لم يقلق خبراء الاقتصاد في مصر، من استقالة حكومة رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي، بل قالوا إنها ستترك "أثراً ايجابياً لمصر أمام دول العالم خاصة الغرب، لأنها لم تحقق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد". وأعلن رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي في وقت سابق اليوم الاثنين، إن حكومته قدمت استقالتها، دون أن يذكر تفسيرا محددا لذلك. وقال الببلاوي الذي كُلف بتشكيل الحكومة في يوليو/ تموز الماضي، إن حكومته عملت على "إخراج مصر من النفق الضيق"، لكن الخبراء قالوا إن الحكومة لم يكن لديها "رؤية واضحة في إدارة الملفات المختلفة خاصة الاقتصاد الذي لم تتحسن مؤشراته". وقالت بسنت فهمي الخبيرة المصرفية إن استقالة الحكومة سيكون لها مردود ايجابي على الاقتصاد ككل، لأننا لم نلمس للحكومة رؤية واضحة في إدارة الملفات المختلفة خاصة الاقتصادية. وأضافت فهمي أن حكومة الببلاوى فشلت في العديد من الملفات التي تهم المواطن بشكل أساسي من بينها ملفي الأمن وتطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور. وطبقت الحكومة المصرية في يناير الماضي، الحد الأدنى للأجور على الموظفين بالجهاز الإداري بالدولة والمعلمين والعاملين بالقطاع الطبي. وقالت فهمي إن حكومة الببلاوى خيبت آمال وطموحات المصريين، وأدائها لم يرق للمستوى الأدنى المطلوب، وفشلت في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية مع دول العالم، خاصة الغرب اللذين تحفظوا أيضا على أدائها الاقتصادي والسياسي على حد سواء. وبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 1% فقط خلال الربع الأول من العام المالي 2013/2014، مقابل 2.5 % خلال نفس الفترة من السنة المالية السابقة، وقال مسئول في الحكومة التي قدمت استقالتها إن معدل النمو خلال الربع الثاني سيتجاوز 2%. وأشارت بسنت إلى أن الاستثمارات الضخمة متوقفة، انتظارا لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والأمني، والانتهاء من الانتخابات الرئاسية، لذلك لن يتأثر الاقتصاد والاستثمار، باستقالة الحكومة، أما الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، فهي باقية وستأخذ اتجاها صعوديا حال تعيين حكومة تتميز بكفاءات كبيرة. وقال أحمد آدم الخبير المصري في الشؤون المصرفية إن استقالة حكومة الببلاوى لن تؤثر سلبا على الاستثمارات الأجنبية الوافدة لأنها متوقفة بالأساس، نتيجة سوء الأوضاع السياسية والأمنية التي تشهدها مصر حالياً. وأضاف أن الأوضاع الحالية لا تشجع دخول استثمارات جديدة للسوق، حكومة الببلاوى كانت حكومة تسيير أعمال والحكومة المقبلة أيضا حكومة تسيير للأعمال، إذا لم يتغير شيئ، فالحكومات المتعاقبة منذ حكومة أحمد نظيف ( إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك) من سيئ إلى أسوء. وقال الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، ومساعد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي سابقا، إن الوضع الاقتصادي الحالي بمصر في أسوأ حالته، لذلك فلن يتأثر باستقالة الحكومة. وأضاف أن حكومة الببلاوى لم تنجح في تحسين الأداء الاقتصادي على الرغم من حصولها على دعم مالي ضخم من دول الخليج. ووعدت السعودية والإمارات والكويت، بتقديم مساعدات لمصر تقدر بنحو 12 مليار دولار عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وقالت الحكومة المستقيلة إنها حصلت على مساعدات خليجية قيمتها 10.93 مليار دولار، منها 3.93 مليار دولار منتجات وقود، ومليار دولار منحة من الإمارات وستة مليارات دولار ودائع لدى البنك المركزي ستتحمل الحكومات المقبلة ردها. وقامت الحكومة المصرية بضخ حزمتين تحفيزيتين الأولى قدرها 29.7 مليار جنيه (4.3 مليار دولار) والثانية 33.5 مليار جنيه (4.9 مليار دولار)، كما مولت الحزمتين من المساعدات الخليجية، واستخدمت أيضا نصف وديعة قدرها تسعة مليارات دولار كانت محفوظة لدى البنك المركزي المصري منذ حرب الخليج. تابع الفقي: "أداء الحكومة أدى إلى تدهور الأوضاع بشكل أكبر، وارتفعت في عهدها المطالب الفئوية والتي انتشرت بصورة كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، وهو الأمر الذي سيعيق إجراء الانتخابات الرئاسية، في ظل هذه الاضطرابات وهذا ما دفعها للاستقالة". وأشار إلى أن الحكومة الجديدة ستكون مطالبة بتهيئة المناخ، لإجراء الانتخابات الرئاسية التي لا يمكن أن تتم وسط هذه الأجواء المشحونة. تابع: "سوء أداء العديد من الوزراء، ومن بينهم وزير الاستثمار الذي فشل في جذب الاستثمارات اللازمة لإنعاش الاقتصاد، كان يستلزم إجراء تغيير للحكومة كلها وتعيين حكومة جديدة لإعطاء صورة جديدة قادرة على تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الرئاسية وتشجيع المستثمرين من خلال إثبات قدرتها على تحسين مناخ الاستثمار". وقال البنك المركزي إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بلغت خلال الربع الأول من العام المالي الحالي نحو 1.246 مليار دولار، وبلغ إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للداخل نحو 2.365 مليار دولار، منها 1.281 مليار دولار من بريطانيا و1.46 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي. فيما بلغت التدفقات النقدية للخارج نحو 1.119 مليار دولار. ويرى الفقي أن السبب الرئيسي لاستقالة الحكومة كانت احتجاجات العمال، الذين لم يشملهم تطبيق الحد الأدنى للأجور. وقال إن مهمة الحكومة المقبلة ليست سهلة، خاصة وإنها مطالبة بتهدئة الشارع والقضاء على مشكلة المطالب الفئوية.