"حماة الوطن" يُنظم احتفالية بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر.. ويكرم عددًا من الأبطال    غدًا.. وزير الزراعة يلقي بيانًا أمام مجلس النواب    آخر موعد لتقديم التظلمات على نتيجة مسابقة 30 ألف معلم 2024 .. الحق خلال ال48 ساعة المقبلة    الإسكان: تنفيذ أكثر من 10 آلاف شقة سكن كل المصريين بالمنيا الجديدة    «الحكومة»: لا زيادة في أسعار الوقود حتى مارس 2025.. والدولة تعمل على إصلاح منظومة الدعم    محافظ جنوب سيناء يدرس تنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الطاقة الكهروضوئية بنويبع    مصر والإمارات تسقطان أطنان من المساعدات الإنسانية جوًا على شمال قطاع غزة    وزير الخارجية يجتمع مع إدارة السودان بالوزارة    مسؤولون أمريكيون: تسريب وثائق استخباراتية تتناول استعدادات إسرائيل للهجوم على إيران    فيديو.. أوكرانيا تزعم وصول قوات كورية شمالية إلى روسيا    القابضة للمطارات تشارك ب 4 لاعبين ببطولة أمم أفريقيا لكرة القدم الشاطئية    التعاون يخطف تعادلاً أمام ضمك في دوري روشن السعودي ... تعادل مثير يحسم مباراة الرائد والوحدة    درجات الحرارة غدا الأحد 20-10-2024 فى مصر    أستاذ هندسة طرق : 30% من شبكة الطرق حدثت خلال السنوات الماضية    أحمد صيام: حلمي أن أجسد شخصية فؤاد المهندس في عمل فني (فيديو)    "حريفة جدد".. "Tvision" تكشف عن انضمام عدد من المواهب الشابة لفيلم "الحريفة 2: الريمونتادا"    300 حافظًا للقرآن الكريم يُزفون في موكب إيماني بهيج بشوارع المنيا    أستاذ بالأزهر: صحيح البخاري يمثل الركن الأول من السنة النبوية    رمضان عبد المعز: أعظم نعمة من ربنا على الإنسان الإيمان ثم العافية    100 يوم صحة تقدم 124.7 مليون خدمة مجانية في 79 يومًا    إعلام إسرائيلي: بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء لبحث تطورات صفقة التبادل    خبير: لقاء الرئيس السيسى مع أعضاء مجلسى الكونجرس يوحد المواقف الإقليمية    رئيس مركز الفرافرة يتفقد أعمال إنشاء وتطوير الجزيرة الواسطى    ملخص وأهداف مباراة توتنهام ضد وست هام في الدوري الإنجليزي    بنزيما يقود هجوم الاتحاد لمواجهة القادسية بالدوري السعودي    أمين «البحوث الإسلامية»: شرف العمل الدعوي يتطلب الإخلاص    أكسيوس: وزير الخارجية الأمريكي يزور إسرائيل «الثلاثاء»    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    استعدوا لتقلبات حادة في الطقس.. أمطار تضرب هذه المناطق خلال ساعات وتحذيرات عاجلة    المؤبد و المشدد 15 سنة لشخصين تاجرا في المواد المخدرة بالخانكة    "الستات مايعرفوش يكدبوا" يرصد مواصلة حياة كريمة تقديم خدماتها للعام الخامس    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    الداخلية تكشف شبكة استخدام برامج عالمية مسروقة    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    تصريحات مثيرة من مدرب بيراميدز قبل مباراة الزمالك بالسوبر المصري    "صناع الخير" تدعم صحة أطفال مدارس زفتى في حملة "إيد واحدة لمصر"    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    رئيس حي بولاق أبو العلا: تقديم كل التسهيلات للراغبين في التصالح على مخالفات البناء    شرطة طوكيو: هجوم بالقنابل يستهدف مقر الحزب الحاكم في اليابان واعتقال مشتبه به    جهاز العاشر من رمضان يطرح قطعة أرض ومحطة تموين سيارات في مزاد علني    فعاليات فنية عن تاريخ مصر الفرعوني والثقافي ببوليفيا    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    «آثار أبوسمبل» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    تعرف على قيمة الجوائز المالية لبطولة كأس السوبر المصري للأبطال    «الداخلية»: ضبط تشكيل عصابي تخصص في تقليد العملات وترويجها    لأول مرة.. فيرجسون يكشف سر رحيله عن مانشستر يونايتد    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    «اليونيسف»: القصف الإسرائيلي يضر بالخدمات الأساسية ويعرض الأطفال في لبنان للخطر    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأساة زلزال الصين .. رب ضارة نافعة / ماثيو فورني
نشر في محيط يوم 25 - 05 - 2008


مأساة زلزال الصين .. رب ضارة نافعة
ماثيو فورني
في الشارع الذي أقطن به في العاصمة بكين قامت لجنة الجوار التابعة للحزب الشيوعي بإخلاء جميع المخازن التابعة لها من أجهزة الحاسوب القديمة لكي تضع فيها المواد العينية التي يتبرع بها الأفراد لضحايا الزلزال الذي يبعد عنهم ألفي ميل. وخلال 12 ساعة كانت الحجرات جميعها قد امتلأت بالملابس والبطاطين.
