بيروت: أفرج منصور الرحباني عن كتاباته الشعرية التي صدرت في أربعة كتب، فيما احتضن كتاب خامس قصائد مغنّاة بصوت فيروز بتوقيع الأخوين رحباني. في كتاب "القصور المائية" يزين الكاتب أحياناً الشعر الفصيح بقليل من العامية المعبرة في مكانها- وفقا لجريدة "القدس العربي" اللندنية - يستهل كتابه هذا بقصيدة كيف الوصول إليك ، وفيها يذهب نحو التأمل والتفكر بالوجود. يستحضر الحب بقوة وعنف. ومنها نختار: عبثاً نَحفرُ وجوهنا علي حيطان الوجود. نحن ظلال عابرة أُخفض رأسي وأمضي علي خطي الرعاة والبُسَطاء. وفي قصيدة "القصور المائية" يأخذ منصور الرحباني من الطبيعة الكثير من الصور الجميلة. يعقد حواراً بين الغيمة والعاصفة، ويستمد من عظمة الطبيعة وجبروتها حكماً وعبراً هي بمثابة المسلمات. ويقول: وبعد خمسين عاماً ستكون جموعٌ تتدافعُ وصخبٌ وضجيج، إنّما لا أحد من العابرين اليوم سيكون يومها حاضراً. ويقول: شرقيّ أنا، وعليه اتكالي أشتغل ما يكفيني لأعبُر من يوم إلي يوم فلا أسرقُ الأشجار ثمارها ولا أرض الله كنوزها. ويتضمن كتاب "القصور المائية" قصيدة إلي عاصي وفيها خطاب مباشر بحيث يناديه أكثر من مرة يا عاصي حيث نشعر وكأنه يجالسه وجهاً لوجه. القصيدة عامية مؤثرة، يحكي فيها الكاتب إشتياقه لأخ شكل معه أول ظاهرة في الشرق علي صعيد الإبداع الموسيقي والشعري سميت ولا تزال معروفة بالأخوين رحباني وهي ستبقي مغروسة في الوجدان والتاريخ لما تكتنزه من إبداع شعري ولحني. منصور يفتقد نصفه الآخر. وهو يقول له في نهاية القصيدة: يا عاصي: لو فييّ بَطّل هالأدويهِ كنت قوام بلْحَقَكْ بس يِمْكن أنا جبان. أسافر وحدي ملكاً في "أسافر وحدي ملكاً" نحن مع قصيدة واحدة تحتضنها دفتا كتاب، وفيها مناجاة تشبه التراجيديا كتبها سنة 1982، وفيها يقول: يا عاصي ثلاثون سنة ونحن نُبارك الفرَح سَأتفجّع اللّيْلة كما بالمآسِي وكعويل أنبيَاء التوراة نجد منصور الرحباني في أكثر من مكان في هذه القصيدة يصف الإنزواء والأختبار والتحايل علي الموت في سبيل إنقاذ الحياة. ومنها نذكر: من ملجئِنا... نهديكِ الشوقَ أنا والعيلةُ والجيرانْ ومعي شعراءٌ من لبنان وجنودٌ، ومعي زعماءٌ عظماءُ بلادي يفترشون البردَ ويقتسمون الخبزَ مع الجرذانْ ويقول: يا شعبي... متَّحِدٌ بالمجد أنا متَّحِدٌ بالموت أنا بالذلِ بأوجاعِ الفقراءْ ويداك صليبي تنبسطانِ من الجولانِ إلي سيناءْ أنا الغريبُ الآخر أما "رسالة إلي صديقة" فهي قصيدة تتجلي بين أبياتها العديد من الإحتفاليات بالحياة. ومنها نختار: لو كان لي أؤَجّل الذهاب يا صديقتي أسكنُ في عينيكِ يوماً آخرْ يجمعُنا المكانُ يوماً آخرْ نَنْسي يُقيمُ بعضُنا في الآخرْ كأنَّ لا وقت سيصحو كأنَّ لا ماحٍ سيمحو وفي قصيدة إعترافات في بار البيكاديلي يقول: من لي بأن أُفلِتَ من هنيهةٍ أفتح فيها طاقةً أقفزُ منها خارج سور الوقت أعدو كهارب يقفزُ من قِطارْ