيا، منتصف الشهر الجاري حق النقض "الفيتو" لوقف مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي ببطلان نتائج الاستفتاء بشأن انضمام شبه جزيرة القرم الأوكرانية لروسيا قبل انعقاد الاستفتاء بيوم. وردًا علي سؤال بشأن عدم لجوء أعضاء مجلس الأمن الدولي إلي ميثاق الأممالمتحدة وتحييد الموقف الروسي إزاء الأزمة، قالت رئيسة مجلس الأمن الدولي إن موسكو رفضت تطبيق تلك المادة الواردة بالميثاق علي الأزمة الحالية. وتنص المادة 27 من ميثاق الأممالمتحدة علي عدم تصويت أي من الدول دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي "وهم روسيا وأمريكا والصين وبريطانيا وفرنسا" في النزاعات التي تكون إحدي هذه الدول طرفا بها، وهو ما ينطبق علي الأزمة الحالية بين روسياوأوكرانيا بشأن شبه جزيرة القرم. وأشارت لوكاس إلي أن بعض ممثلي الدول الأعضاء بالمجلس طالبوا بضرورة تفعيل هذه المادة من ميثاق الأممالمتحدة، لكن المندوب الروسي أعلن رفض بلاده لاستخدامها. ولفتت رئيسة مجلس الأمن الدولي إلي وجود تقارير تفيد بتزايد عدد القوات العسكرية التي تحشدها روسيا علي الحدود الأوكرانية، قائلة: "علي الرغم من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغه بعدم اعتزام روسيا التمدد بقواتها داخل الآراضي الأوكرانية، إلا أننا نشعر بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بتزايد القوات العسكرية الروسية علي الحدود مع أوكرانيا". وتفجّرت الأزمة الأوكرانية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث اندلعت احتجاجات ضد الرئيس آنذاك فيكتور يانوكوفيتش، المدعوم من روسيا، قادت إلى عزل البرلمان له الشهر الماضي، وتعيين رئيس مؤقت، في خطوة دعمها الغرب، بينما اعتبرتها روسيا "انقلابا". وبعدها سيطر مسلحون، يتردد أنهم موالون روسيا، على شبه جزيرة القرم، التي ترتبط تاريخيا وثقافيا وسياسيا بروسيا، وسط اتهامات لموسكو بالتحرك من أجل ضم القرم إليها. وأجري منصف الشهر الجاري في جمهورية القرم، تتمتع بالحكم الذاتي، جنوبي أوكرانيا، استفتاء بشأن انضمام الجمهورية إلى روسيا، أو البقاء جزء من أوكرانيا، مع إعادة العمل بدستور القرم لعام 1992، وأعلن رئيس لجنة الانتخابات في جمهورية القرم، ميخائيل ماليشيف، أن 96.77% من المقترعين صوتوا لصالح الانضمام إلى روسيا. ولاقى الاستفتاء رفضا واسعا من الدول الغربية، خاصة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي. من ناحية أخرى، وحول استمرار تردي الأوضاع الإنسانية في سوريا، تعهّدت لوكاس باستمرار مساعي بلادها في متابعة الوضع الحالي في سوريا. وأضافت، خلال المؤتمر ذاته: "سوف نستمر في متابعة الوضع الحالي في سوريا، وفي حالة استمرار الحكومة السورية في ضرب المدنيين بالقنابل البرميلية، ومنع الوصول الإنساني إلي المدنيين المحاصرين، فسوف نجدد مساعينا الرامية إلي إصدار قرار أو بيان رئاسي جديد من المجلس في هذا الصدد". ورفضت رئيسة مجلس الأمن الدولي فكرة إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب في سوريا علي انتهاكاتهم وجرائمهم ضد المدنيين خلال السنوات الثلاث الماضية. وبررت لوكاس رفضها بأن إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مجرمي النظام السوري لن يكون مفيدا، خاصة في ظل وجود المحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست في الأول من يوليو/تموز 2002 بموجب ميثاق روما، الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل/نيسان من السنة نفسها، بعد تجاوز عدد الدول المصادقة عليه ستين دولة. وأكدت أن "محاكمة مجرمي الحرب قد يستغرق وقتا، لكن من المؤكد أنه سيتم آجلا أو عاجلا، تقديم جميع المتورطين في ارتكاب جرائم ضد المدنيين في سوريا". ومنذ مارس/ آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 40 عاماً من حكم عائلة بشار الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة. غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف المظاهرات ضده؛ وهو ما دفع بالبلاد إلى معارك دموية بين القوات النظامية وقوات المعارضة؛ حصدت أرواح نحو 150 ألف شخص، بحسب إحصائيات المنظمات الحقوقية التابعة للمعارضة.