تم اعتماد القدس "عاصمة الثقافة العربية" 2009، الفكرة بدأت عام 1985، حينما بادرت وزيرة الثقافة اليونانية، ملينا مركوري، إلى اعتماد عاصمة ثقافية كل سنة في أوروبا بغية "إبراز الحياة الثقافية وتطورها في كل مدينة ونقل التجربة وتقريب القلوب بين الأوروبيين". وقد تبنت الفكرة منظمة "اليونسكو"، وأعلنت أثينا، أول عاصمة في هذا المشروع. ومنذ ذلك الوقت يتم اعتماد مدن أخرى. وابتداء من سنة 2009، تعلن مدينتان "لينتش في النمسا وفيلنا في ليتا"، وسنة 2010 تعتمد ثلاث مدن عاصمة للثقافة الأوروبية. سنة 1996 تبنى الفكرة نفسها وزراء الثقافة العرب، وطرحت في حينه فكرة اعتماد القدس "عاصمة الثقافة العربية الأولى" لكن وضعها تحت الاحتلال شكل عقبة. وهكذا بدأوا باعتماد القاهرة عاصمة للثقافة العربية، تلتها تونس، ثم الشارقة فبيروت وبعدها الرياض ثم الكويت وعمان والرباط وصنعاء والخرطوم ومسقط والجزائر، ثم دمشق. وفي سنة 2006، تقرر اعتماد القدس عاصمة الثقافة العربية لسنة 2009. ورأى الفلسطينيون في القرار خطوة مهمة على طريق التحرير. وكما يقول رئيس اللجنة الوطنية العليا لهذا المشروع، الدكتور رفيق الحسيني، وهو رئيس ديوان الرئاسة الفلسطيني ويعتبر مندوباً شخصياً عن الرئيس محمود عباس في هذه اللجنة كما نقلت عنه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية "الإحتفاء بمدينة القدس عاصمة للثقافة العربية هو تأكيد على أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ عام 1967، وتكريس لبعدها السياسي كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ومكانتها في الوجدان الديني والإنساني، وتجذير لهويتها العربية، ودعم للوجود الفلسطيني وصموده فيها، وتصد لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز للشعور بالانتماء الوطني والعربي تجاه هوية ثقافية عربية موحدة". وأعلنت دائرة الإعلام المنبثقة عن اللجنة الوطنية أن انطلاقة الفعاليات لاحتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 سيتم من مدينة القدس أواخر شهر يناير بمشاركة فعاليات فنية عربية وفلسطينية، وسيتم تنظيم حفل الصيف القادم، يتميز بإدماج فعاليات فلسطينية، عربية ودولية في حفل واحد للتأكيد على الاهتمام الدولي والاقليمي بالاحتفالية، على أن تختتم القدس فعاليتها بحفل في ديسمبر القادم تسلم خلاله الشعلة الى الدوحة العاصمة العربية لعام 2010. وذكرت اللجنة أن الاحتفالية ستركز على ثلاثة أبعاد تتعلق بزهرة المدائن، هي: "القدس ماضياً"، ويتم فيها استعراض المراحل التاريخية التي مرت بها القدس، و"القدس راهناً"، ويتم فيها تسليط الضوء على الواقع الحاضر للمدينة واحداثيات المشروع الثقافي الفلسطيني الحالي والمساحة الضيقة ثقافياً التي تعيشها القدس في ظل سياسة الاحتلال وطمس الهوية، وتأثير العزلة المفروضة على المدينة عن محيطها الفلسطيني والعربي الطبيعي، و"القدس مستقبلاً"، بطرح الرؤية المستقبلية للمدينة ومساهمة الحدث في تثبيت فعاليات دورية للسنوات القادمة ومراجعة ما من شأنه الحفاظ على المدينة وتطوير بنيتها الثقافية وتنشيطها. وتشمل الاحتفالية المهرجانات والمعارض