أبدى خبراء تخوفهم أن تؤثر الأزمة الدبلوماسية في الخليج على العلاقات والنشاط الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي. وقال الخبراء إن قرار السعودية والبحرين والإمارات بسحب سفرائهم من قطر أمس الأربعاء، قد يكون له تأثيرات اقتصادية على دول مجلس التعاون الخليجي بأكمله، خاصة قطر، وذلك في حال استمراره، وقد يؤثر أيضا على المشاريع العملاقة التي تعتزم الدوحة تنفيذها خلال الفترة المقبلة. واستبعد الدكتور علي التواتي خبير الاقتصاد السعودي: "تصعيد الأزمة بين الدول الثلاث، وقطر لتصل لحد المقاطعة الاقتصادية". وأضاف بن جمعة أن "بيان الدول الثلاث ورد دولة قطر عليهم، جاء متوازن، وتركت الباب مفتوح على مصراعيه للمصالحة، وفقا للأناضول. وأعربت قطر عن أسفها واستغرابها لسحب السعودية والإمارات العربية المتحدةوالبحرين سفراءها من الدوحة بسبب "عدم التزامها بمقررات تم التوافق عليها سابقا"، بحسب بيان مشترك صدر عن الدول الثلاث. وقال مجلس الوزراء القطري في بيان إن تلك الخطوة التي أقدم عليها الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدةوالبحرين لا علاقة لها بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها، بل لها صلة باختلاف في المواقف بشأن قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون. وأوضح خبير الاقتصاد السعودي، أن " الخلافات تصاعدت بين دول الخليج مؤخرا حتى أن بعضها أصبح يرفض حتى الحديث عن الاتحاد الخليجي، والبعض الأخر يعارض الاتحاد النقدي الخليجي، وهذا طبيعي". وأضاف، أن "الخلاف الجوهري الأن ظهر نتيجة لارتباط الموضوع بالأمن القومي لدول الخليج، كون قطر تتهم السعودية والإمارات أنهم وراء ما حدث في مصر"، مشير إلي أن ما حدث في مصر ناتج عن إرادة شعبية، والجيش المصري لا يتخذ قرارته من أحد وسبق أن حدث في 25 يناير/ كانون الثاني 2011 نفس الأمر. ويري التواتي، أن "قطر من المستحيل أن تعيش بمفردها بعيدا عن دول الخليج، فالسعودية تحيطها من ثلاث جهات، ويستحيل على قطر الاتصال البري بالعالم إلا من خلالها"، موضحا أن التجارة البينية بين الدول الخليجية لا تتجاوز 10% من تجارة هذه الدول بشكل عام، وهذا يعكس ايضا أن الاستثمارات البينية ليست كبيرة. وأضاف، أن " الاستثمارات القطرية في السعودية ودول الخليجية تنحصر في ممتلكات عقارية وأنشطة تجارية خاصة وصغيرة، ومعظم استثمارات قطر خارج دول الخليج". وقالت نجاة السويدي رئيس مجلس ادارة شركة العربية للاستثمار الكويتية، إن " قرار بعض الدول الخليجية سحب سفراءها من قطر، سيكون له مردود اقتصادية سلبية متعددة أبرزها تضرر الاستثمارات المشتركة وتعثر الاتفاقيات التجارية المتبادلة". وأضافت السويدي فى تصريحات صحفية أن " القرار سيسبب فجوة خليجية يصعب لملمتها( سدها) فيما بعد فهو يخرق مبادئ الوحدة الخليجية والتي تنص بعض بنودها على عدم اتخاذ مثل تلك القرارات دون اجماع مسبق ولأسباب محددة". وأضافت رئيس مجلس ادارة شركة العربية للاستثمار الكويتية، إن "الخلافات السياسية بين الدول الخليجية لا يجب أن تتطور إلى حد قطع العلاقات بين الأشقاء" ، مشيرة إلى أن قطر مساهم رئيسي في الاتحاد الخليجي. ووفق آخر احصائيات عن حجم التجارة المجمعة، بلغ التبادل التجاري بين قطر والدول الثلاث التي سحبت سفرائها اليوم 8 مليار دولار في 2011، تعادل 6% من إجمالي التبادل التجاري القطري مع العالم والبالغ 135 مليار دولار في نفس العام. وتستورد قطر من دول الخليج الثلاثة، الجلود المدبوغة، ومصنوعات المطاط، والخشب، والورق، والحديد، والغزل والمنسوجات، والأغذية والحيوانات الحية، ثم الماكينات والآلات ومعدات النقل، فيما تصدر قطر للدول الثلاثة، الوقود المعدني ومواد التشحيم والمواد المشابهة، وثالثا المواد الكيماوية والمنتجات المتعلقة بها. وتتصدر الامارات الدول الثلاث من حيث العلاقات التجارية مع قطر، حيث بلغ التبادل التجاري القطري الإماراتي 5.7 مليار دولار عام 2011، ثم 1.7 مليار دولار حجم التبادل تجاري قطري سعودي، وأخيرا البحرين ب 582 مليون دولار. واستوردت قطر من الدول الثلاث ما قيمته 3.5 مليار دولار، مقابل واردات لهم بقيمة 4.5 مليار دولار. وقال الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بو خضور، إن " قرار السحب له ابعاد سياسية واستراتيجية، فبعض الدول تحاول إرضاء مصر على خلفية دعم قطر لجماعة الاخوان، فضلا عن وجود مصالح لتلك الدول مغايرة ومختلفة لمصالح قطر"، موضحا أن "تنافر المصالح واتجاه كل طرف لما يناسبه استراتيجيا هو السبب الرئيسي لما حدث". وتوقع بو خضور أن" تختلف التحالفات الخليجية في المرحلة المقبلة"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن التشابه الثقافي والجغرافي يجعل من اخراج قطر من المنظومة الخليجية أمر صعبا جدا . وقال:" هناك اتفاقيات تجارية وامنية وسياسية بين قطر ودول الخليج، وقد يتسبب عزل قطر خليجيا في خسائر بالمليارات للجانبين على الصعيد الاقتصادي، وسيؤدي إلى عدم اتزان وارتباط على الصعيد السياسي". وقال الدكتور فهد بن جمعة الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السعودي، إن "الأثر الاقتصادي الأولى للأزمة بين الدول الثلاث وقطر، ظهر في تراجع البورصة القطرية اليوم، ما يعكس أن الأزمة سيكون لها تأثيرات اقتصادية على قطر في حال استمرارها". وقادت بورصة قطر تراجعات الأسواق العربية اليوم الأربعاء، عقب هبوط مؤشرها العام بأكثر من 2% مقلصا بذلك جزء من خسائرها التي مني بها خلال منتصف التعاملات، ليغلق عند مستوي 11346.58 نقطة، مسجلا أكبر خسائر يومية في 6 أشهر، فيما تكبد رأس المال السوقي للأسهم المقيدة خسائر بنحو 16.7 مليار ريالا. وأضاف بن جمعة في اتصال هاتفي مع مراسل الأناضول، أن "استمرار الأزمة سيؤثر على تجهيزات قطر لاستضافة كأس العالم الذى تعتمد فيها على السعودية". وتقول قطر إنها ستنفق نحو 65 مليار دولار على إنشاءات البنية التحتية لاستضافة كأس العالم عام 2022، وتعتمد الدوحة على المملكة السعودية في استيراد مواد البناء. وأوضح عضو مجلس الشورى السعودي، أن " النصيب الأكبر من الخسائر الاقتصادية، لقرار سحب السفراء سيكون من نصيب قطر، فيما سيكون نصيب الدول الثلاث محدود.