الجنون الدموي الإسرائيلي علي بدوان لا يختلف اثنان على القول بأن العدوان الإسرائيلي الجديد على مناطق قطاع غزة، والضفة الغربية، لا علاقة له البتة بصواريخ المقاومة الفلسطينية التي تطلق من حين إلى آخر باتجاه المستعمرات الصهيونية داخل مناطق فلسطينالمحتلة عام 1948، فالعدوان الإسرائيلي كان مبيتاً منذ فترة قريبة، وفق قرارات عليا تم اتخاذها من قبل قمة الهرم الأمني والعسكري الإسرائيلي بمصادقة رئيس الحكومة ايهود اولمرت.
وتأييد وزير الحرب وزعيم حزب العمل الجنرال أيهود باراك، الشريك التحالفي لحزب كاديما، الذي كان قد كرر القول منذ أسبوعين بأن عملية نوعية عسكرية إسرائيلية شاملة تنتظر الفلسطينيين في قطاع غزة، في خطوة إسرائيلية مدروسة يراد منها مواصلة استكمال برنامج الحرب المفتوحة ضد قوى الانتفاضة والمقاومة في فلسطين، وبث الفوضى والإرباك الداخلي والتباينات في صفوف مختلف القوى الفلسطينية، خصوصاً بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس.
كما لا يختلف اثنان على أن الصواريخ الفلسطينية لم تكن سوى رد متواضع ومحدود على الحصار الإسرائيلي الجائر الذي طال واستطال على قطاع غزة في ظل الصمت الدولي المريب. وبهذا المعنى فإن الخطوات التصعيدية الإسرائيلية الأميركية الأخيرة في فلسطين والمنطقة، تأتي بشكل عام في سياق السعي الحثيث الهادف لإغراق المنطقة مجدداً في مسلسل دموي لتحقيق جملة من الأهداف دفعة واحدة في فلسطين ولبنان والعراق.
فما تم اغتيال الشهيد عماد مغنية في دمشق، حتى اقتربت البارجة الأميركية (كول) من الشواطيء الإقليمية للبنان، تسرح وتمرح بمحاذاة شواطيء بيروت وصولاً إلى طرابلس وعلى بعد أميال من ميناء طرطوس السوري، إلى أن جاءت قرارات المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر التي تم اتخاذها قبل أسبوعين ماضيين، لتترجم على أرض الواقع بلغة النار والقتل والعدوان الواسع على قطاع غزة، وقبل ذلك بأيام محدودة عبر الاعتقالات والاغتيالات التي تمت في مناطق الضفة الغربية، خصوصاً منها منطقة نابلس ومخيم بلاطة.
كما تأتي عمليات التسخين الدموي الإسرائيلي والتصعيد السياسي الأميركي مترافقة مع (طحشة) إعلامية إسرائيلية أميركية كبيرة في عملية مقصودة لإعادة خلط الأوراق مجدداً وإدامة الاستعصاء في الملف اللبناني الداخلي.
والسعي لشل أو تخفيض مستوى وآمال القمة العربية القادمة، وتعطيل الملفات المطروحة على جدول أعمالها، وهي الملفات التي باتت منذ زمن تؤرق النظام الرسمي العربي، في ظل السكون وحالة الرتابة والصمت، التي أمست بدورها سمة من سمات الحالة العربية الرسمية بالرغم من هول الأحداث وتسارعها من فلسطين إلى لبنان والعراق.
وفي هذا السياق، من الواضح أن القرار التصعيدي العدواني الإسرائيلي على قطاع غزة تم صياغته بطريقة متقنة، مسنوداً بخطة عسكرية تحاول تجنب الدخول إلى قلب القطاع، وتجنب القيام بعملية اجتياح شاملة خشية من عواقبها المتوقعة على جيش الاحتلال، فقطاع غزة أصبح من الوجهة الأمنية الإسرائيلية (عشاً للدبابير) والدخول إليه سيكبد جيش الاحتلال خسائر يتوقع أن تكون فادحة جداً، ومن هنا فإن العملية العسكرية .
كما هو ملاحظ على أرض الواقع، عملية دموية ومجنونة بكل المقاييس، وتستند إلى القصف الجوي العنيف عبر إلقاء الصواريخ الفتاكة من زنة (طن ثقلي) على المدنيين والمخيمات الفلسطينية والدوائر والمؤسسات، مع الاستخدام الكثيف لحوامات الأباتشي في استهداف السيارات المدنية والأهداف البشرية.
والانتقال من استهداف الكوادر العسكرية الفلسطينية إلى استهداف الشخصيات السياسية كقادة حركة حماس في التصفيات والاغتيالات، واستخدام نيران الدبابات في القصف المباشر على التجمعات السكانية الفلسطينية، وعلى هذا الأساس من غير المتوقع قيام قوات الاحتلال بتنفيذ عملية برية واسعة. عن صحيفة البيان الاماراتية 10/3/2008