ضمن فعاليات معرض الإسكندرية العربي للكتاب مثقفون يستعرضون علاقات مصر ولبنان منذ القدم محيط - خاص
معرض الإسكندرية العربي للكتاب أكدت ندوة التفاعل الثقافى المصرى اللبنانى بين الماضى والحاضر التى عقدت على هامش معرض الإسكندرية العربى الثالث للكتاب مؤخرا ، على أن مصر كانت مقصداً لكثير من اللبنانين والسوريين وغيرهم من البلاد العربية الأخرى حيث إن مصر كانت تتيح مناخاً ثقافياً وفكرياً لايتوافر فى أى بلد أخر ..شارك فى الندوة السفير اللبنانى خالد زيادة ، د. محمد رفيق خليل ،د. عماد أبو غازى وأدارها د. وحيد عبدالمجيد نائب رئيس هيئة الكتاب . قال د. عبد المجيد أن هناك افتراض يقول أن التفاعل بين مصر ولبنان كان اقوى مما هو عليه الآن ويعود لتاريخ العلاقات الثقافية اللبنانية وهو تاريخ طويل ، وقد استمر التفاعل منذ القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين ثم بدأ فى التراجع ، وقد حدث تراجع فى التفاعل الثقافى فى وقت كان من المفروض أن يحدث العكس ، وهذا الموضوع يحتاج إلى تأمل . دور لبناني في الثقافة المصرية وتحدث د. خالد زيادة عن العصر الحديث وقال : لاشك أن الحديث عن التفاعل الثقافى بين لبنان ومصر يتطلب الرجوع للقرن التاسع عشر ووضع الدستور العثمانى ورواد النهضة وبعد كبت الحريات قدموا إلى مصر فقد وجدوا الحرية الصحفية فى مصر أكثر منها فى بلاد الشام ، وهذه المرحلة تشهد توافد رواد من بلاد الشام وكان هناك تجار وصناعيين يأتون لمصر أيضاً للعمل بها وهناك أدباء ومسرحيين وهناك أشخاص من النهضويين والمتنورين وذلك يظهر دور سورى لبنانى فى الثقافة المصرية والثقافة العربية ، ونجد بعض المجلات والصحف التى أسسها لبنانيون وأيضاً صحف أسسها مصريون لها أثراً عميقاً فى العالم وشعراء مثل أحمد شوقى وحافظ ابراهيم وأدباء مثل العقاد وهذه نماذج معبره عن هذه المرحلة الحديثة . مصر فى فترة ما بين الحربين لم تكن تعيش الحماسة الشديدة بالرغم من ذلك فكان لها دورها المؤثر فى الثقافة العربية ،والرواداللبنانيون الذين جاءوا الى مصر وجدوا بيئة مختلفة وفى مجال السينما، توافد فنانون كثيرون إلى مصر ومازال هذا قائما حتى الآن ، والمسألة الأولى فى التفاعل بين مصر ولبنان حتى أن مصر كان يأتى لها اللبنانيون ولم يحدث العكس ولاحتى مع أية دولة عربية أخرى ، أما المرحلة الوحيدة التى شهدت توافد مصريون إلى بيروت كانت فى السبعنيات و توقفت بنشوب الحرب فى لبنان وهى مرحلة عابرة و مصر تستقطب الأفراد وتصدر النماذج. والمسألة الثانية هى السؤال حول التكامل ، فهل هناك تكامل فى العلاقة التفاعلية بين البلدين ؟ والمسألة الثالثة هل هذه العلاقة تنافسية ، وهل عاصمة الفكر العربى هى مصر أم بيروت . تراجع أدوار القاهرةوبيروت فى الستنيات كانت بيروت مركز استقطاب لكثير من المستشرقين ومع ذلك لم يأت المصريون إليها ، ويؤكد د. خالد زيادة على أن هناك تراجع فى هذا التفاعل بين البلدين فلم تعد مصر تصدر النماذج ولم تعد لبنان تصدر الأفراد ؛ وقد يعود ذلك لاختفاء الرواد كنجيب محفوظ وغيره . وتحدث د. محمد رفيق خليل ( رئيس مجلس إدارة أتيليه الإسكندرية ) منطلقاً من علاقة الأسطورة بالتراث الشعبى قائلاً : عندما نتحدث عن لبنان ومصر نتذكر أن مصر رمزها نبات البردى الذى صنع منه الورق والورق هو الذى نشأت منه الحضارة ، ولبنان رمزه الأرز الذي يصنع منه السفن؛ ليسافر الأفراد لجميع البلاد العربية . ويؤكد د.