إرهاب 2008 عصام شيحة عانت مصر ردحاً من الزمان من شرور الإرهاب وكان سبباً من أسباب عدم الاستقرار وغياب الاستثمار الأجنبي، تأثرت السياحة وهي إحدي أهم ركائز الدخل القومي المصري، وقيل إن الإرهاب من أسباب زيادة البطالة وزيادة قبضة الأمن بدعوي المحافظة علي الأمن، ومع ذلك حدث ذلك كله في ظل فرض حالة الطوارئ التي استمرت منذ أكتوبر 1981 وحتي اليوم. نعم إن بعض الدول سارعت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001 إلي سن تشريعات خاصة بالإرهاب، ولكن!! راعت هذه الدول الحريات العامة والخاصة لرعاياها في القوانين الخاصة بالإرهاب، مع الوضع في الاعتبار أن هذه الدول جعلت الاستثناءات في حالة معاقبة الأجنبي فقط، وتلك بعض ملامح قوانين مكافحة الإرهاب في الدول الأوروبية، القانون الفرنسي يعطي لرئيس الوزراء الحق في إمكانية سحب الجنسية الفرنسية. بعد استشارة مجلس الدولة من أي شخص حاصل علي الجنسية وأدين بارتكاب عمل إرهابي قبل الموافقة علي التجنس بالجنسية الفرنسية، أو خلال 10 سنوات من التجنس بها. كما يتيح قانون مكافحة الإرهاب الفرنسي للحكومة الفرنسية طرد الرعايا غير الفرنسيين في حالة ما إذا كان ذلك الشخص يشكل تهديداً للنظام العام أو وجود دواع ملحة لاستتباب أمن الدولة التي تعطي للشرطة الحق في الحصول علي المعلومات وجمعها عن طريق المخبرين وعن طريق الضغط علي الشخص المعني أو علي أشخاص آخرين للحصول منهم علي المعلومات التي تدين ذلك الشخص، وفي المملكة المتحدة. تم تعديل قانون مكافحة الإرهاب في 2006 بعد هجمات لندن التي جعلت لوزارة الداخلية سلطات واسعة باعتقال المشتبه فيهم من الأجانب دون محاكمة، في حين تعطي الولاياتالمتحدة الشرطة سلطة اعتقال الأجانب المشتبه في قيامهم بأعمال إرهابية أو كان عضواً في منظمة إرهابية، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وهذه ملامح قانون مكافحة الإرهاب الجديد في مصر، إذ تتعامل الحكومات مع مشروع القانون وكأنه سر حربي لا يجوز مشاركة المصريين أصحاب المصلحة في مناقشته قانون يطبق علي المصريين ولا يعرف أحد متي يتم تمريره بالمجلسين ومع ذلك ثمة تسريبات لبعض نصوص القانون المقترح تشير إلي أن ثمة نصاً يسمح لأجهزة الأمن بمراقبة الرسائل بجميع أنواعها لمن يشتبه فيه بأمر من النيابة، إذا كانت هناك دلائل قوية تحمل علي الاعتقاد بأن هناك تدبيراً لإعداد أي عمليات إرهابية واقترحت اللجنة تخصيص ضبطية قضائية خاصة بالإرهاب. ونيابة متخصصة بجرائم الإرهاب ودوائر محاكم متخصصة بقصد الإسراع في التحقيق والمحاكمة، وتحظر مواد القانون بناء دور للعبادة دون إخطار وزارة الأوقاف، ويجرم تمويل العمليات الإرهابية بأي صورة وأي شخص علي صلة من المتورطين في جرائم إرهابية لا يستطيع تبرير ثرائه ومصادر أمواله لمجرد التعامل معهم أو معرفتهم، وأشارت التسريبات إلي وجود مادة في مشروع القانون تمنح مأمور الضبط القضائي وقتاً زمنياً أطول لاحتجاز المشتبه في ضلوعه في جريمة إرهابية قبل العرض علي النيابة، واستثناء جرائم الإرهاب من اشتراط حضور محام في الأسبوع الأول من الحبس الاحتياطي والسماح بالقبض علي الأشخاص الذين توجد دلائل كافية علي عزمهم الإقدام علي عمليات إرهابية وقبل وقوع أي أفعال. مفاد ذلك أن قانون الإرهاب يوقف ضمانات دستورية يقوم عليها البناء القانوني لحقوق الإنسان بهدف فتح الطريق لقانون واحد لم يره أحد، والقاعدة هي أن القانون يجب أن يكون متوافقاً مع الدستور، وما حدث هو قلب للقاعدة حتي يتوافق الدستور مع قانون مجهول، فقد تم تعديل الدستور بما يسمح بتجاوزات القانون المزمع مع إصداره بحيث لا يطعن علي القانون بعدم الدستورية وتلك هي المرة الأولي التي نسمع فيها أن الدستور يعدل لتمرير قانون.. مخالفاً لروح الدستور في الباب الثالث الخاص بالحريات العامة وهي مواد تعلو علي الدستور ذاته لما لها من أهمية في حفظ حريات الأفراد العامة والخاصة. عن صحيفة الوفد المصرية 15/3/2008