الفنية والصالونات المتخصصة وأسبوع حق العودة والاعياد والمناسبات الدينية وندوات البحث التاريخية في الآثار والمادة التراثية المقدسية وورشات فنية، ودمج فعاليات عربية في فلسطين تشمل معارض فنية وعروض أزياء تقليدية، وندوات فكرية، وأمسيات موسيقية، وغير ذلك. من الجهة الإسرائيلية، جاء قرار إعلان القدس عاصمة للثقافة العربية مثل صدمة. وفي حينه سعت إسرائيل لمعرفة سر القرار وأبعاده مع الدول العربية التي تقيم معها علاقات، وقررت عدم الدخول في مواجهة مع المشروع. وحسب بيان من وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإنها رأت فيه "نشاطاً ثقافياً محدوداً لا يحمل مغزى سياسياً". ولكنها في الواقع العملي قررت مواجهة المشروع على طريقتها التقليدية. فمن جهة اتخذت الاحتياطات لمنع "أية مظاهر معادية لإسرائيل في المشروع". ومن الجهة الأخرى، استغلت الذكرى الأربعين لاحتلال القدس وأعلنت عن 2007 ك"سنة القدس عاصمة للدولة اليهودية الديمقراطية". كما تشكلت لجنة فلسطينية - سورية برئاسة وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا ووزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني أبو دقة، وأبدت وزارة الثقافة السورية رغبتها في المساعدة وبإقامة احتفاليات في سورية، لوجود عدد كبير من المثقفين الفلسطينيين فيها، يقوم عدد منهم بترويج أعمالهم في سوريا بتمويل من وزارة الثقافة الفلسطينية وهناك أعمال أخرى ستمولها وزارة الثقافة السورية ليتم عرضها في دمشق. وأعلنت "مؤسسة القدس الدولية المستقلة" حملة أهلية للاحتفالية، أطلقتها نهاية الشهر الماضي معلنة عن مخطط مقترح يقام في 11 بلدا عربيا هي "سوريا، مصر، السعودية، الأردن، السودان، اليمن، لبنان، الجزائر، الكويت، البحرين، غزة" بالإضافة إلى أوروبا. وطرحت المؤسسة أكثر من 360 مشروعاً منها إصدار نحو 100 كتاب، وإنتاج أعمال سينمائية وثائقية وفنية غنائية وأعمال مسرحية ومهرجانات تراث ورياضة ومسابقات. وقد اختار فرع سورية لمؤسسة القدس الدولية حوالي 25 مشروعاً، بالإضافة إلى مبادرة إطلاق اسم القدس على أحد الشوارع والمدارس في المحافظات، كما اختارت طباعة 6 كتب، وإصدار مجلة شهرية باسم "زهرة المدائن" يصدر العدد الأول منها مع بداية الاحتفالية، وتعنى بنشر دراسات متخصصة تؤكد الهوية العربية للقدس. وتشارك القاهرة في الحدث بحيث تسلم جائزة القدس لأرملة المفكر عبد الوهاب المسيرى في 1 يناير كفاتحة للأنشطة، ويتم إصدار طابع بريدي عن القدس، كما تنظم ندوات ضمن فعاليات معرض الكتاب القادم تناقش مواضيع: "القدس فى التاريخ"، "آثار القدس"، "الأوضاع الإجتماعية فى القدس"، "السينما في القدس" خصوصاً وفلسطين عموماً، إضافة إلى معرض فنون تشكيلية يحمل عنوان "رسوم مقدسية" وحفل فني كبير يحتفي بقراءات لأشعار عن فلسطين ولمحمود درويش وقد تم الاتفاق حتى الآن مع الشعراء سيد حجاب وفاروق شوشة ويرافق القراءة عزف لنصير شمة. وفي بيروت تشكلت لجنة لتنظيم أنشطة الاحتفالية أعلنت عن نفسها منذ أيام ودعت للتحرك من أجل القدس، وسنرى في السنة الحالية احتفالات في مختلف الدول العربية للتضامن مع "القدس".