وفي كافة أنحاء الصين يبدو ان صور الدمار الشامل والشجاعة الفردية للمواطنين العاديين قد أثارت دوافع البذل والتبرع بالأموال فسرت روح العطاء لضحايا الزلزال في التلال النائية التي تقبع الى جوار جبال الهيمالايا. وقد يبدو هذا الشعور الوطني مشابها لتجاوب الاميركيين مع ضحايا إعصار كاترينا الذي ضرب نيو أورليانز. بيد ان ما تشهده الصين هو شيء جديد وجوهري.
فتلك هي المرة الأولى في التاريخ الحديث الذي يشارك فيه المواطن الصيني العادي في حركة وطنية ليست احتجاجا ضد شيء ما في العادة كان قوة خارجية. وحتى الوقت الحاضر كانت الصين تعرف نفسها بأنها " نحن مقابل هم " والآن أصبح التعريف هو " نحن بدونهم" ومثل هذا التغيير يمكن أن يكون له آثاره الهائلة الايجابية على دورة الألعاب الأوليمبية في بكين وكذا على ثقة الصين بالنفس لسنوات قادمة.
فحتى وقوع الزلزال في 12 مايو كان هناك شعور بالإحباط يسود أنحاء الصين. فالمواطنون ينظرون الى دورة ألعاب بكين على أنها تأكيد على التقدم الذي أحرزته بلادهم. بيد أنهم عندما يتطلعون الى اي وجهة في العالم الخارجي يجدون اللوم ينصب على بلدهم سواء لدعمها النظام الحاكم في السودان أو قمعها للإحتجاجات المعارضة للحكومة في التبت أو إرسالها كوادر من جيش الشعب لحماية الشعلة الأوليمبية في الخارج.
بل إن هناك من يوجه اللوم الى الصين ويحملها مسؤولية رفض بورما قبول المساعدات الخارجية في أعقاب تعرضها للإعصار قبل نحو أسبوعين.
والقليل من الصينيين هم الذين يختلفون مع الموقف العام إزاء تلك الأمور ولكن الغالبية يشعرون ان العالم ينتهك الإتفاق الثابت على أن الألعاب الأوليمبية يفترض أن تجلب للدولة المنظمة الثناء لا الإدانة.
وهناك قصيدة انتشرت على الانترنت في شهر مارس وحققت شعبية واسعة تلخص مشاعر الإحباط بعبارت بليغة مؤثرة يقول بعضها : " عندما أوصدنا أبوابنا أطلقتم ضدنا حرب الأفيون لفتح مغاليق أسواقنا وعندما سرنا على طريق التجارة الحرة كان اتهامكم لنا أننا سرقنا منكم فرص العمل"
ومن الواضح ان حساسية الصين تجاه مواقف الأجانب ليست بالشيء الجديد.
