تستعد الحكومة الفلبينية أخيرا للتوقيع على اتفاق سلام مع أكبر جماعة إسلامية متمردة في البلاد، ويعتقد الجانبان أن هذا الإتفاق سيمثل "أكبر أمل لتحقيق السلام الحقيقي " في جنوبالفلبين المضطرب وذلك بعد 17 عاما من المفاوضات التي أفسدها اندلاع أعمال عنف وغياب الثقة بين الأطراف، ووفقا لما جاء على وكالة الأنباء الألمانية يعد الإتفاق الذي سيوقع بين الحكومة وجبهة مورو الاسلامية للتحرير بمثابة خريطة طريق لتأسيس إقليم جديد يتمتع بالحكم الذاتي يطلق عليه إسم "بانجسامورو" أو أمة الإسلام بحلول عام 2016 الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس بينينو أكينو. وسيكون للإقليم الجديد شكل من الحكم الوزاري ، وسيشارك الحكومة المركزية في السلطات السياسية، كما سيكون له سيطرة كبيرة على موارده الطبيعية والعائدات التي يتم توليدها في إقليم مينداناو. ومن المقرر أن يحل إقليم بانجسامورو محل إقليم موجود حاليا يتمتع بالحكم الذاتي وصفته السلطات بأنه " تجربة فاشلة " في إقليم ميندنا الذي تعرض للدمار من جراء أعمال التمرد العنيفة التي قام بها المسلمون خلال الأعوام الأربعين الماضية، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من مئة ألف شخص وتشريد عدة ملايين من السكان. وقال موهاجر إقبال رئيس وفد التفاوض عن جبهة مورو أمام اجتماع عام في مقاطعة لاناو ديل سيرالجنوبية إنه " في غضون أيام قليلة من الآن سيكون بين أيدينا أكبر أمل في تحقيق السلام الحقيقي ". ومن ناحية أخرى قالت مستشارة الرئيس الفلبيني لشئون مفاوضات السلام تريسيتا كوينتوس ديليس " إنه لم يكن لدينا في أي وقت من الأوقات القدرة الداخلية والسياسية لجعل اتفاقية السلام هذه تصمد بالاستقرار والمثابرة مثلما كانت لدينا اليوم ". غير أن توقيع اتفاق السلام هو مجرد بداية رحلة أخرى يتوقع أن تمثل تحديا مثل المفاوضات ، ويحذر المحللون من أن الجهات التي تضع العراقيل والمفسدين يمكن أن يجعلوا المهمة المستقبلية"مفعمة بالاشكاليات". وعلى سبيل المثال تعهدت جماعة متمردة منشقة تطلق على نفسها إسم " مناضلو الحرية الإسلاميين في بانجسامورو" بمواصلة الكفاح المسلح. ويحذر روميل بانلاوي رئيس المعهد الفلبيني لأبحاث السلام والعنف والإرهاب من أن هناك شكوكا في أن بعض عناصر هذه الجماعة تقوم حاليا بالعمل مع القوى الإسلامية المتطرفة. \ويوضح بانلاوي أن " كثيرا من تفاصيل اتفاق السلام لا تزال غائبة ، وأن الجانبين بدلا من ذلك اختارا للرد على ذلك استخدام عبارة مطاطة وهي " لجنة مستقلة " تتولى مناقشة التفاصيل التي لم يستطيعا الإتفاق حولها. وهناك مسألتان أساسيتان تتطلبان التوضيح التفصيلي، الأولى تتعلق بالتسريح التدريجي لمقاتلي جبهة مورو وجمع أسلحتهم" حتى لا يمكن استعمالها "، والثانية هي تشكيل قوة شرطة في إقليم بانجسامورو. ومن المتوقع أن تتشكل " لجنة التسريح المستقلة " من ثلاثة خبراء أجانب وأربعة محليين، يتم ترشيحهم بشكل مشترك من جانب الطرفين الحكومة وجبهة مورو. وستقوم اللجنة أيضا بإعداد قائمة تضم أفراد القوات المسلحة لجبهة بانجسامورو الإسلامية والتي يعتقد أنها تضم 11 ألف عضو، وكذلك الأسلحة التي بحوزتهم. ثم تقوم اللجنة بعد ذلك بوضع جدول زمني لتسريح هذه القوات، مع وضع " أسالب وتقنيات لجمع أسلحتها أو استعادتها، ثم تخزينها ووضعها بشكل لا يمكن معه استخدامها ". وبينما أيد مقاتلو جبهة مورو محادثات السلام، فإنهم كانوا في الماضي يعربون عن قلقهم بشأن ضرورة تسليم أسلحتهم النارية، حيث توعد البعض منهم بعدم تسليمها أبدا. وقال بانالاوي إن تسريح قوات الجبهة المتمردة لا يعني بالضرورة أن يقوم المتمردون بتسليم أسلحتهم. وأوضح قائلا " أنه في حالة التسريح يمكن للمتمردين أن يحتفظوا بأسلحتهم مع التعهد بعدم استخدامها في تمرد مسلح، وأشار إلى أنه ليس ثمة ضمان لأن يلجأ أعضاء جبهة مورو إلى استخدام السلاح مرة أخرى " إذا رأوا أن الحكومة ليست محل ثقة في تنفيذ اتفاق السلام ". وأضاف بانالاوي أن جبهة مورو تريد تحويل مقاتليها إلى قوة شرطة تحافظ على السلام والنظام في الإقليم، غير أن الجانبين لم يتفقا على هذا الأمر خلال المفاوضات. وبدلا من ذلك ينص اتفاق السلام على تشكيل لجنة مستقلة خاصة بالشرطة " لتضع توصيات حول الإجراءات الشرطية المناسبة لإقليم بانجاسامورو ". وقال بانالاوي إن " الحكومة تعتقد أن الإجراءات الشرطية المناسبة تندرج في إطار القوانين الموجودة حاليا، وأن ذلك يعني بشكل خاص الشرطة الوطنية الفليبينية ". وأضاف " أما بالنسية لجبهة مورو فإن هذه الإجراءات تعني تشكيل قوة شرطية خاصة بها، وقد يكون لدى اللجنة الخاصة تصور مختلف بشأن ما هو مناسب ". واعترفت السيدة ميريام كورونيل فيرير رئيسة وفد التفاوض الحكومي بأنه لا تزال هناك كثيرا من الأشياء التي ينبغي عملها بعد توقيع الإتفاق بعد غد الخميس . وقالت " ليس هناك وقت للراحة ، ويجب أن ننجز جميع الأشياء بشكل سريع للغاية، ولكن بدون التضحية بمبادىء عدم الإقصاء والشفافية ". ويجب أن يصدق البرلمان على قانون أساسي بإقامة إقليم بانجسامورو لتمهيد الطريق لإجراء استفتاء في المناطق التي سيشملها الإقليم الجديد المتمتع بالحكم الذاتي. وقالت ديليس مستشارة الرئيس أن مجلسي الشيوخ والنواب تعهدا بإجراء الإقتراع على القانون الأساسي بحلول نهاية العام الحالي، الأمر الذي من شأنه السماح بإجراء الإستفتاء في أوائل عام 2015، وبعد ذلك سيتم انتخاب أعضاء برلمان بانجسامورو عام 2016. وعلى الرغم من جسامة المهمة فإن ديليس ترى أن حكومة الرئيس أكينو مصممة على تنفيذ اتفاق السلام. وقالت " يمكننا التغلب على جميع الأشخاص الذين يسعون إلى إفساد الأمور، ويمكننا أن نحصل على التأييد الذي نحتاجه لبناء بانجسامورو ".