في ما يشبه الدفاع عن وليد جنبلاط !! محمد خرّوب لست من المعجبين بالزعيم اللبناني، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بل انني اقف على طرف مناقض تماماً لتوجهاته السياسية ومعادلة التحالفات الغريبة، التي اقامها بعد الرابع عشر من شباط 2005، وخصوصاً في عناقه مع سمير جعجع وأمين الجميل، حيث بدا وكأنه يتنكر لماضيه العروبي وأرث كمال جنبلاط العظيم، الذي لم ينحرف قيد انملة عن خطه السياسي، ولم يساوم على قناعاته وبقي منسجماً معها، حتى دفع حياته ثمناً لها في مثل هذه الايام (16 اذار 1977)، في عملية قتل وحشية، ارادت اسكات صوته وتحجيمه واخافة الذين تحالفوا معه في الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، التي كانت على وشك احراز نصر كبير على القوات اللبنانية (الذراع العسكرية لحزب الكتائب الانعزالي، ورأس الحربة في التحالف مع اسرائيل)، لكنه نصر لم يتحقق، بل تم اجهاضه وادخاله في لعبة المعادلات والتحالفات والصفقات الاقليمية والدولية، التي وصلت نهايتها في العام 2005 على النحو الذي يعرفه الجميع.. وبالتأكيد لست مع الحملة الشعواء التي يشنها جنبلاط على سوريا، ودعوة الولاياتالمتحدة الاميركية الى غزوها واسقاط نظامها، كما فعلت عندما ''حررت'' العراق، ولم اكن لاوافق جنبلاط عندما يصف حزب الله ب oالفارسيa وينكر عليه عروبته، بل لبنانيته، ويذهب بعيداً في الشماتة بالقيادي العسكري والامني فيه عماد مغنية، الذي وصفه بأنه ''شهيدهم''. أختلف كثيراً وطويلاً مع طروحات جنبلاط وتحالفاته، وخصوصاً تقلباته وما يجترحه من مصطلحات تكاد ان تكون - بل هي كذلك - تنكراً للدور العروبي المميز الذي لعبه بنو معروف، وخصوصاً عائلة جنبلاط للحفاظ على عروبة لبنان وارتباطه بمحيطه العربي والتصدي للقوى الانعزالية، التي لم تكن - وبعض حلفاء جنبلاط الحاليون ما يزالون يرون في لبنان جزءاً من اوروبا والثقافة الفرانكفونية والفنيقية ولا رابطة حقيقية لهم بالعروبة - ترى في لبنان الا قطعة من الغرب وترنو الى فرنسا بما هي ''الام الحنون''. رغم ذلك كله فإنني لم اصدق، لا اصدق ولن اصدق حملة التشكيك والتخوين والتسريبات الاسرائيلية، التي جاءت عبر موقع ''فيليكا'' الاسرائيلي الذي يشرف عليه البروفيسور الياهو بن سيمون، والذي اورده موقع ''خبرني'' الالكتروني الجديد، من ان مبعوثاً من قبل جنبلاط وصل الى اسرائيل للتباحث حول الوضع في لبنان، وان هذا المبعوث الذي يشغل منصباً عالياً ومهماً في الجهاز التابع لوليد جنبلاط واسمه رامي الريس والمتعاون مع الموساد والشين بيت، منذ سنوات تواجد جيش الدفاع في الجبل الدرزي المسيحي في اعالي لبنان، خلال اجتياح بيروت عام 1982 (وفق مصادر اسرائيلية عليا)، قد تم الاحتفاء به ''وبحرارة'' من قبل ايهود اولمرت والمسؤولين الاخرين في اسرائيل.. لا داعي لذكر المزيد من التفاصيل التي اوردها التقرير الاسرائيلي، والذي لا يمكن لعاقل ان يصدقه لسبب بسيط واساسي يتعلق بوليد جنبلاط ذاته، فالرجل الذي ما كاد يتخلص من ذيول احداث دخول جيش الاحتلال من المختارة في اتجاه محاصرة بيروت، هو الذي اسقط اتفاق 17 ايار 1983، oالذي وقعه حليفه الحالي أمين الجميل مع حكومة بيغنa وهو الذي ألحق الهزيمة بقوات سمير جعجع وايلي حبيقة ولوردات الحرب الاهلية من الانعزاليين.. ووليد جنبلاط الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع ''دروز'' فلسطينالمحتلة، هو الذي قاد حملة دعوتهم الى عدم ''التجند'' في صفوف جيشه ومؤسساته الامنية، وهو الذي لا يمل الحديث عن عروبة لبنان وامتداداتها، في نسيجه الاجتماعي والثقافي والسياسي والحضاري والتاريخي والديني. يصعب على شخصية مثل وليد جنبلاط حملت ارث كمال جنبلاط، ان يغامر بالذهاب الى الانتحار السياسي والاساءة الى كل ما شكله الدروز، وخصوصاً آل جنبلاط منذ فخر الدين المعني، قبله وبعده على السواء في اصرارهم على عدم التجاوب مع كل دعوات القطيعة مع العرب والعروبة.. كما لا يعقل ان يختار جنبلاط المعروف بحدسه السياسي القوي وقدرته على التنبؤ وقراءة المتغيرات واحتمالات هبوب العواصف ''والخبير'' في التنقل من مربع الى مربع بهدف المحافظة على حصته في ''كعكة'' الحكم، او في المعادلة السياسية، بل هو حصل للدروز على حصة ونفوذ يفوقان النسبة العددية لهم بين سكان لبنان، نقول: لا يعقل ان يختار جنبلاط اسرائيل للتنسيق أو التحالف معها فيما ابواب الرياض والقاهرة وعواصم الخليج مفتوحة امامه.. لا مصلحة لجنبلاط في الرهان على اسرائيل، التي لم تنقذ الذين تحالفوا معها، بدءاً من سمير جعجع وبشير الجميل وليس انتهاء بالجنرال انطوان لحد قائد مرتزقة، ما كان يسمى بجيش لبنان الجنوبي والذي انتهى الان مديراً لمطعم في تل ابيب اسمه مطعم ''بيبلوس''، متخصص في بيع الفول والحمص والفلافل، بل ان الاسرائيليين ينادونه علناً ''بالجنرال حمص''.. للمرء ان ''يشرّح'' وليد جنبلاط ويختلف معه ويجد فيه ما شاء من العيوب والنواقص والنرفزة والنزق والتقلب، لكن احداً يجب ان لا يقع في مطب تصديق ان وليد جنبلاط الدرزي ابن كمال جنبلاط العروبي الآدمي والمثقف المناضل، والدمث والصلب وغير المساوم على قناعاته، يمكن ان يذهب في هذا oالتوقيت بالذاتa لينسق مع اسرائيل او يتحالف معها، دون ان تغيب عيوننا عن ملابسات ما حدث خلال وبعد عدوان تموز 2006، وما دار من لغط حول دور ما لأحد قادة الحزب التقدمي الاشتراكي، وكيف بذل جنبلاط ومعظم اركان المعارضة كل ما لديهم من جهود لنفي التهم التي قيلت، وبصرف النظر ان كانوا نجحوا في ذلك أم أخفقوا.. جنبلاط لن يذهب لاسرائيل حليفاً او متعاوناً لأن خياراته وهوامش مناوراته ما تزال واسعة عربياً.. وان كان أيضاً قريباً جداً من واشنطن. عن صحيفة الرأي الاردنية 28/2/2008