رجح محللون صوماليون أن العملية العسكرية التي بدأتها الحكومة الصومالية، مدعومة من قوات حفظ السلام الأفريقية "أميصوم" ضد حركة "الشباب المجاهدين" الصومالية لن تضع نهاية للحركة التي تتمتع بامتداد عسكري في بعض المناطق الجنوبية، لافتين إلى أنها قد تضعف "الشباب" عسكريا وتنضب منابعهم، خاصة المنافذ البحرية، في حال استمرار الحملة. صلاد أبو بكر، الخبير العسكري الصومالي، قال لوكالة الأناضول إن "الحكومة الصومالية عازمة على قطع رؤوس حركة الشباب، المناوئة لها والتصدى لممارستها المتشددة في البلاد". ولكنه أشار إلى أن القضاء عليها بشكل نهائي في المناطق الجنوبية "أمر غير وارد بسبب علاقاتها الوثيقة مع القبائل الصومالية"، وأضاف أنها تستطيع إعادة تشكيل أجزاءها، لما تتمتع به من إدارة عسكرية ناجحة، بحسب رأيه. وحول قدرة حركة الشباب على دخول مواجهة عسكرية مع الحكومة الصومالية، قال أبوبكر إن المناطق التي خسرتها الحركة منذ بدء الحملة لا تعتبر مناطق ذات أهمية بالغة بالنسبة لها. وأضاف أنها تستعد لمعركة حاسمة مع القوات الصومالية والأفريقية في بعض المناطق الحساسة التي تسيطر عليها الحركة مثل مدينتي "براوي" و "بولومرير" في جنوبالصومال. وتواصل القوات الحكومية وبعثة قوة حفظ السلام الأفريقية معارك عنيفة ضد متمردي الحركة في مناطق بجنوب ووسط الصومال، وقد سقطت، مؤخرا، مدن وبلدات كانت خاضعة للحركة في أيد القوات الحكومية. وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قد تعهد في فبراير/شباط الماضي بالتخلص من حركة الشباب، معلنا عن خطة حكومية جديدة في عام 2014 تهدف للقضاء نهائيا علي الحركة المتمردة. وبدروه قلل المحلل السياسي، عبدي سلطان، مدير مركز الصومالي للبحوث والدراسات، إمكانية تواصل هذه الحملة العسكرية ضد حركة الشباب، معتبرا أنها جاءت على قرار من الاتحاد الأفريقي لمواجهة تفشي ظاهرة التطرف والإرهاب في الصومال. وأشار إلى أنه من الممكن أن تتوقف دون أن تحقق مكاسبها، مضيفا أن الحكومة الصومالية أخذت هذا القرار بناء على إملاءات من الاتحاد الأفريقي، بحسب تعبيره. وألمح سلطان إلى أن الحكومة الصومالية لم تضع خطة إدارية في المناطق التي حررتها القوات المتحالفة، لافتا إلى أن سكان تلك المناطق يأملون أن يجدوا من الحكومة مساعدات إنسانية. وكان عبدالولي شيخ محمد، رئيس الحكومة الصومالية، قد طلب من الهيئات الإنسانية تقديم مساعدات عاجلة لسكان المناطق المحررة الذين يعانون من شح في المياه وقلة المواد الغذائية. من جانبه، رأى عبدالوهاب محمود، أستاذ تاريخ بجامعة الأمة الوطنية، أن حرب الجبهات التي اتبعتها حركة الشباب لا تنتهي بسهولة، متوقعا أن "تمثل الحركة عائقا أمام الحكومة الصومالية لأنها ستلجأ لحروب الغوريلا (العصابات) لمواصلة الحرب على الحكومة الصومالية". وحول النتائج المتوقعة في نهاية هذه الحملة العسكرية، أكد عبدالوهاب أن "هذه الحملة ستخرج الحركة من المدن الرئيسية في جنوبالصومال، ما يجعلها معزولة عن المناطق الحضرية التي كانت تستقطب منها مقاتلين جدد لتقوية صفوف مقاتليها، وبقاءها في الميدان لتمارس عملياتها"، على حد قوله . وكانت حركة الشباب الصومالية قد دعت المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها إلى الوقوف بجانبها في مواجهتها للحملة العسكرية التي تقودها القوات الإثيوبية كما أمرت بعض المناطق التي انسحبت منها النزوح وإلا سوف تعتبر من بقي فيها متحالفا مع القوات الإثيوبية. يذكر أن القوات الإثيوبية جزء من قوة الاتحاد الإفريقي التي يبلغ تعداد جنودها في الصومال نحو 22 ألفا. بدوره، قال محمد جوري، المحلل السياسي، إن حركة الشباب تواجه حملة عسكرية غير مسبوقة، من الممكن أن تضعف قدراتها العسكرية وتنهى وجودها في جنوب ووسط البلاد، مشيراً إلى أنها لن تموت بسهولة في الفترة الراهنة، على حد وصفه . وأوضح جوري أن نجاح الحملة العسكرية مرهون بقدرة الحكومة الصومالية على فرض نظام سياسي وإداري في تلك المناطق، وضبط أمنها ومواجهة تمرد حركة الشباب الصومالية . ويعتقد المحللون أن حركة الشباب باتت على حافة الهاوية وأنها تواجه مصيرا صعبا على غرار الحزب الإسلامي الذي تشتت قواه في عام 2010، مشيرين إلى أنها أصبحت غير قادرة على إعادة ترتيب صفوفها بسبب فقدانها التأييد الشعب الصومالي الذي يميل حالياً إلى التأييد الحكومي أكثر من حركة الشباب المتمردة. وتأسست حركة "الشباب المجاهدين" الصومالية عام 2004، وتتعدد أسماؤها ما بين "حركة الشباب الإسلامية"، و"حزب الشباب"، و"الشباب الجهادي" و"الشباب الإسلامي"، وهي حركة مسلحة تتبع فكرياً تنظيم القاعدة، وتُتهم من عدة أطراف بالإرهاب، وتقول إنها تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية. ولا تزال حركة الشباب تسيطر علي بلدات ومناطق ريفية بجنوب ووسط البلاد، إلا أنها بدأت مؤخرا تخسرها يوما بعد يوم بعد الحملة الأخيرة التي شنتها القوات الحكومية وبعثة قوة حفظ السلام الإفريقية ضدها. ودأبت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة منذ بدء الحملة العسكرية الحكومية بعدم التعليق على التطورات العسكرية الحالية بينما تتحدث الحكومة الصومالية عن انتصارات متلاحقة تحققها قواتها المدعومة أفريقيا "أميصوم". وكانت قوات حفظ السلام المدعومة من الأممالمتحدة قد نجحت في إخراج مقاتلي الشباب من العاصمة الصومالية في عام 2011، غير أن الحركة واصلت هجماتها على طريقة حرب العصابات وحافظت على السيطرة على عدد من البلدات والكثير من المناطق الريفية.