أعلمُ أن وزارة التربية والتعليم ليست جهة لسنِّ القوانين، ولكن مُقترحات أو مشاريع القوانين المُنظمة لعملها تخرج من بين يدي خبرائها ومستشاريها. لما عزمت وزارة المليون ونصف مُعلم على إخراج المعلمين من تحت مظلة القانون 47 لسنة 78 وضمهم إلى القانون 155 لسنة 2007 والمعدل بالقانون 93 لسنة 2012، والمشهور في الأوساط الإعلامية والإدارية بقانون كادر المعلمين، وقعت وزارة التعليم في إشكاليتين كبيرتين:- * الإشكالية الأولى: أنها طبقت قانون الكادر بأثر رجعي على المعلمين القدامى، الذين لم يُعينوا في ظله إبتداءً، ولكنهم خضعوا في تعيينهم لشروط قانون العاملين المدنيين بالدولة 47 لسنة 78، ليجد المعلم القديم - ذي الخبرات الطويلة في ميدان التدريس - نفسه أمام معاملة خريج اليوم من عدة زوايا أهمها:- (1) أن يُطلب من المعلمين القدامي الحاصلين على مؤهل جامعي غير تربوي، الحصول على مؤهل تربوي أو برنامج تأهيل تربوي، وكلاهما على نفقة المعلم الشخصية، ليجد المُعلم، الذي قضي في حقل التعليم عقدين أو أكثر، نفسه مُطالباً بأن يكون تلميذاً يذاكر ويمتحن ليحصل على مؤهل تربوي ويتكبد في سبيله مالاً وسفراً ومجهوداً ووقتاً وإلا تعطلت ترقياته إلى الوظائف الأعلى، إما إلى التوجيه أو الإدارة المدرسية أو التعليمية، وذلك رغم حيثيتين هامتين:- - أن المعلم القديم لم يفرض نفسه على وزارة التربية التعليم، بل هي من عينته إما بالتكليف أو بالمسابقة أو بالامتحان، وبالتالي فالوزارة هي التي طلبت الحاصلين على مؤهلات بعينها على سبيل الحصر ليشغلوا وظائف التدريس ولم تشترط وقتئذ أن يكونوا من خريجي كليات التربية. - أن المعلم القديم لم يُسكّن فعلياً على قانون الكادر إلا بعد اجتاز امتحان عقدته الأكاديمية المهنية للمعلمين في ثلاث فروع، منها الكفاءة التربوية، فلماذا يُطالب بالمؤهل التربوي بعدئذ؟!، و ما هي جداواه العملية لمعلم أول، ومعلم أول (أ)، ومعلم خبير، وكبير معلمين، وأقلهم قضى ثلاثة عشر سنة في ميدان التدريس؟!. (2) حين عومل المعلمون القدامى بأثر رجعي بموجب قانون الكادر لم ينسحب الأثر إلا على الوظائف الأعلى فقط، أي على الترقيات، ولم ينسحب على السنوات البينية التي قضاها المعلم بين درجة وظيفة وأخري حسب القانون 47 لسنة 78، بمعنى أن المعلمين القدامي قضوا سنوات تتجاوز العشر سنوات بين كل درجة مالية وأخري، فلماذا يُطبق القانون بأثر رجعي هنا أي يتم العمل بموجب الخمس سنوات بين كل درجة وأخرى لتوفيق أوضاع المعلمين وانتشالهم من الرسوب الوظيفي.. للأسف لم يُطبق هذا الجانب كونه سيكبد الوزارة فوارق مالية ضخمة لم تتعود على دفعها بسهولة للمعلمين. * الإشكالية الثانية: وتتعلق بالترقيات وطريقة الاختيار والانتقاء، حيث غضّ قانون الكادر الطرف عن شرط الخبرة الميدانية في الوظائف السابقة، وقفز مباشرة إلى إسناد وظائف التوجيه والإدارة المدرسية والتعليمية عن طريق اجتياز برنامج شكلي مدفوع الأجر تقوم به أكاديمية المعلمين، ولا يعلم عنه معظم المعلمين شيئاً، حيث لا يتم الإعلان عنه بطرق شفافة وواضحة، لتجد العملية التعليمية نفسها أمام مديرين معدومي الخبرة الإدارية والمالية في شئون المدارس والإدارات بعد أن قذفهم القانون من « الدار إلى النار »، أي من وظيفة تدريسية إلى وظيفة إدارية قيادية دون المرور بالوظائف الإدارية التي تسبقها لاكتساب الخبرة العملية. قديماً، وحسب القانون القديم، كان يتم اختيار مدير مدرسة من وظيفة وكيل مدرسة، وكان يتم اختيار وظيفة مدير إدارة من وظيفة وكيل إدارة أو رئيس قسم، وكان يتم اختيار وكيل وزارة من وظيفة مدير عام أو وكيل مديرية، وكان ذلك أكثر واقعية وعدلاً، لأنه ارتكن إلى شرط الخبرة الميدانية وهي الأهم، ولم يرتكن إلى هندمة وتستيف الأوراق كما يتم الآن وحسب قانون الكادر. المرجو إعادة النظر يا سيادة الوزير فيما سبق طرحه لمعالجته بشكل أكثر عدالة وواقعية، وأعلم أن سيادتكم تتطلع على وجهات النظر المختلفة.