فعلى مدى عقود ماضية كان الشعور العام بالتوحد قد ولد من رحم شعور مشترك بالوقوع ضحية لدول أخرى. فقد توحد الشباب الصيني ضد الولايات المتحدة بعد قصف السفارة الصينية في بلجراد عام 1999 ( الذي قالت واشنطن أنه لم يكن متعمدا ) وكذا بعد الاصطدام الذي وقع بين طائرة تجسس أميركية وطائرة مقاتلة صينية عام 2001 وضد اليابان مرات عديدة كان آخرها عام 2005 في ذكرى الفظائع التي ارتكبتها في الصين منذ نصف قرن وضد فرنسا بسبب المظاهرات المؤيدة للتبت والتي أدت الى تعطيل مسيرة الشعلة الأوليمبية.
وكانت الانتفاضة التي شهدها ميدان تيانانمن عام 1989 استثناء نادرا عندما توحد كثير من الصينيين ضد الحكومة هناك وليس ضد قوى أجنبية. إلا ان النقطة المحورية للتوحد كانت هي المعارضة ايضا وفيما بعد اتهمت الحكومة عناصر أجنبية بخداع الطلاب الصينيين وإسقاطهم في شرك بهدف تقسيم الصين وإضعافها.
وإذا عدنا الى أبعد من ذلك في الماضي فالنموذج لا يتغير. فجميع الطلاب الصينيون يتعلمون أن الصين الحديثة قد ولدت خلال حركة طلابية سرت في جميع أرجائها اندلعت في مايو 1919 للاحتجاج على معاهدة فرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى ونقلت الممتلكات الاستعمارية لألمانيا في الصين الى اليابان بدلا من إعادتها الى سيطرة بكين. وفي القرن السابق كانت القوى الأوروبية قد دخلت في حروب عديدة مع الصين بهدف السيطرة على أجزاء من أراضيها بما في ذلك هونج كونج التي تنازل عنها الامبراطور كنج الى بريطانيا " الى الأبد" عام 1842.
ولا يشك أحد في المعاناة التي لاقتها الصين على أيدي القوى الاستعمارية إلا أن الصين لن تظهر في ثياب الدولة العصرية الواثقة إلا بعد أن تنفض عن كاهلها مخلفات الماضي ولن يحدث ذلك إلا بعد أن يتولد من داخلها شعور بالوحدة الوطنية. والزلزال الذي وقع في سيشوان كان مأساويا بالقطع إلا أن تأثيره على المدى البعيد ربما يثبت أنه كان مفيدا.
فالزلزال الذي ضرب مناطق في أقصى الأراضي الصينية والتي يصعب الوصول اليها قد استنفر المسؤولين المحليين في كل مكان حيث ظلوا في مكاتبهم يضعون خطط الطوارئ موضع التنفيذ وينسقون بين أنشطتهم بصورة أفضل الى حد بعيد من تلك التي يمكن توقعها سواء في البلدان النامية أو حتى في كثير من الدول المتقدمة. فالتشجيع الذي وجهه رئيس الوزراء وين جياباو للناجين ومخاطبته لليتامى المفزوعين ان الحكومة ستقدم لهم الرعاية كان نموذجا فاق ما فعله بيل كلينتون.
كما أن وسائل الإعلام الصينية قد استخدمت نطاق الحريات المتسع لعرض قصص مآسي الضحايا واعمال الإغاثة دون تحويل جهود الإنقاذ الى أبواق للدعاية. والامل معقود أن روح الانفتاح الجديدة ستمكن الصحفيين الصينيين من اجراء التحقيقات حول الإنشاءات المخالفة للمواصفات وما إذا كانت القوات التي تم نشرها في المنطقة المنكوبة قد تم تزويدها بالمعدات الجيدة المناسبة.
وبالنظر الى الدمار الذي لحق باقليم سيشوان يجدر بالصينيين أن يضعوا جل تركيزهم على الداخل الآن. ففجأة لم تعد الأوليمبياد هي الشيء الأهم. حتى الحكومة قد أدركت ذلك وقلصت مسيرة الشعلة الأوليمبية التي عانت في مسيرتها في الخارج ولكنها انتصرت في الداخل. فالصين لم تعد بحاجة الى أن تثبت المزيد للعالم. وبتأملها شعبها خلال مأساة سيشوان تكون الصين قد أثبتت لنفسها ما فيه الكفاية.
نشر في صحيفة " لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست " ونقل من صحيفة " الوطن العمانية "
25/5/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.