صدر مؤخرا كتاب "الجلوس مع الفكرة - قراءات فى التنوع" للشاعر محى الدين المحجوب، ويشتمل علي نصوص المبدعين الذين مضوا، والذين هم بيننا الآن، فمن الحلاج والغزالى وحتى العمارى ومحمد الكيش، ثمة وقت للمحجوب، لاكتشاف الافكار التى أسست لتوالد التتابع الإبداعى جيلا بعد جيل. ويوضح زكريا شاهين بصحيفة "العرب" اللندنية انه فى اختياره للذين كتبوا او تحدثوا عن الشعر واللغة والأحاسيس، يطلق ايحاءاته مدافعا عن التجربة الشعرية التى شكلت سموا وارتقاء باللغة، دون ان يغفل حالة الكتابة التى ترافقت معها، ويستشهد بالكثيرين وبما قالوا. الشعر يسبق الكلماتbr وتطل الكلمات تلهث خلفهbr ويطرح المحجوب من البدايات اسئلته التى لا تغادر النصوص حتى آخرها: لماذا زاوج العرب قديما بين الشعر والجنون؟، لماذا زاوج عروة بين الشعر والصعلكة؟، لماذا زاوج قيس بين الشعر والحبيبة؟. ومن أبى تمام إلى ديك الجن، الى ابن عربي، ينقب المحجوب فى مساحات ما كتبوا ثم يوجه اكتشافاته الى نفس الفكرة، ليكتشف التنوع، الذى أفضى بدوره إلى قاسم مشترك بين اختياراته جميعا. وفى النصوص ايضا، سبر لاغوار الاسرار، وتأمل فى الصعلكة، واكتشاف للمرأة فى سر الكمون وتفاحة الخلق، المحجوب، ورغم اتساع الفكرة وتشعبها لديه، الا انه يعود دائما الى الشعر والشعراء، يلتقط من ادونيس: "شعرنا القديم يتكلم عن العالمbr شعرنا الجديد يتكلم العالم.br العالم ضيق امام رحابة الشعر واتساع الطفولةbr العالم اضيق من اصبع القريحة.br القريحة التى تمنح القولbr القول الذى يتسع للشعراءbr الشعراء الذين يزرعون ضفائر القصيدة فى فضاء اللغةbr اللغة التى تبوح لنا بالاسرارbr الاسرار التى ندخل بها مغارة المخيلة.br ولا يتوقف المحجوب عن استحضار قول الحلاج فى "الطواسين". الفراش يطير حول المصباح، إلى المصباح، ويعود الى الأشكال، ليخبرهم لمن الحال. ومن أدونيس، "ليس الشاعر من يكتب القصائد، الشاعر هو من يخلق فضاء". يوضح المؤلف انه فى النص الجديد، ألغيت كل الفروق بين الشعر والنثر، ذابت الحدود فى لجة النار، مسطرة القديم لم تعد سائرة المفعول، اختلت موازينها فى ضبط توقيعة جديدة، فالنص الجديد لا يتحدد، ولا يحدد، فى الشكل الجديد، يمكن لك ان تقول: "قصيدة او قصة أو لى ان أقول لوحة تشكيلية". يعود مجددا الى السؤال، لماذا يحال النص الجديد فى الثقافى العربى الى حصيلة التجارب الابداعية التى عرفها الغرب؟ جذور النص العربى الجديد، تمتد غائرة فى جذور التراث الشعرى العربي، النتاج الصوفى جذور هذا النص، مثلما هو جذور الجنون، الجنون العظيم. اما فى حالة الكتابة الشعرية، فيقول: "يتعذب الشاعر مرتين، مرة حين يكتب قصيدته، ومرة حين يتعسر فى كتابتها، ويرى ان الشاعر تائه أبدى فى صحراء الذات يبحث عن مشاعر.