أثار مسلسل التفجيرات الذي فرض نفسه مرة جديدة على الساحة اللبنانية بعد أيام معدودة على إعلان التشكيلة الحكومية، إدانة لبنانية وطنية واسعة، وإجماعاً على الالتفاف حول الجيش والقوى الأمنية للقيام بمهماتها في مواجهة الإرهاب. وأشارت جريدة "الحياة" اللندنية إلى أن رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان أجرى سلسلة اتصالات شملت وزير الداخلية نهاد المشنوق والسفيرين الكويتي عبد العال القناعي والإيراني غضنفر ركن ابادي والمسئولين المعنيين للاطلاع على ما توافر من معلومات عن عملية التفجير الإرهابي، طالباً من الأجهزة العسكرية والأمنية "زيادة التنسيق لكشف المحرضين والمرتكبين لوقف مسلسل الإرهاب والموت الذي يستهدف لبنان واللبنانيين". وأشار سليمان إلى أنه لا خلاص من هذا الإجرام الإرهابي إلا بالتضامن الكامل في مواجهته مهما كانت المواقع والانتماءات السياسية، لأن الإرهاب لا يميّز بين المناطق والأديان بل هو يتبع عقيدة وحيدة هي القتل والتدمير. بدوره، أجرى رئيس المجلس النيابي نبيه بري سلسلة اتصالات شملت عدداً من المسئولين الأمنيين ومعاونيهم، مطلعاً على تفاصيل الجريمة الجديدة، واعتبر أن ما جرى "يشكل تحدياً أساسياً لنا جميعا وأولوية للحكومة". ورأى رئيس الحكومة تمام سلام في التفجير "رسالة بإصرار قوى الإرهاب على المضي في مخططها في نشر الموت العبثي في الربوع اللبنانية". وقال: "وسط الأجواء الإيجابية التي رافقت ولادة الحكومة وتركت ارتياحاً لدى اللبنانيين، وجّه الإرهاب ضربة جديدة للبنان عبر تنفيذ تفجير في منطقة مدنية آمنة، في رسالة تعكس إصرار قوى الشر على إلحاق الأذية بلبنان وأبنائه وذر بذور الفتنة بين أبنائه". وأضاف رئيس الحكومة الجديد: "وصلت الرسالة وسنرد عليها بتلاحمنا وتضامننا وتمسكنا بسلمنا الأهلي وبالتفافنا حول جيشنا وقواتنا الأمنية التي أعطيت التعليمات بالقيام بكل ما يلزم من أجل ضبط الفاعلين وجلبهم أمام العدالة سريعاً". وسأل الرئيس أمين الجميل: "هل كتب على اللبنانيين دفع ضريبة الدم دورياً؟"، وقال: "نحن نؤكد من خلال التضامن اللبناني أن إرادة الحياة أقوى من آلة القتل"، واصفاً التفجير الإرهابي بأنه رسالة دموية لترهيب الحكومة الجديدة التي تجسد الإرادة الوطنية، وأن الرد عليها يكون بتفعيل العمل الحكومي والإمساك بالوضع الأمني. ولفت زعيم تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري إلى أنه إذا كان الهدف من العملية الإرهابية توجيه رسالة إلى اللبنانيين بأن لبنان لن يكون في منأى عن الإرهاب بعد تشكيل الحكومة، فإننا نؤكد أكثر من وقت آخر وحدة الموقف اللبناني في مواجهة الإرهاب وكل المحاولات المشبوهة والمدانة لإثارة الفتن وضرب الجهود القائمة لحماية الاستقرار. وقال: "إنني إذ أدين الانفجار بأشد العبارات وأدعو إلى ملاحقة المخططين وأوكار الإرهاب أنى كانت، أتوجه إلى اللبنانيين بمختلف أطيافهم بوجوب التزام مقتضيات التضامن الوطني، والالتفاف حول الحكومة ومساعدتها على القيام بمسؤولياتها في هذه المرحلة الدقيقة من حياتنا الوطنية"، مكرراً الدعوة إلى تحييد لبنان عن أتون النيران السورية، وإلى انسحاب حزب الله من القتال الدائر في سورية، والتزام مقررات الحوار الوطني في إعلان بعبدا. وقال الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي: "عملنا طوال الأشهر الماضية على مداواة هذا الجرح اللبناني النازف قدر المستطاع، وقامت الأجهزة الأمنية بخطوات نوعية كشفت العديد من المخططات الإرهابية وشكّلت عاملاً مساعداً للحكومة الحالية في المعالجات المطلوبة"، آملا ب "أن تتواكب المرحلة السياسية الجديدة في لبنان مع المزيد من الإجراءات لحماية وطننا، وخصوصاً أن جميع الأفرقاء عزموا على التعاون داخل حكومة واحدة نتمنى لها النجاح والتوفيق". ومن جانبه، دعا رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون إلى أن "تبقى أعيننا ساهرة على الداخل اللبناني، لأن هناك كمية من المواد التفجيرية داخل الأراضي اللبنانية حتى لو أقفلنا الحدود"، مشيراً إلى أنه تجب ملاحقة السيارات المسروقة والمتفجرات الموجودة في الداخل وكشفها، ومعتبراً أن الحس بالمسئولية أكبر من كل الحساسيات بين الأجهزة الأمنية ويجب استحداث مكتب مركزي للأجهزة الأمنية للتنسيق في ما بينها وتمرير المعلومات في ما بينها. ورأى عون أن التصريح الذي يدعو "حزب الله" إلى الانسحاب من سوريا ليس في وقته. وأعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "ما حصل يؤكد ما سبق وتوقعناه من أن الأوضاع لن تتغيّر في البلاد بمجرد تغيير الوجوه في الحكومة، بل بتغيير كامل في السياسات المتبعة من قبل الحكومات المتعاقبة". ودعا "حزب الله إلى الانسحاب من سورية، والحكومة الجديدة إلى إصدار قرار في أسرع وقت ممكن بضبط الحدود اللبنانية، ولا سيما الشرقية والشمالية منها، ضبطاً كاملاً ذهاباً وإياباً ومن دون استثناء أي فريق وأي أحد، ومن ثم الإطباق تباعاً على كل البؤر الأمنية المفتوحة، وصولا ً إلى الانتهاء من كل سلاح غير شرعي والإبقاء على سلاح الجيش اللبناني حصراً، هذه هي الوصفة الحقيقية والمنطقية لمحاربة الإرهاب".