الأحد المقبل إجازة رسمية بمناسبة عيد القوات المسلحة "نصر 6 أكتوبر"    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    انطلاق حملة «ابدأ بصحة» في مدارس القاهرة.. تستمر طوال شهر أكتوبر    وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية    بمشاركة أمريكية.. جيش الاحتلال يستهدف عدة مواقع في اليمن    مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    الدوري الإسباني .. مبابي يعود للملاعب أمام سيلتا فيجو    «الأرصاد»: اضطرابات بحرية وأمطار خلال ال48 ساعة المقبلة    يوسف الشريف يظهر في مباراة الأهلي والزمالك.. ما علاقة فيلمه الجديد؟    طبيب قلب: تجنب التدخين والوزن المناسب والرياضة حلول تمنع تصلب الشرايين    صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع    «تحذير من هذه الظاهرة».. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس غداً الإثنين ودرجات الحرارة المتوقعة    بتهم خدش الحياء والإيحاءات الجنسية،ريهام سعيد تقدم بلاغين للنائب العام ضد كروان مشاكل    الرئيس السيسي يوجه الحوار الوطني للتركيز على قضايا الأمن القومي وسط تصاعد التوترات الإقليمية    «الرياضة في مصر القديمة»... ندوة لرفع الوعي الأثري لدى الطلاب في الفيوم    ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب الشباب.. ويتفق على تفاصيل المرحلة المقبلة.. صور    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    انطلاق مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية بمدارس قنا    محافظ الشرقية يترأس إجتماع المجلس التنفيذي    أيمن منصور عن مقارنته بناصر منسي: أكمل ما بدأناه قبل 30 عاما    تعرف على إجراءات التقدم بطلب لشركة المياه لنقل ملكية العداد    وزير الطاقة الإسرائيلي: نبحث عن ثغرة لإلغاء اتفاق الغاز مع لبنان    محافظ الدقهلية يتفقد المدارس والمستشفيات والمخابز بطلخا والمنصورة    لمسات فنية.. معرض تشكيلي في ختام النشاط الصيفي بالإسماعيلية    تعرف على الأفلام الوثائقية الطويلة التي تتسابق على جوائز "الجونة السينمائي"    أول صورة لموقع وفاة حسن نصر الله    «كوت أوفسايد»: الموسم الحالي قد يكون الأخير ل محمد صلاح في ليفربول    الكهرباء تزف بشرى للمواطنين بخصوص فواتير الاستهلاك لشهر سبتمبر    زيلينسكي: روسيا أسقطت 900 قنبلة على أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي وحده    هل قصد ناصر منسي الرد باحتفاله على رامي ربيعة وعمر كمال؟.. اللاعب يوضح    الأزهر يناقش مفهوم التربية الجمالية: كيف يكون جمال المظهر والمخبر    ضبط مواد غذائية مجهولة المصدر بحملة تموينية فى العاشر من رمضان    مصرع شاب في تصادم دراجة بخارية وتريلا بقنا    بندارى: جماليات اللغة الساخرة والتفاصيل الصغيرة    ضبط 150 طن مخلفات بلاستيكية ومخصبات زراعية مجهولة المصدر بالقليوبية.. صور    رئيس حزب الاتحاد: الشرق الأوسط ينزلق إلى حرب شاملة    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    نجاح الفريق الطبي بمعهد القلب في إجراء تدخل جراحي دقيق لإنقاذ حياة مريض    سيارات تويوتا وجيب وبيجو للبيع في مزاد علني.. الشراء بالرقم القومي    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    بعد واقعة اكتشاف سحر مؤمن زكريا داخل المقابر.. ما رأي الدين في السحر والسحرة؟    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    هل اقترب موعد العمل العسكري؟.. تصريح قوي من وزير الخارجية بشأن سد النهضة    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    حصيلة 24 ساعة.. ضبط 30123 مخالفة مرورية متنوعة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    اليوم.. ندوة لمناقشة "ديوان خيالي" للشاعر الكبير جمال بخيت بنقابة الصحفيين    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    طارق سامي حكما لمباراة أوكرانيا وفنزويلا فى ربع نهائي مونديال الصالات.. اليوم    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    توزيع 1000 شنطة سلع غذائية على الأسر الأولى بالرعاية في كفر الشيخ    رئيس أكاديمية الشرطة: الرئيس السيسي يقود مسيرة البلاد نحو التنمية والتقدم    الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية بالتعاون مع الجمعية المصرية للشعب الهوائية    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    أول تعليق من هانز فليك بعد رباعية اوساسونا    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثرثرة فوق "سطح العالم" / سعد محيو
نشر في محيط يوم 24 - 03 - 2008


ثرثرة فوق "سطح العالم"
سعد محيو
ماذا يجري في التيبت؟
سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل. قبل ذلك وقفة سريعة أمام تاريخ هذا الإقليم الذي يطلق عليه اسم “سقف العالم" لارتفاعه 12 ألف قدم عن سطح البحر.
