ما بعد القمة الأخيرة لبوتين وبوش ؟ د. هاني شادي انتهت القمة الأخيرة بين الرئيسين الروسي والأميركي فلاديمير بوتين وجورج بوش في سوتشي على ضفاف البحر الأسود بإصرار الولاياتالمتحدة على نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، وبمواصلة روسيا رفض هذه الخطوة مع أنها وافقت على التفاوض بشأن ضمانات يمكن أن تحصل عليها من واشنطن تقلل مخاوفها من نشر هذه الدرع. والأهم أن بوتين حاول أثناء هذه القمة إقناع بوش بضرورة إنشاء منظومة صاروخية دفاعية مشتركة تتحكم فيها الأطراف المشاركة على قدم المساواة. وبذلك رحلت قضية الدرع إلى المرحلة القادمة، أي مرحلة الرئيسين الجديدين في كل من روسياوالولاياتالمتحدة وإن لم يستبعد البعض التوصل إلى اتفاق ما حول هذا الموضوع قبل انتهاء ولاية بوش. في نفس الوقت لم تنجح القمة الأخيرة بين بوتين وبوش في حل مشكلات أخرى ذات طابع حساس واستراتيجي كمصير معاهدة تقليص الأسلحة الهجومية الإستراتيجية التي ينتهي العمل بها في العام القادم ، ومعاهدة الصواريخ المتوسطة وطويلة المدى، ومعاهدة التسلح التقليدي في أوروبا والتي جمدت روسيا مشاركتها فيها في ديسمبر 2007. وفي هذه الأثناء يري مراقبون روس أن موسكو ستواصل تعزيز قدراتها العسكرية النووية وغير النووية بغض النظر عن الوعود أو الضمانات التي يمكن أن تحصل عليها من واشنطن، وخاصة أن بوتين في المؤتمر الصحفي المشترك مع بوش في سوتشي أكد أن الأمن القومي لا يمكن أن ُيبنى على وعود. وفي هذا السياق وبعد يومين من انتهاء القمة أكد قائد القوات البحرية الروسية الأميرال فلاديمير فيسوتسكي وقائد القوات الجوية الروسية الجنرال الكسندر زيلين أن القوات الروسية ستواصل التدريب في جميع محيطات العالم البحرية والمحيط الجوي، كما أنهما أكدا تصميم القيادة الروسية على مواصلة جهود تعزيز القوات المسلحة. وتشير مصادر روسية إلى أن البحرية الروسية تركز حاليا على تطوير قوتها النووية، ولذلك تستمر في صنع غواصات جديدة من طراز "بوراي" التي تحمل صواريخ جديدة مجهزة برؤوس نووية من طراز "بولافا". ولا يزال صاروخ "بولافا" في طور التجريب والاختبار. وقد أجريت عليه 7 تجارب اعتبرت خمس منها فاشلة. وهناك خبراء لا ينتظرون اتمام اختبار هذا الصاروخ في وقت قريب. غير أن الأميرال فيسوتسكي يرى ضرورة تكثيف الجهود لإجراء الاختبار النهائي خلال العام الجاري خاصة وأنه ينتظر أن تذهب أولى الغواصات المخصصة لأغراض إطلاق صواريخ "بولافا" إلى البحر خلال العام الحالي. بجانب ذلك ستشهد روسيا في العام المقبل انطلاق أعمال التصميم الهندسي لحاملة طائرات جديدة تحمل، إضافة إلى الطائرات المألوفة والمروحيات، طائرات بدون طيار. ويرى الأميرال فيسوتسكي أن القوات الروسية تحتاج إلى 5 أو 6 حاملات طائرات جديدة في المستقبل. وتتطلع القوات الجوية الروسية أيضا إلى الحصول على طائرات بلا طيار من الجيل الجديد. وصرح الجنرال زيلين بأن العمل من أجل اختراع الطائرات المطلوبة كان قد بدأ بالفعل. ولا تنوي القوات الجوية الروسية التقليل من كثافة دوريات طيرانها الإستراتيجي في المناطق البعيدة، كما أعلن قائد القوات الجوية الروسية الجنرال الكسندر زيلين. ومن المعروف أن عدد الطلعات الجوية من هذا النوع في عام 2007 وصل إلى 100 طلعة لكل طائرة. وخلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الجاري تم تنفيذ 40 طلعة ويستمر الإعداد للطلعات الجديدة. ويذكر أن الكرملين اتخذ في العام الماضي وبعد توقف دام 15 عاما قرارا بمعاودة الدوريات الجوية فوق شمال شرقي المحيط الأطلسي والبحر الشمالي باستخدام طائرات إستراتيجية من طرازي "تو - 160" و"تو - 95 م س". وُيخطط الطيران الإستراتيجي الروسي لتنفيذ ما بين 20 و30 طلعة جوية في الشهر فوق المحيط العالمي. وهكذا يمكن القول أن أحد نتائج قمة بوتين وبوش الأخيرة تتمثل في مواصلة روسيا تعزيز قدراتها العسكرية وزيادة الإنفاق على التسلح في السنوات القادمة. عن صحيفة الوطن العماينة 10/4/2008