منذ عام 1990 وبعد اجتياح العراق للكويت وتقسيم بعض مناطق العراق في الشمال والجنوب بخطوط طول وعرض يمنع بموجبها طيران سلاح الجو العراقي فوقها، ومن هذه المناطق المحافظات الشمالية من العراق.
ومنذ تلك الفترة عمل الساسة الكرد على قيام ما يمكن تسميته "حكم ذاتي" بزعامة قادة الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني الكردستاني والذي يترأسه الرئيس الحالي في العراق جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني رئيس ما يسمى إقليم كردستان اليوم.
ومنذ تلك الفترة والساسة الكرد يتآمرون على العراق ويثقفون أهلنا الكرد بثقافة سلبية قائمة على كراهية العرب والتشجيع على الانفصال بحجج المظلومية وتحقيق حلم الدولة الكردية التي تجمع الأكراد من الدول المجاورة للعراق ومنها تركيا وإيران وسوريا.
هذا التآمر أينع وأثمر إحتلالا حاقدا أتى على الأخضر واليابس باسم "الديمقراطية" وشاركهم في هذا التآمر ما كانت تدعى في السابق المعارضة العراقية وكأنهم لا هدف لهم إلا الوصول إلى الحكم ولو بإحتلال البلاد وتدميرها وقتل أهلها.
ومنذ عام 2003 تغلغل الساسة الكرد في مفاصل الدولة العراقية المحتلة، بعد ترتيب ما يسمى بالعملية السياسية في العراق، والتي نظمت على عين الاحتلال، وكان من حصتهم رئاسة الجمهورية ومنصب نائب رئيس الوزراء بالإضافة إلى وزارة الخارجية ووكلاء وزارة في عدد من الوزارات المفصلية ومنها الدفاع والداخلية.
وهنا نريد أن نتحدث بتجرد بعيدا عن موقفنا من الساسة الكرد، ومن العملية السياسية، فالأخوة الكرد جزء من الشعب العراقي، ومن حق الكفوء منهم أن يتبوأ أي منصب في البلاد، وهذا هو نهج القوى الوطنية الرافضة للإحتلال، حيث إنها مع تسليم البلاد بعد خروج المحتل، إلى من يختاره الشعب بعد إنتخابات حرة ونزيهة وبإشراف دولي، بغض النظر عن عرقه وطائفته، لكن المسألة المهمة هي أن الساسة الكرد في الحقيقة لهم ما يمكن تسميته مجازاً "دولة داخل دولة" أي إقليمهم في شمال العراق، فلديهم رئاسة إقليم، ووزراء ،وبرلمان ومختلف الوزارات التابعة لهذا الإقليم ،وغيرها من شكليات "الدولة".
وأيضاً فإنهم يتصرفون خلافاً للدستور الذي وقعوا عليه والذي كتبته القوى المواقة على الاوضاع في العراق بعد 2003، وخير دليل على ذلك هو الاتفاقيات النفطية الأخيرة التي ابرمتها الحكومة الكردية واعترضت عليها وزارة النفط الحالية في بغداد ، هذا بالإضافة إلى القنصليات والملحقيات الثقافية الممثلة للإقليم في شتى أرجاء العالم.
الساسة الكرد لو كانت لهم مقومات "دولة" أو إقليم حقيقية فأنا على يقين أنهم لم ولن يترددوا في إعلان الانفصال عن العراق، لكنهم على يقين أن مقومات الدولة غير متوفرة لديهم، ولهذا فهم يتقاتلون على كركوك ومدن مهمة من العراق منها أجزاء من الموصل وديالى وواسط بهدف توسيع ما يسمى "إقليم كردستان"، وهذا ما هدد به الساسة الكرد في أكثر من مناسبة.
وأنا هنا أقول للساسة الكرد إن كنتم رجالا فأعلنوا الإنفصال وسترون حينها كيف أن الشعب الكردي البطل سيلقنكم دروسا في الوطنية والتضحية على الرغم من الجرائم البشعة التي إرتكبتها قواتكم الأمنية "الآسايش" بحقهم، وهذا ما أكدته التقارير الدولية الأخيرة للمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.
الرهان الوحيد الذي نراهن عليه بعد الله سبحانه وتعالى هو الثقة بشعبنا العراقي الأصيل عربا وأكراداً، مسلمين ومسيحيين، فهم سفينة النجاة التي سترسو في النهاية على مرفأ عراق موحد ينبذ الطائفية والعرقية، ويرفض كل الخونة والعملاء.