القوميون التيبتيون يقولون إن تاريخ بلادهم الواقعة بين أكبر حضارتين في آسيا (الهند والصين)، شكل العديد من الامبراطوريات العظيمة قبل أربعة آلاف سنة. إحدى هذه الامبراطوريات ضمت منطقة شاسعة كانت أكبر من كل مساحة أوروبا الغربية مجتمعة، وشملت العديد من المناطق التي تعتبر الآن جزءاً من الهند والصين، بما في ذلك تشنغان العاصمة الصينية القديمة.
هذا إضافة إلى أن التيبت أصبحت منذ القرن السابع الميلادي “أمة واحدة متحضرة"، لها دينها البوذي الخاص، وثقافتها الخاصة، ولغتها الخاصة. وحتى حين غزاها المغول العام ،1207 رفضت الاندماج في الامبراطورية المغولية وحافظت على استقلالها الذاتي.
وفي العام 1350 تمرد التيبتيون على المغول وأسسوا دولة امة علمانية جديدة نشطت منذ ذلك الحين لتحقيق استقلال البلاد.
هذه رواية التيبتيين. أما الرواية الصينية فتقول إن هؤلاء الأخيرين جزء من الأمة الصينية، التي تضم، إلى جانب قومية الهان التي تشكل الأغلبية الكاسحة في الصين، 56 قومية وإثنية أخرى؛ وان جغرافيا التيبت كانت جزءاً من الصين على الأقل منذ سبعة قرون متصلة.
وتضيف هذه الرواية أن التيبت لم تكن يوماً دولة مستقلة، وأن نزعة الاستقلال لدى التيبتيين لم تكن لتبرز لولا تحريض الاستعماريين البريطانيين لهم خلال حرب الأفيون ضد الصين في القرن التاسع عشر، ثم الامريكيين إبان الحرب الباردة في القرن العشرين.
تأريخان متناقضان؟ ليس تماماً. فبكين، وبرغم تسميتها التيبتيين ب “الصينيين التيبتيين"، تعترف بوجود فوارق ثقافية دينية بينهم وبين الهان، وهي لذلك بادرت إلى منح الإقليم حكماً ذاتياً حين ضمته إليها نهائياً العام 1952.
والدلاي لاما، الزعيم الروحي السياسي للتيبت، يدرك أن دعوات الاستقلال التي يطلقها اللاجئون التيبتيون في الهند (نحو 150 ألف لاجئ) لا تحظى بتأييد أي دولة في العالم، ولا حتى بدعم الثلاثة ملايين تيبتي في الداخل. ولهذا فهو يطالب ب “حكم ذاتي كامل" في إطار ما يسميه “الطريق الثالث" بين الاستقلال التام والاحتلال التام.
نعود الآن إلى سؤالنا الأولي: ماذا يجري في “سقف العالم" هذه الأيام، ولماذا انفجر العنف مجدداً هناك؟
الأصابع الأمريكية قد لا تكون بعيدة كثيراً عما يحدث، ليس بالطبع بهدف منح التيبتيين الاستقلال وحق تقرير المصير (فهم باتوا الآن أقلية قياساً بعدد المهاجرين الهان في التيبت)، بل لمنع الصين من المباهاة بقوتها الجديدة خلال الألعاب الأولمبية أواخر الصيف المقبل. العوامل السايكولوجية السياسية هنا مهمة في الحسابات الأمريكية، لكبح جماح التنين الصيني ومنع قوميته من الشعور بطفرة قوة زائدة قد تدفعه إلى تخطي الخطوط الحمر الأمريكية.
بيد أن الأمريكيين في مأزق هذه المرة. إذ من يقمع التيبتيين ليس الحكم الشيوعي، ولا الدولة الملحدة، ولا الحكومة الديكتاتورية في بكين، بل الرأسمالية الاستهلاكية نفسها التي تروج لها واشنطن في كل أرجاء العالم.
الصين ومهاجروها الهان أدخلوا هذه الرأسمالية بكثافة خلال السنوات الأخيرة إلى التيبت، فشقوا الطرقات الدولية، ووصلوا الإقليم بالبر الصيني من خلال أضخم خطوط سكك حديدية في العالم، وبنوا البارات ودور التسلية والتدليك وناطحات السحاب الشاهقة، وجلبوا إلى البلاد أكثر من مليون سائح سنوياً.
الحداثة الغربية هنا كانت هي الحدث، لا الغزو الثقافي الصيني. والمتظاهرون التيبتيون لم يهتفوا أساساً من أجل الاستقلال أو الحرية الدينية بل ضد التجار الهان الذين استبعدوهم عن مغانم الرأسمالية الاستهلاكية.
صحيح أن الكهنة البوذيين كانوا في واجهة الصدامات للدفاع عما تبقى من الهوية البوذية التيبتية المتميزة، لكن المواطنين التيبتيين الذين قاموا بأعمال العنف كانوا يدافعون عن شيء آخر: حقهم في جزء من كعكة الاستهلاك.
إنها العولمة وقد وصل سحرها الممزق للثقافات والهويات إلى بلاد “سقف العالم" التي كانت تفخر بروحانيتها الساحقة، فإذا بها الآن تثور من أجل ماديتها الماحقة. شيء مخيف حقاً!
عن صحيفة الخليج الاماراتية
24/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.