أفاد شهود عيان من داخل مقر بعثة الأممالمتحدة بمدينة "ملكال" عاصمة ولاية أعالي النيل السودانية (شمال)، الثرية بالنفط بأن "القوات الموالية لريك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت لم يعد لهم أثر داخل المدينة". وفي حديث لوكالة "الأناضول"، قال شهود العيان :"إن القوات المناوئة للحكومة اختفت من مدينة (ملكال) منذ صباح أمس الأحد، ولا أحد يدري إلى أين ذهبوا جميعا، أو إذا كانوا قد عادوا أدراجهم إلى منطقة الناصر أقصي شرقي جنوب السودان على الحدود مع دولة إثيوبيا، أم انهم يختبئون في مكان ما داخل المدينة". وكانت قوات موالية لريك مشار أعلنت سيطرتها على "ملكال" الأسبوع الماضي، بينما أعلنت قوات الحكومة أنها انسحبت من المدينة بشكل تكتيكي. وقال شهود العيان إن "المدينة لم تشهد مواجهات مسلحة منذ أن أعلنت القوات الحكومية انسحابها منها (تكتيكيا)"، فيما توقع البعض أن تكون قوات مشار غادرت "ملكال" متجهة صوب مقاطعة "أكوكا" في الشمال الشرقي، معتبرين أن ذلك من شانه أن يمثل تهديدا لمناطق إنتاج البترول في حقول "ملوط" و"فلوج" شمالي الولاية. ولم يتسن الحصول على معلومات إضافية من وزير الإعلام بالولاية أو أي مسئول حكومي آخر في "ملكال". وحول تدهور الأوضاع الإنسانية في المدينة، أعلنت منظمة "أوكسفام"، أنها اضطرت لإجلاء 4 من عمال الإغاثة التابعين لها المحاصرين في ظل القتال الدائر، وأعمال العنف التي تشهدها الولاية، محذرة من صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في جميع أنحاء البلاد. وفي بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أمس الأحد، قالت الجمعية الخيرية البريطانية، إن "العديد من موظفي أوكسفام وغيرهم من عمال وكالات الإغاثة، الذين يعملون في مجمع الأممالمتحدة في مدينة ملكال، لا يمكنهم مغادرته منذ اندلاع القتال الأسبوع الماضي". وإثر عودتها على متن رحلة تابعة للأمم المتحدة، قالت سيسيليا كايدن التي ترأس فريق إنقاذ أوكسفام في ملكال "في الأيام الأولى كنا جميعا خائفين مما يحدث في المدينة في ظل صوت القصف المستمر". وأضافت أنه "مع مرور الأيام، سمعنا روايات مفزعة من الناس الذين يصلون إلى مقر الأممالمتحدة طلبا للحماية.. حول قصص النساء والفتيات اللاتي هددهن رجال مسلحين بالاختطاف، ثم أطلقوا عليهم النار لدى هروبهن". وأشارت المنظمة إلى أنه "عندما بدأ العنف في المدينة، خفضت منظمة أوكسفام من حجم عمالتها بشكل كبير في قاعدة الأممالمتحدة مع استمرار القصف في البلدة والعنف داخل وخارج القاعدة جعل حركة الموظفين ووصول الإمدادات صعبة للغاية". وأضافت أنها "تعتزم بحلول الأربعاء القادم، استئناف أنشطتها في قاعدة الأممالمتحدة حيث يعيش نحو 21 ألف شخص"، فيما شددت على ضرورة توفير الاحتياجات الفورية التي حددتها وكالات المساعدات، وهي مياه الشرب النظيفة والغذاء والرعاية الطبية. من جانبه، قال خوسيه باراهونا، مدير منظمة "أوكسفام" في جنوب السودان: "سنعود للعمل لمساعدة العديد من الضعفاء في ملكال في أقرب وقت ممكن، ولكن الانهيار التام لاتفاقية وقف الأعمال العدائية، كما يتضح من هذه الجولة من العنف، خلق وضعا صعبا بالنسبة لنا، ووضعا أكثر يأسا لما يقرب من مليون شخص نزحوا بسبب العنف". وحذر باراهونا من أن "كل يوم يمر وتطلق فيه رصاصة بندقية، يمثل ضربة أخرى لهذه البلاد، في الوقت الذي لا يمكن التوصل إلى حل سياسي لهذه الأزمة المروعة قريبا بما يكفي". ووقع طرفا الأزمة في جنوب السودان اتفاقا في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، يقضي بوقف العدائيات بين الجانبين وإطلاق سراح المعتقلين. وجاء الاتفاق بعد مواجهات دموية بدأت منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لمشار، الذي يتهمه سلفاكير ميارديت بمحاولة الانقلاب عليه عسكريا، وهو الأمر الذي ينفيه مشار. إلا أن مدينة ملكال تشهد مواجهات بين القوات الحكومية وقوات مشار منذ فجر الثلاثاء الماضي.