رفيق أن التفاعل الثقافى بين مصر ولبنان منذ القدم، وفى مرحلة حديثة هى نهاية الأسرة الرابعة نجد شخصية غامضة فى التاريخ وهى ابنة منكاورع وكانت ملكة قوية قد تكون هذه الملكة مصرية ولبنانية فى آن واحد ،وقد ذهبت إيزيس الى لبنان لتستجمع بقايا زوجها اوزوريس وأنجبت ابنها حورس . تراجع الدور اللبناني والمصري وانتقل د. رفيق إلى شخصيات أثرت فى فكر العالم ولكنها غير مشهورة منها برفيوس الصوري تلميذ افلوطين و كانت صاحبة أول صالون عربى فى الاسكندرية وهى تقية الصورية. وكانت الإسكندرية على الدوام مركزاً للحرية والإشعاع الثقافى ومنها بدأ المسرح العربى والصحافة العربية على أيدى الأخوين تقلا اللذان أنشأ الأهرام ونقل إلى القاهرة وظل فى الاسكندرية صحيفة عربية ، وهناك شعراء لبنانيين مثل صديق شيبوب الذى اسس جريدة توازى الصحافة العربية فى مصر ، وشوقى كان دائم التواجد فى لبنان، كما لاننسى يوسف شاهين اللبنانى السكندرى والذى ركز على فكرة القومية العربية فى اعماله ، وأخيراً فالتاريخ ليس هو الماضى ولكنه امتداد الحاضر فى المستقبل . وقال د. عماد ابوغازى: لبنان فى الوجدان المصرى القديم بالإضافة لكلام د. رفيق حول العقيدة الأوزيرية والتى أثرت فى المعتقد الشعبى المصرى تحتل مكانة عميقه منذ القدم . وعن مابين التاريخ والاسطورة في العصرالصاوى إبان الأسرات المصرية الأخيرة في مصر المستقلة ، قامت السفن الفينيقية برحلة كانت أول اكتشاف لطريق رأس الرجاء الصالح واول مشروع لربط بين البحرالابيض والاحمر . تكامل وتنافس وإنتقل د.عماد إلى عصر المماليك فى مصر وتحدث عن المقريزى الذى جاء من لبنان الى مصر وبرع فى فن كتابة التاريخ وأصبح من أهم مؤرخى التاريخ فى العصور الوسطى وقد تعلم على يد العلامة عبدالرحمن ابن خلدون . وعن الحاضر والمستقبل فى مسألة العلاقات الثقافية بين مصر ولبنان قال اتصور أنه بالفعل إن مصر فى القرن التاسع عشر ونتيجة للحراك السياسى فيها استقبلت المبدعين اللبنانيين ؛ وقد أدى وجودهم لحالة من الازدهار الفكري فى مصر ،ولكن في السبعينيات حدث العكس واصبح هناك قيود كثيرة فى مصر ، وبعد حرب لبنان توجه كثير منهم إلى الخليج وجزء آخر الى أوربا. وهناك تكامل وتنافس بين مصر ولبنان ولكن في مصر يوجد ولع بالريادة وصل إلى أن قطاع من النخبة الثقافية يعترض على عمل الفنانين العرب في مصر . حتى أن فكرة القومية العربية التى شاعت فى مصر كان اساسها الاعتقاد فى مسألة الريادة . وعقب د.وحيد عبدالمجيد بقوله إن فترة الخمسينيات والستينيات والتغير الذى حدث فيها أدى إلى أن مصر لم تعد تستقبل المثقفين اللبنانين وكذلك لم تعد تستقبل أحد من الخارج لكن هذا لم يكن يحول دون خروج المصريين ، وأضاف أن الانغلاق الذى حدث فى هذه الفترة لم يكن له تأثير كبير على الثقافة وإنما حفز على التمرد على القيود ، والمشكلة الأساسية التي حدثت بعد هذه الفترة بعد أن أصبح رأس الدوله كارهاً للمثقفين والثقافة فقبل ذلك كان رأس الدوله يحترم المثقفين ، ولذلك من خرج من مصر إلى لبنان ظل لديهم الوسائل التى تعينهم على التحايل على هذا الانغلاق ومواصلة الابداع . و فترة الازدهار التي ارتبطت بالشعور العربى العام، كان اللبنانيون يفدون إلى مصر بلا أية إجراءات سوى إجراءات إقامة يسيرة جداً ووقد حصل الكثيرون منهم على الجنسية المصرية وبينهم والد يوسف شاهين ،والجدير بالذكر أن مفهوم الوطن لم يحسم بعد وبخاصة مع تراجع فكرة المجد العربى وأخيراً يبقى السؤال عن إلى اى مدى نستطيع ان نصل لعلاقة تطور مفهوم الوطن وتطور التفاعل الثقافى بين مصر ولبنان والبلاد العربية الأخرى؟