عندما يتحرر التراب والشعب معا عليك الاحتفال بالاستقلال..عندما تتحرر من عدو ثم من ديكتاتور عليك الاحتفال بالاستقلال .. عندما تثور فتنال حريتك في وطن يأبى قادته إلا أن يستعبدوك.. فأنت" حر وحر وحر" وعليك الاحتفال بالاستقلال . في هذا نفس اليوم من كل عام ومنذ سبعة وخمسين عاما احتفلت تونس بالعيد الأول لاستقلالها الوطني من المحتل الفرنسي, وهي فترة وجيزة في أعمار الشعوب، غير أنّها كانت، في تاريخ هذا البلد المثابر، مرحلة ثرية بالمكاسب والانجازات على درب التطوير والتحديث في مختلف المجالات، سياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا وثقافيا – وقد كللت بثورة كانت شرارة حقيقية لكل ثورات الربيع العربي فأصبح عيد الاستقلال عيد بنكهة مختلفة "جلاء عدو وعزل ديكتاتور" . فمنذ ثورة ال17 من ديسمبر 2010 - والتي أِشعلها محمد البوعزيزي بإِشعال النار في نفسه احتجاجا على صفع احدي الشرطيات له بعد احتجاجه على مصادرة سلطات البلدية في مدينة " سيدي بوزيد " لعربة خضار كان يمتلكها وكانت مصدرا وحيدا لكسب رزقه – أًصبح الاحتفال بيوم استقلال تونس هو يوم احتفال بذكرى تخليد الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة أرض تونس وأشعلوا ثورة تونس فأزاحوا حكم الديكتاتور زين العابدين في أيام وأشعلوا ثورات الربيع العربي . احتفالات سنة أولى ثورة احتفلت تونس بالذكرى 55 لعيد استقلال تونس لأول مرة بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين وكان من أبرز مظاهر الاحتفال : نثر شبان متطوعون مليون علم تونسي على الأعمدة الكهربائية للشارع وخلت الشوارع لأول مرة منذ 23 سنة من مظاهر الاحتفال بزين العابدين ، ولم تزين شوارع العاصمة التونسية إلا بالعلم التونسي. وغابت صور الرئيس لأول مرة ، كما اختفت الأعلام واللافتات المكتوبة والملونة باللون البنفسجي،وهو اللون المفضل له. كما اختفت صوره وعبارات الاعتراف بالجميل لصانع التغيير التي دأبت هياكل التجمع الدستوري الديمقراطي ، الحزب الحاكم، على توزيعها على مختلف شوارع العاصمة وبقية مدن البلاد. الذكرى الثانية للثورة وفى الذكرى الثانية للثورة كان الاحتفال بعيد الاستقلال مختلف عما شهدته سنة أولى ثورة من تجاذبات واختلافات سياسية فبرزت تيارات عديدة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في المجتمع التونسي من سلفية علمية إلى سلفية جهادية إلى طائفة وهابية والطائفة الشيعية إلى العلمانية والتقدمية والقومية ببعثيها وناصريها إلى اليسار الوسطي منه والراديكالي . أفكار وإيديولوجيات مختلفة طفت على المشهد التونسي فكانت حديث الإعلام والشارع على حد سواء . الحبيب بورقيبة في الذكرى الثالثة للثورة وفي عام 2013 أي بعد مرور 3 سنوات على ذكرى الثورة غابت مظاهر الاحتفال بعيد الاستقلال في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بسبب تصاعد وتيرة الانقسامات والمشاحنات بين المواطنين فتحول عيد الاستقلال من عيد موحد للتونسيين إلى عيد فرقة وتشتت بين أبناء الوطن الواحد - حسب تعبير الكثيرين الذين استنكروا غياب الاحتفالات الوطنية وحضور الشعارات الحزبية - وتوافد المئات على شارع الحبيب بورقيبة حاملين الشعارات والرايات الحزبية واكتفى القليل منهم بحمل الأعلام الوطنية. وقد تكونت حلقات نقاش طويلة عريضة ملأت الشارع منها على سبيل المثال التكهنات حول استشهاد المناضل الثوري «شكري بلعيد», حيث اعتبره أنصار التيار السلفي مجرد قتيل عادي ، بينما اعتبره البعض الآخر شهيدا للحرية والديمقراطية واصفين إياه بلسان الفقراء والمضطهدين. وقد طغت جريمة اغتيال «بلعيد» على أغلب الحوارات الجماعية والثنائية خلال الاحتفال حيث حمل أنصار حزب «الوطد» والجبهة الشعبية مسؤولية الاغتيال إلى حركة «النهضة», وطالبوا بإسقاط الحكومة «التي فشلت في تحقيق أهداف الثورة» على حدّ تعبيرهم وهي شعارات لم ترق للمنتمين للحركة , حيث اتهمت جهات خارجية بالوقوف وراء اغتيال الفقيد وبرأت ساحة قيادات «النهضة». وتساءل كثيرون عن دور الحكومة من الاحتفالات بذكرى عيد الاستقلال, كما اتهمها البعض بمحاولة طمس مفهوم الذاكرة الوطنية وتقزيم المجاهدين وزعماء الحركة الوطنية الذي أسهموا في إعادة السيادة التونسية. فيما تساءل آخرون عن سبب خروج المواطنين واحتشادهم بشارع الحبيب بورقيبة متناسيا انه يوم للاحتفال بعيد الاستقلال . اقرأ فى هذا الملف * المستشار الثقافي للسفارة التونسية بالقاهرة ل"محيط ": عيد الاستقلال التونسي ومضات من النضال الوطني * المستشار الاعلامى المصري السابق بتونس ل" محيط ": إحتفال تونس بالإستقلال إستحضار لتضحيات الشهداء * من الاستعمار للاستقلال تونس الخضراء.. ماضي حافل ومستقبل مشرق * آداب وفنون تونس مزيج رائع بين ثقافتين * أغرب وأطرف التقاليد والموروثات .. العرس التونسي ** بداية الملف